الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الملف الأسود لـ «القرضاوي» في مصر

الملف الأسود لـ «القرضاوي» في مصر
30 سبتمبر 2017 16:37
أحمد مراد (القاهرة) في التاسع من سبتمبر عام 1926، ولد الشيخ يوسف عبد الله القرضاوي في قرية صفط تراب التابعة لمركز المحلة الكبرى بمحافظة الغربية، وفي سنة 1961 هاجر إلى قطر، وعمل في البداية مديراً للمعهد الديني الثانوي، وفي عام 1977 تولى تأسيس وعمادة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر، واستمر في موقعه حتى عام 1990، وبعد سنوات طويلة قضاها في الدوحة حصل على الجنسية القطرية. منذ سنوات شبابه الأولى، التحق القرضاوي بصفوف تنظيم الإخوان الإرهابي، ومع مرور الوقت أصبح من أبرز قيادات التنظيم الإرهابي، ولاسيما بعد سفره إلى الدوحة، حيث كان يحضر لقاءات التنظيم العالمي للإخوان كممثل للجماعة في قطر، وحالياً يعد مُنظر الجماعة الأول. في أعقاب اندلاع احتجاجات وأحداث 25 يناير عام 2011 في مصر، سارع القرضاوي إلى مساندة الأصوات الداعية إلى إسقاط نظام الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، وبعد تنازل مبارك عن الحكم عاد القرضاوي إلى مصر، وألقى خطبة الجمعة في ميدان التحرير، والتي حضرها الآلاف من أنصار تنظيم الإخوان الإرهابي. وعندما وصل الإخوان إلى سدة الحكم بعد فوز الرئيس المعزول محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 2012، رحب القرضاوي بتولي الإخوان حكم مصر، ووصفهم بـ «الجماعة الإسلامية الوسطية المنشودة» ــ حسب زعمه ــ واعتبر مشروع مؤسس الإخوان حسن البنا بمثابة المشروع السني الذي يحتاج إلى تفعيل، وفي أكثر من مرة في لقاءاته وخطبه وتصريحات كان يزعم أن الإخوان هم أفضل مجموعات الشعب المصري بسلوكهم وأخلاقياتهم وفكرهم وأكثرهم استقامة ونقاء. وفي أعقاب الإطاحة بحكم تنظيم الإخوان الإرهابي بعد ثورة 30 يونيو، أصدر القرضاوي مجموعة من الفتاوى التحريضية التي تحرض على العنف في سبيل عودة المخلوع مرسي إلى كرسي الحكم، ففي أول رد فعل له على عزل مرسي في 3 يوليو 2013، وصف القرضاوي تدخل الجيش المصري لعزل محمد مرسي بأنه ينافي الشرعية والديمقراطية، وأصدر القرضاوي فتوى تحث على مساندة الرئيس المخلوع، داعياً وزير الدفاع المصري وقتها الفريق أول عبد الفتاح السيسي ومن معه إلى الانسحاب حفاظاً على الشرعية والديموقراطية. وجاء في نص الفتوى التي نشرها الموقع الرسمي للقرضاوي: أنادي كل الأحزاب والقوى السياسية في مصر، أن يقفوا وقفة رجل واحد، لنصرة الحق، وإعادة الرئيس مرسي إلى مكانه الشرعي. وزعم أن من استعان بهم الفريق السيسي لا يمثلون الشعب المصري، بل جزء قليل منه، مشيراً إلى أن شيخ الأزهر الشيخ أحمد الطيب مخطئ في تأييده الخروج على الرئيس الشرعي للبلاد، وهو مخالف لإجماع الأمة، ولم يستند في موقفه إلى قرآن ولا إلى سنة، بل كل القرآن والسنة مع الرئيس مرسي، مؤكداً أن الشرع الإسلامي يوجب على كل من آمن به ورجع إليه طاعة الرئيس. ومع اندلاع العمليات الإرهابية التي أعقبت الإطاحة بحكم تنظيم الإخوان الإرهابي، أصدر القرضاوي عدة فتاوى أخرى تحرض على العنف والقتال ضد