الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأطفال يسهرون حتى الصباح على المقاهي من أجل كأس العالم

الأطفال يسهرون حتى الصباح على المقاهي من أجل كأس العالم
27 يونيو 2014 01:43
منير رحومة (دبي) صحيح أن كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى في العالم، وتجذب مبارياتها الكبير والصغير، خاصة إذا ما تعلق الأمر ببطولة كاس العالم، التي تقام مرة كل أربع سنوات، ويشارك فيها نخبة من أفضل منتخبات العالم، المدججة بنجوم ومشاهير الساحرة المستديرة، إلا أن «حمى المونديال» ظلت لسنوات طويلة مرتبطة بالأجواء التي تعيشها الملاعب والأماكن العامة بالنسبة للكبار والبيوت بالنسبة للأسر والأطفال. ومع بروز ظاهرة تشفير المباريات وارتفاع قيمة الاشتراك بالنسبة فئة كبيرة من المجتمعات العربية، برزت بعض الظواهر الغريبة في مجتمعاتنا، والتي بدأت تطل برأسها خاصة خلال كأس العالم الحالية المقامة بالبرازيل، حيث شاهدنا تواجد الكثير من الأطفال في المقاهي، والأماكن العامة التي تعرض مباريات المونديال برفقة أولياء أمورهم، وذلك في مشهد غير معتاد على مجتمعاتنا، وكل ذلك من أجل عيون كرة القدم والنجوم العالميين. ومع تزامن مونديال البرازيل 2014 مع انتهاء الامتحانات الدراسية ودخول التلاميذ في إجازة الصيف، لم ير بعض أولياء الأمور مانعا في اصطحاب أبنائهم إلى المقاهي، معللين ذلك بأنه لا خوف عليهم طالما أن الأب موجود، وأن الحضور يقتصر فقط على مشاهدة المباراة ثم مغادرة المكان، بينما نبه باحثون اجتماعيون من خطورة هذه الظاهرة التي من شأنها أن تقدم رسائل سلبية للطفل قد تكون سببا في تغير سلوكه وفهمه للأمور في المستقبل، معتبرين أن كاس العالم ليس عذرا لحضور الأطفال بالمقاهي حتى لو تعذر على صغار السن مشاهدة المباريات في بيوتهم. تبريرات وخلال جولتنا ببعض المقاهي وحديثنا مع بعض الآباء الذين يصطحبون أبناءهم لمشاهدة مباريات كاس العالم في هذه الأماكن، تنوعت الإجابات والتبريرات، وكلها تصب في إطار أن الوالد يحكم السيطرة على الموضوع، وأن المسالة لا تستدعي القلق المبالغ فيه. وأوضح توفيق محمد، الذي يرافق ابنيه إلى المقهى بأنه اختار مكانا غير مخصص للتدخين، وبعيدا عن ضوضاء الكبار و«الشيشة»، حفاظا على صحة أولاده وحتى لا يطلعهم على السلوك السيئ المتعلق بالتدخين. وأضاف أنه اختار مقهى يقع في مركز تسوق، لأن توقيت المباريات، التي تبدأ في الثامنة مساء يكون متزامنا مع فترة تسوق الأسرة، خاصة مع اقتراب شهر رمضان، وما يرافقه من شراء أغراض العيد مبكرا، مؤكدا أنه غير متعود على مرافقة أبنائه إلى المقاهي في الأيام العادية وأن كأس العالم أمر استثنائي خاصة أمام تشفير المباريات. وبدوره أكد سمير القاضي أن مرافقة ابنه إلى المقهى كان بسبب إلحاحه على مشاهدة مباراة الأرجنتين، ومتابعة نجمه المفضل ميسي، مشيرا إلى أن تشفير المباريات وغلاء السعر المحدد للاشتراك دفعاه لذلك، حيث يحضر قبل انطلاقة المباراة بدقائق ويغادر المقهى مباشرة مع صافرة النهاية، وبالتالي فإن الأمر يقتصر على مشاهدة المباراة فقط. وأستبعد أن يتأثر ابنه