الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رمضان فرصة لترشيد الإنفاق وتجنب «هوس الاستهلاك»

رمضان فرصة لترشيد الإنفاق وتجنب «هوس الاستهلاك»
28 يونيو 2014 15:34
أشرف جمعة (أبوظبي) تتغير خريطة الإنفاق طوال ثلاثين يوماً هي شهر رمضان الكريم، وإذا كان بعض أفراد المجتمع يعتقدون أن الميزانية يجب أن تتسع لتغطية الحالة الشرائية المجنونة التي تسيطر على العقول فإن هناك أسراً تخطط جيداً لخفض الميزانية لأن رمضان هو شهر عبادة وصيام والإقبال على الطعام يكون فيه أقل من معدلاته في الأيام العادية وفي ظل التباين الشديد بين فئات المجتمع فإن كل أسرة تتعامل مع ميزانيتها وفق ظروفها الخاصة وقناعتها الشخصية، ولا يختلف اثنان على أن شهر رمضان الكريم يحمل كل الخير للإنسان المسلم ويخفف عنه الأعباء المفروضة عليه طوال العالم وفق تعاليم الصيام وأحكامه إلا أن عملية الاقتصاد في نفقات رمضان أو الإسراف ترتبط بشكل وثيق بما اعتاده الفرد في نسق حياته. مفاهيم خاطئة حول ميزانية رمضان ومدى قدرة المجتمع العائلي على ضبط إيقاع نفقاته وفق الحالة النفسية والقدرة المادية يقول د. نجيب محفوظ أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإمارات: هناك مفاهيم خاطئة اعتادها المجتمع وينظر إليها البعض على أنها من المسلمات البديهية مثل ارتباط الكثير من الأسر بعادة زيادة الإنفاق في شهر رمضان الكريم على اعتبار أن المرء يحتاج إلى المزيد من الأطعمة والحلويات والفاكهة منذ انطلاق أذان المغرب وحتى لحظة الإمساك عند الفجر وهو ما يخالف طبيعة شهر رمضان الذي يحث المرء على أن يتوقف عن تناول الأطعمة بصورة مكثفة حتى يتعلم فضائل كثيرة إذ إنه ليس هناك أشر من ملء وعاء البطن كما ورد في السنة النبوية. سمة أساسية وقال: إن هناك عائلات تسعى بكل قوة إلى ترشيد استهلاكها خلال شهر رمضان وهو ما يجعلها تخفض ميزانيتها لعاملين الأول هو قدرتها المادية المحدودة والثاني يرتبط بعامل القناعة، وليس من الضروري أن يرتبط هذان العاملان ببعضهما لكن الخلاصة أنها تتبنى بقوة الحد من الإنفاق في الشهر الفضيل وتقنن ميزانيتها بما يتوافق مع أهدافه وهو ما يجعلها أسراً قليلة، نظراً لحالة الإسراف التي يعيشها جزء كبير من العالم رغم وجود حالات كبيرة تتسم بالفقر وعدم القدرة على العيش بشكل متكافئ، وينصح محفوظ بأن يكون الترشيد سمة أساسية في المجتمع لما له من منافع حيوية ترسخ معاني القناعة والاكتفاء بالحد المعقول من الإنفاق. دائرة الاستدانة ومن بين الذين يخططون للوصول بميزانية الشهر الكريم إلى حد مقبول غانم علي الذي يؤكد أنه استفاد من انفلاته المادي في الأعوام الماضية والذي جعله يدخل في دائرة الاستدانة في أحيان كثيرة حتى يعبر شهر رمضان بسلام ويبين أنه كان بطبعه مسرفاً ولا يجد حلاً لهذه المعضلة الحياتية التي انعكست بالسلب على أولاده إلى أن مر بضائقة مالية بسبب تركه لعمله مدة من الزمن ظل على إثرها يبحث عن آخر وصادف ذلك أحد شهور رمضان فاضطر إلى الاستدانة من أحد