الجيش المصري، وأفتى في إحدى هذه الفتاوى بجواز قتل جنود وضباط الجيش في مصر، وخاطب أنصار الإخوان من الإرهابيين بقوله: «اقتلوهم أينما وجدتموهم»، مؤكداً أن الجهادي الذي يفجر نفسه في الجيوش الظالمة ــ يقصد الجيش المصري ــ شهيد في سبيل الله. وفي فتوى أخرى غريبة الشأن، حرم القرضاوي على الشباب المصري التجنيد في صفوف الجيش المصري، مؤكداً أن الانضمام والتجنيد في صفوف الجيش المصري غير جائز شرعاً، زاعماً أن الجيش المصري يقوم بقتل الأبرياء في سيناء، في إشارة إلى الجماعات الإرهابية التي يقوم الجيش المصري بمحاربتها في سيناء. وعندما قررت الحكومة المصرية فض اعتصام أنصار تنظيم الإخوان الإرهابي في ميدان رابعة العدوية بالقاهرة في 14 أغسطس 2013، سارع القرضاوي إلى مهاجمة هذا القرار، وخرج يوم فض اعتصام رابعة عبر قناة الجزيرة ليزعم بأن ما حدث «مجازر» ضد من وصفهم بمعتصمين لم يتسببوا بأذى لأي أحد بحسب زعمه. وعبر فيديو حرض القرضاوي على الانتقام من الجيش والشرطة المصرية رداً على فض اعتصام رابعة، مؤكداً أن من قام بهذا هو النظام العسكري الذي فرض نفسه على المصريين ونقض عهد الله من بعد ميثاقه وقطع ما أمر الله به أن يوصل، هذا النظام الذي عزل الرئيس المصري الذي انتخبه المصريون بإرادته الحرة. وبعد فض الاعتصام بيومين، دعا القرضاوي أنصار الإخوان إلى التظاهر في جمعة غضب، وزعم أن إسرائيل لم تفعل ما فعلوا، في إشارة لفض اعتصام رابعة والنهضة. وقال: سينتقم الله من هؤلاء العسكر، ووصف الجنود المصريين بأنهم مضللون، وأن قياداتهم ملأت عقولهم بأفكار سوداء غير حقيقية، ودعا لتدخل المنظمات الدولية، بما فيها جامعة الدول العربية للوقوف ضد النظام المصري. وفي فيديو شهير خاطب أنصار الإخوان قائلًا: يجب الخروج ضد جنود الجيش المصري، ودعا أنصار الجماعة إلى نيل الشهادة ضد جنود مصر. وفي ذكرى ثورة 25 يناير الرابعة حث القرضاوي، عناصر جماعة الإخوان الإرهابية على الخروج والتظاهر ضد مصر وجيشها وشرطتها، وطالب عبر مقطع فيديو، شباب الإخوان وأنصارهم بالنزول في الميادين والشوارع ضد النظام الحاكم في مصر، وإحداث حالة من الفوضى والعنف. وزعم القرضاوي أن التظاهر الآن في مصر هو فرض عين، داعياً المسؤولين في العالم سواء من العرب أو على المستوى الإقليمي أو العالمي للتدخل في مصر لوقف ما سماه بـ «جرائم العسكر». وفي الانتخابات الرئاسية عام 2014، والذي تنافس فيها المشير عبدالفتاح السيسي مع السياسي حمدين صباحي، أصدر القرضاوي فتوى تحرم المشاركة في هذه الانتخابات. وفي تقرير نشره معهد واشنطن، وأعده «ديفيد شينكر»، مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن، أوضح أن القرضاوي حاول منذ فترة بعيدة أن ينصب نفسه ممثلا للتيار الإسلامي الوسطي المعتدل، ولكن في السنوات الأخيرة، ولاسيما بعد الإطاحة بحكم تنظيم الإخوان الإرهابي في مصر، اتسمت آراء القرضاوي بشأن مصر بالاستفزاز والتسبب في الانقسام على نحو غير معهود، وهو الأمر الذي جعل نائبه في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، عالم الدين الموريتاني عبد الله بن بيه إلى أن يستقيل من منصبه وسط مزاعم بأن السبب هو