ببعض المشاهد والسلوكيات، التي يقوم بها الكبار، معللا ذلك بأن مشاهدة مباراة أو اثنتين لا يمكن أن يؤثر في سلوك طفل. أما عبدالله المحياني، فأكد أن مشاهدة المباريات برفقة أبنائه في المقهى أمر فرضته الظروف لأنه متواجد في إجازة رفقة أسرته، ويتابع بعض لقاءات كأس العالم خلال تسوقه بمراكز التسوق، معتبرا أن توقيت المباريات لا يسمح بالعودة إلى الفندق لمشاهدة المونديال. واعترف المحياني بأن تواجد الأطفال بالمقاهي سلوك غير صحيح، لكنه علل ذلك بأن أطفاله يشاهدون عددا قليلا من المباريات التي يشجعون منتخباتها. ظاهرة مرفوضة من جانبه اعتبر الباحث الاجتماعي راشد المهيري أن تواجد الأطفال بالمقاهي والأماكن العامة المخصصة للكبار ظاهرة تطرح العديد من علامات الاستفهام وتدعو إلى وقفة حقيقية من أولياء الأمور لمراجعة الأمر، نظرا لما تمثله من خطورة حقيقية برغم أن انعكاساتها ليست مباشرة. وتساءل المهيري عن الرسالة السلوكية التي ستصل للطفل من تواجده في أماكن مخصصة للكبار، خاصة وأن المقاهي مخصصة للمدخنين، وتظهر فيها السجائر والأرجيلة، بالإضافة إلى مسالة السهر لأن مباريات كأس العالم تبدأ في الثامنة مساء وتتواصل حتى فجر اليوم الثاني. وأضاف أن المشكلة تكمن في ازدواجية وتناقض أسلوب التربية في البيوت، حيث نلاحظ انضباطا أيام الدراسة من خلال النوم المبكر للأطفال، ومتابعة حياتهم بدقة على عكس أيام الإجازات، خاصة في العطلة الصيفية، فنلاحظ نوعا من التسيب، حيث يسمح الأولياء لأطفالهم بالسهر والخروج في أوقات مختلفة وبعض السلوكيات الأخرى. وفيما يتعلق بمشاهدة المباريات خلال كاس العالم ومدى تعرض الطفل إلى تأثير سلبي على الرغم من تبريرات الآباء، أكد أن التواجد ولو كان يقتصر على فترة مشاهدة المباراة فقط، فإن تواجد الطفل في حد ذاته بمكان مخصص للكبار أمر خاطئ، لأن الكلام والنقاش والتصرف سيكون مختلفا عن حياة وسلوك الأطفال، وبالتالي تبرز إشكالية القدوة في الكلام أو التصرف مما قد يحدث تشوشا لدى الطفل في هذا المفهوم. وبالنسبة للعائلات المضطرة إلى ذلك في ظل تشفير المباريات وتعلق أبنائهم الشديد بالكرة، نصح الباحث الاجتماعي راشد المهيري أولياء الأمور بإيجاد التوازن بين الإيجاب والسلب سواء بالبحث عن أماكن مخصصة لغير المدخنين تسمح على الأقل بالجلوس وعدم مشاهدة الأطفال لمظاهر التدخين وسلوكيات المدخنين، والسعي أيضا إلى تقديم رسائل إيجابية للأطفال في تعليق الوالد على السلوكيات التي قد يشاهدها الطفل في المقهى، ناصحا بتفادي مرافقة الأبناء إلى الإمكان المخصصة للكبار في توقيت متأخر لأن كرة القدم ليست ضرورة حياتية وفي ظل تطور التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي بالإمكان مشاهدة المباراة في اليوم الثاني أو مشاهدة ملخصات. وختم المهيري كلامه مطالبا الجميع بعدم المرور على هذه الظاهرة مرور الكرام، والحرص على مناقشة أسباب تواجد الأطفال في المقاهي لإيجاد الحلول المناسبة، والتي تحفظ أطفالنا وتقيهم من أية سلوكيات سلبية تؤثر في بناء شخصيته وتكوينهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©