الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الديمقراطيون» بعد فوز ترامب

12 نوفمبر 2016 22:09
ائتلاف «الديمقراطيين» الصاعدين لم يصعد. والناخبون المنحدرون من أميركا الجنوبية (الهسبانك) لم يهيمنوا. والناخبون السود لم يحققوا النجاح. والبيض في الريف ومن الطبقة العاملة تخلوا عن الحزب بالجملة. والحزب «الديمقراطي» يعتمد على الرئاسة، وبدونها فإن الحزب المتعدد الأعراق والطبقات والمدافع عن البيئة في القرن الحادي والعشرين سيدخل عام 2017 مطموسا متعلقا بولاية كاليفورنيا كما لو أنها حكومة في المنفى. هذا بعد أن وقعت واشنطن في يد خصم سياسي هو الحزب «الجمهوري» الذي كان حاله عليه حتى عام 2014 وربما يثبت مع مرور الأيام أنه شيء لم تر الديمقراطية الأميركية مثله من قبل. ودون الفرع التنفيذي من الحكومة أي الإدارة الأميركية أو أحد مجلسي الكونجرس، تقطعت السبل بـ«الديمقراطيين» وسيظلون دون طريق محتمل ينقلهم إلى السلطة قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة. واحتمالات فوزهم في مجلس الشيوخ عام 2018 ضعيفة. ولا أحد يعلم ما الذي يمكن أن تنتجه سياسات دونالد ترامب بحلول ذاك الوقت. والمؤسسات الأميركية و«وول ستريت» والشركات تنتابها نوبة عصبية الآن والأسواق في حالة هياج. لكن يمكن تهدئتها جزئيا على الأقل بالتصريحات الملائمة التي يعرف الرئيس دونالد ترامب ما يكفي منها ليتفوه به. والأعمال الاقتصادية ستدافع عن نفسها لكنها لن تدافع عن «الديمقراطيين». وتعالت الأصوات في الحزب «الديمقراطي» بأن الرجال البيض من الطبقة العاملة كان مصدرا قيما لا يستطيع «الديمقراطيون» تحمل مغبة التفريط فيه وأن يومهم الموعود سيأتي. وسيظهر التقاذف بالاتهامات. لكن الجدل سيقضي عليه الخوف الشديد الذي يواجهه «الديمقراطيون» بسبب ترقب ما تحمله لهم رئاسة ترامب والحزب «الجمهوري» الذي، بصرف النظر عما قاله أعضاؤه الأسبوع الماضي، سيكون مستعدا للاذعان لتعليمات ترامب مهما كان من أمرها. وسواء كان هذا من حسنات «الديمقراطيين» أو من سيئاتهم، فإنهم واقعون في أسر النواة التي غذوها وهم الناخبون من غير البيض والبيض الليبراليين من أصحاب التعليم الجامعي. ولم يتضح بعد كيف يعتمدون على هذه القاعدة الانتخابية في الوقت الحالي لكنهم سيضطرون إلى حشدها. والخوف يسري بالفعل وسط هذه الجماعات الانتخابية. فالأقليات العرقية والنساء الليبراليات خائفون من ترامب والثقافة البغيضة التي أطلق العنان لها. والمثليون جنسيا يخشون من نائبه. وجميعهم يخاف من المحكمة العليا التي احتجزها «الجمهوريين» حتى يأتي ترامب كما لو أنها طاولة في زاوية بمطعم مفضل. واتضح إذن أن الفئات السكانية التي تؤيد «الديمقراطيين» ليست قوة كافية. ويتعين على «الديمقراطيين» أن يبذلوا جهداً أكبر بدلاً من أن ينتظروا الزمن ليأت لهم بملايين الناخبين الجدد. ويتعين عليهم أن يتبنوا الديمقراطية المباشرة، لأن الديمقراطية النيابية أصبحت باباً مغلقاً. و«حزب الشاي» يمثل نموذجاً يمكن احتذاؤه. لقد سمح هذا الحزب للغضب والخوف لدى فئه معينة من الجمهور أن يخرجا في قنوات سياسية غير عنيفة. وجعل صوت الناس الذين يشعرون أن بلادهم تتنكر لهم مسموعا. ووفر قاعدة شعبية للعمل الانتخابي. وخلق ساحة لقيادة جديدة ليدعم نفسه. والواقع أن «حزب الشاي» تجاوز الحدود وأي تقليد «ديمقراطي» له سيغامر بالوقوع في الخطأ نفسه. وأتيحت لحزب الشاي فرصة وجود خصم، وهو باراك أوباما، كان واضحاً وصريحاً بشأن أهدافه. ويستطيع «حزب الشاي» أن يحدد هويته وينظم سياساته على أساس المعارضة فقط، فلا صفة أوضح في ترامب من صفة عدم الوضوح. وسوف نسمع كثيرا في الأيام التالية صوت السناتوريْن: بيرني ساندرز و«اليزابيث وارين». ويتعين عليهما أن يفتحا آذانهما للقضايا التي يستطيعان التعاون فيها بدلا من تلك التي يختلفان فيها. ويتعين على الحزب الديمقراطي أن يعيد تحديد هوية جذور طبقاته. ومن المرجح أن يتألق نجم السيناتور «وارين» باعتبارها أكثر الأصوات فعالية. وفي نهاية المطاف علينا أن نقر أن عصر آل كلينتون وكل ما يمثله قد ولى. وهذا عصر جديد في السياسة الأميركية أصعب من أن يتحدوه. وقد كنت أكثر الأشخاص خطأ في تقدير مدى اتساع الدعم الذي يحظى به ترامب في أمة ما زالت تتمتع بالرخاء. إن رجالاً غلاظاً سيلعبون لعبة خشنة في واشنطن. ودونالد ترامب الذي لا يمكن توقع أفعاله سيحكم البلاد فيما يبدو. والسياسة الأميركية توشك أن تصبح بلا رحمة للغاية. ويتعين على «الديمقراطيين» أن يصنعوا حظهم بدلاً من أن ينتظروا من شرائح الناخبين من الفئات السكانية أن تجلب لهم هذا الحظ. * كاتب أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©