وجود خلافات حول آراء القرضاوي بشأن مصر وسوريا. وقال «ديفيد شينكر» في تقريره: كان من المفهوم أن يصاب القرضاوي بالصدمة جراء خطوة الجيش المصري في 3 يوليو 2013 بعزل الرئيس مرسي،حيث أصدر فتاوى تؤيد أعمال العنف من أجل إعادة الرئيس المصري المعزول إلى منصبه، فبعد أيام من الإطاحة بمرسي، أصدر القرضاوي فتوى قال فيها: حرام على مصر أن تفعل هذا، فليس وراء ذلك إلا مقت الله ونكاله. وبعد ذلك أصدر فتوى أخرى يدعو فيها المسلمين من جميع أنحاء العالم إلى السعي للشهادة في مصر، مضيفاً: سوف يسألكم الله يوم القيامة عما رأيتموه من هذه المجازر الإنسانية. وأضاف تقرير «ديفيد شينكر»: في يوم فض اعتصام رابعة ألقى القرضاوي بياناً مطولاً على قناة الجزيرة، يشجع فيه المصريين على الخروج إلى الشوارع ومواجهة الجيش، ووصف القرضاوي ذلك بـ «فرض العين» بأن يخرج كل مصري مسلم قادر من بيته، وأضاف القرضاوي أن وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي والحكومة المصرية متورطون في هذه المجازر، وسيسألون أمام الله عما فعلوا. ومنذ ذلك الحين، يبرر القرضاوي تحريضه على العنف ضد الجيش المصري بأن الجيش ومؤيديه من المصريين من «الخوارج». وتابع تقرير معهد واشنطن:لا يعد إعلان القرضاوي الجهاد من أجل إعادة مرسي إلى الرئاسة الموقف الوحيد الذي يدعو إلى القتال في مخالفة لموقف معظم المصريين، حيث يضع دفاع القرضاوي المتحمس عن حركة حماس، الفرع الفلسطيني من جماعة الإخوان، الشيخ المصري بعيداً عن الإجماع السائد في مصر في الوقت الحالي، ففي السنوات الأخيرة، اتخذ الجيش المصري خطوات من أجل تشديد الرقابة على الحدود مع غزة من أجل منع تسلل الأسلحة وعناصر من حماس ومقاتلين أجانب ينتمون إلى تنظيم القاعدة إلى شبه جزيرة سيناء، وتلقى جهود إغلاق الحدود مع غزة وتأمين سيناء قبولا في القاهرة إن لم يكن بين سكان سيناء، وقد تعرض مئات من قوات الأمن المصرية للقتل أو الإصابة في السنوات الأخيرة في سيناء، وفي الوقت ذاته، يعارض تنظيم الإخوان الإرهابي والقرضاوي جهود إعادة الأمن إلى سيناء أملا في الاستفادة من العنف الدائر من أجل الحصول على تنازلات سياسية لصالح الإسلاميين. وأكد «ديفيد شينكر» في تقريره أن الإرهابيين يعملون على زعزعة استقرار مصر بتحريض من القرضاوي ودعواته إلى الجهاد،ومن المؤسف أن الحراك الذي يشجعه القرضاوي هو محاولة يائسة لإعادة الإخوان إلى السلطة، وعلى الرغم من أن العنف لن يحقق في النهاية هذا الهدف، فإنه يسبب كثيراً من الضرر لمصر ويقوض أي فرصة للمصالحة بين الإسلاميين المهزومين والجيش، وبغض النظر عن كل ذلك يبدو أن القرضاوي وجماعة الإخوان وصلوا إلى نتيجة أنه قد يكون من الضروري تدمير مصر من أجل إنقاذها. إمام التطرف والإرهاب أضاع دينه ووطنه تعليقاً على الملف الأسود لـ «القرضاوي» في مصر، أوضح القيادي الإخواني المنشق، د. ثروت الخرباوي، أن القرضاوي ظهر في السنوات الأخيرة بصورته الحقيقية كأكبر مفتي للشر، فقد كنا نظن عبر سنوات مضت أن هذا الشيخ هو رائد التنوير والاعتدال، فإذا به إمام التطرف والإرهاب، حيث قدم مصالح جماعته على مصلحة الدين، وعلى مصلحة أمته، فأصبحت الجماعة