الأصدقاء، ويلفت إلى أنه حين فكر في تجربته المريرة قرر ألا يترك تلال الأطعمة الفائضة إلى النفايات بصورة يومية في الشهر الكريم، ويلفت إلى أنه اتفق مع زوجته على أن يرشد في هذا الشهر من رمضان ومن ثم يتخذا من هذا الترشيد ديدنهما على طول الحياة. بوفيه مفتوح ويقول سعد الكعبي إنه رغم من مكانة شهر رمضان الدينية والرسائل المعنوية والروحية، التي يحملها إلى كل مسلم فإنه لا يستطيع أن يقبض يده عن الإنفاق الذي ينفجر خلال الثلاثين يوماً ويرى أن بيته الذي يعد «بوفيهاً مفتوحاً» للزائريــن من الأصــدقاء يثقل كاهله، مما يجعله يفاجأ بأنه أنفق مبلغاً كبيراً. ويشير إلى أنه لن يستطيع أن يرشد الإنفاق ولا يمكنه ذلك لأن بيته أصبح محطة للجميع من الأقارب والجيران والأصدقاء. ويوضح أنه على الرغم من أنه لا يضجر أبداً من كثافة الزوار بشكل يومي فإنه يشعر بالألم للأطعمة التي تذهب بعد صلاة الفجر إلى صناديق المهملات والتي تكفي لإطعام عدد كبير من الناس وتبلـغ تكلفتها ملايين الدراهم. أطعمة وحلويات ويعترف إبراهيم شوكت بأنه يعد رمضان شهر الإنفاق بجدارة لكون المرء لا يستطيع أن يكبح جماح نفسه التي تتوق إلى أن ترى على المائدة ألوان مختلفة من الأطعمة وأصناف شتى من الحلويات سواء التي تصنعها الأيدي الماهرة في المحال المتخصصة لهذا الغرض أو التي تصنع في البيت. ويشير إلى أنه في رمضان لا يمكن أن يعتمد المرء ميزانية معينة ويقول في نفسي سوف أيسر حاجاتي على مقتضاها، نظراً لأن هناك أشياء أصبحت تميز شهر رمضان عن السابق مثل الخيم الرمضانية الكبيرة والأندية التي تستقطب الصائمين في السهرات الليلية ويؤكد أنه مع عدم فرض ميزانية على الأسرة في هذا الشهر المبارك. يعتقد علي الشحي أن تزامن الفترة الصيفية مع شهر رمضان الكريم سيحرم العديد من الأسر من عملية الحد من الإنفاق في هذه الأيام، فضلاً عن أنه شخصياً يؤمن بالمقولة التي يتداولها الناس مع قدوم شهر رمضان وهي «في رمضان كريم»، ويرى أنها لكي تتحقق يجب أن يكون المرء غير ممسك في رمضان وأن يبسط يده كل البسط في هذه الأيام المباركة التي يجب ألا يتقيد فيها الناس بميزانية معينة. موضوعية الإنفاق يقول أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإمارات الدكتور نجيب محفوظ: هناك جزء آخر من أفراد المجتمع له منظور آخر من عملية الإنفاق بغزارة على الموائد الرمضانية، معللاً هذه النظرة بأنها تتوافق مع طبيعة كرم الإنسان الداخلي ورغبته في أن يكون الطعام بأصنافه المختلفة موجوداً داخل البيت ليستمتع به أفراد الأسرة ومن ثم يجد الضيف فيه كل ما يشتهي من الأطعمة التي لها نكهتها الخاصة في رمضان، ويؤكد محفوظ أن مثل هذا الاعتقاد يشوبه الكثير من عدم الموضوعية فالكرم شيء والإسراف شيء آخر، فإكرام الضيف من النخوة العربية وهو أمر محمود، لكن يجب ألا يكون مدعاة إلى الإنفاق بشكل مبالغ فيه طوال الشهر الكريم فهو أمر غير محبب حتى ولو كان الفرد من أصحاب الدخول المرتفعة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©