عنده فوق الدين وفوق الوطن، وأصبحت الدولارات هي السيد الذي يرتجى رضاه، فبئس ذلك الشيخ الذي أضاع دينه ويسعى إلى إضاعة وطنه. وقال الخرباوي: القرضاوي لا ينظر إلا لمصلحة جماعته الإرهابية، فأفتى سابقاً بتحريم مقاطعة الانتخابات الرئاسية في 2014، وقال وهو يحشد أسباب فتواه: إننا يجب أن ننظر أولا وقبل كل شيء لمصلحة الأمة، والانتخابات لن تخرجنا من حالة الفوضى التي تعيش فيها البلاد، وستضعنا أمام نظام يسوس أمور البلاد، لذا يجب أن نقاطعها والذي سيشارك فيها تصويتاً سيأثم. وكان سبب فتواه أنها ستنهي تماماً شرعية النظام الإخواني السابق. وأضاف الخرباوي: ومن أجل الشرعية المزعومة يجيز مفتي الدماء القرضاوي استمرار حالة الفوضى في البلاد، حتى ولو ترتب عليها إسقاط الدولة نفسها، حتى لو ترتب عليها سفك الدماء وسلب الأموال وتخريب البلاد، فلا ينبغي أن تكون هناك انتخابات نعرف منها ما يريده الشعب، لأن ما يريده الإخوان يناقض إرادة الشعب، هذا المنطق النفعي الشخصي لا يجب أن يكون سنداً للمفتي، وإلا إذا كان قد فهم القاعدة الشرعية «حيثما وجدت المصلحة فثم شرع الله» على أنها حيثما وجدت مصلحة الإخوان فثم شرع الله، وإلا إذا كان قد فهم أيضاً القاعدة الشرعية «دفع الضرر مقدم على جلب المنفعة» على أنها «دفع الضرر عن جماعة الإخوان مقدم على جلب المصلحة للأمة»،ومن أجل الدولارات التي ستضاف إلى حساباته البنكية يفتي القرضاوي بشرعية ما تقوم به داعش، بل ويصرح بأن زعيم داعش ينتمي إلى جماعة الإخوان في تلميح منه بأن الإخوان من الممكن أن يعلنوا تحالفاً علنياً مع داعش، ومن أجل دنيا القرضاوي يصدر الفتاوى الواحدة تلو الأخرى ضد الجيش المصري. وتابع الخرباوي: ومن رحمة الله بنا أن كشف لنا تلك الوجوه ذات الأنياب الدموية قبل أن تموت، ولا أظن أن الله قد كشفهم إلا لأنهم تاجروا بالله وتلاعبوا بدينه، يا شيخ قرضاوي ترفق بطريق آخرتك فلا تجعله وعراً، وابحث عن إرضاء الله وحده. الجدير بالذكر أن القرضاوي متهم في قضايا جنائية عدة في مصر، حيث تم إدراجه على قوائم الترقب والوصول والإنتربول الدولي في ديسمبر 2014، وقد اختصمت الدعوى التي حملت رقم 69188 لسنة 67 قضائية، كلا من رئيس الوزراء، ووزير الداخلية وآخرين، بصفتهم، للمطالبة بإسقاط الجنسية عن القرضاوي، وفي يونيو 2015، حكم عليه بالإعدام في قضية «اقتحام السجون» التي وقعت عقب ثورة 25 يناير، حيث شارك بالتخطيط والتحريض على تهريب قيادات الإخوان من السجون خلال يوم جمعة الغضب. ظلم نفسه المحلل والخبير السياسي، د. وحيد عبد المجيد، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فقال: الشيخ القرضاوي ظلم نفسه وأساء إلى تاريخه عندما دافع عن تنظيم الإخوان الظالم، وتطرف في دفاعه هذا إلى حد أن هان عليه وطنه، وهو لم يلتزم في موقفه هذا بالحديث النبوي الشريف الذي يحثه على أن يردها عن ظلمها حين كانت في السلطة، وهو مستمر في ظلمه إياها عبر تشجيعها على التمادي في خطاياها، بدلا من أن يحث شبابها على إجراء مراجعات جادة سعياً إلى تصحيح مسار اصطدم بحائط مسدود ثلاث مرات في تاريخ الجماعة.  
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©