الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انشقاقات الجيش السوري... وتنامي إحباطات «النخبة»

انشقاقات الجيش السوري... وتنامي إحباطات «النخبة»
15 يناير 2013 21:51
كارول موريلو أنطاكيا - تركيا لخمسة أشهر ظل الضابط العسكري السوري يحمل في جيب بذلته العسكرية “ذاكرة محمولة” (ميموري ستيك) مكتظة بصور العائلة، منتظراً الفرصة للانشقاق. وعندما حانت تلك اللحظة في أواخر ديسمبر الماضي، ذهب العميد الركن محمد حسون إلى منزله في حلب لتناول وجبة الغداء، وهي الفترة الوحيدة في اليوم التي يقول إنه يعلم أنه لن يكون مراقَباً من قبل عملاء المخابرات الذين يحاولون وقف موجة انشقاقات تجتاح الجيش السوري. ومثلما حكى في مقابلة معه، ودع حسون عائلته بسرعة في اتجاه، ثم ارتدى معطفاً قديماً ونظارات شمسية واستقل حافلة عمومية ذاهباً في اتجاه آخر. وبعد عشرة أيام على ذلك، التحق بزوجته وأبنائه الثلاثة في تركيا، تاركا وراءه حياة يسر وامتيازات ولكن بدون ندم على التخلي عن مؤسسة خدمها لـ31 عاماً. ويقول حسون، 49 عاماً: “لقد كنت أعتقد أن الجيش وُجد من أجل محاربة أعداء أجانب، وليس استهداف المدنيين”. ما يبدو أنه عدد متزايد من الانشقاقات من قبل ضباط كبار في المخابرات والشرطة والجيش يشير إلى أن الحملة الحكومية الوحشية لسحق الانتفاضة التي اندلعت قبل 22 شهراً بدأت تُضعف المعنويات في صفوف بعض من أفراد نخبة المجتمع السوري. ورغم أن بعض الضباط بقوا في سوريا ويقاتلون إلى جانب الجيش السوري الحر، فإن الحكومة التركية أنشأت مخيماً منفصلاً للضباط المنشقين، وترفض الكشف عن عدد الضباط الذين تأويهم، سواء في المخيم أو في منازل خاصة عبر البلد. كما أنه لا يُسمح للصحفيين بدخول المخيم الذي يخضع لحراسة مشددة، ما يجعل من الصعب معرفة ما إن كانت الانشقاقات تعكس استياء متزايداً من سير الحرب، التي تقدر الأمم المتحدة أنها أسفرت عن مقتل أكثر من 60 ألف سوري، أو إدراكاً بأن الثوار يمكن أن يهزموا القوات الحكومية. غير أن لا أحد من السوريين تقريباً يقول إن الانشقاقات تشير إلى أن الحرب ستنتهي قريباً أو قبل أن يموت مزيد من السوريين. ذلك أنه على الرغم من أن الجيش السوري أُضعف، إلا أنه مازال يمثل قوة مهيبة وفق التقارير المتوافرة. وفي هذا السياق، يقول حسون، الذي درَّس الهندسة في أكاديمية الأسد العسكرية لنحو ألف طالب في حلب، خلال مقابلة معه في إحدى مقاهي أنطاكيا: “أعتقد أن الأمر سيستغرق أكثر من ستة أشهر لأن جيش النظام قوي ومدرب جيداً، ولديه مقاتلات ودبابات”. ويقول “حسون” إنه حين كان في طريقه إلى تركيا التقى بجنود من الجيش السوري الحر مسلحين بالبنادق فقط، مضيفاً “إن النظام يستطيع أن يقتل عدداً أكبر بضربة جوية واحدة مقارنة مع ما يستطيع أن يفعله الجيش السوري الحر من خلال العديد من الهجمات”. ورغم أن هذه شهادة رجل واحد فقط، فإن قرار حسون الانشقاق، والأخطار التي ينطوي عليها ذلك، تساعد على تفسير لماذا لم يحذ عدد أكبر حذوه. “حسون” قال إنه أمضى حياته في الجيش، حيث دخل أكاديمية حلب عندما كان في سن الثامنة عشرة. وقال إنه كان متفائلاً في عام 2000 عندما أصبح بشار الأسد رئيساً حيث كان يأمل أن يكون وصول ابن الرئيس السابق حافظ الأسد إلى السلطة بداية عهد من الإصلاحات للمجتمع والجيش. غير أن الانتفاضة كان مقلقة جداً للضباط العسكريين. فقد تعرض المحتجون في قرية “حسون” لإطلاق النار والاعتقالات. وتم توقيف شقيقه. ولوقت طويل لم يخبره أحد بأي شيء إذ يقول: “إنهم لم يراعوا أنني ضابط”، مضيفاً “لقد استغرق الأمر ثلاثة أشهر قبل أن أعلم أنه في السجن”. أكبر أبناء حسون، وهو طالب جامعي، كان مع المحتجين. وذات يوم عاد الابن إلى المنزل وقميصه مضرج بالدماء جراء جروح أصيب بها زميل محتج، ولكنه انتزع من والدته وعداً بألا تخبر والده. ولم يعلم حسون بذلك إلا عندما وصلت الأسرة إلى تركيا. ظل حسون يعتقد أن استهداف المدنيين سيتوقف تدريجياً، وأنه لا يستطيع تحمل أن يكون جزءاً من جيش يلقي القنابل على مواطنيه. ولكن بدلاً من ذلك، ازداد الوضع سوءاً حيث هاجم الجيش مدينة حلب في يوليو الماضي. ويقول “حسون” في هذا الصدد: “لقد وقفت هناك، ومن بعيد كنت أستطيع رؤية الطائرات وهي تقصف القرى”، مضيفاً “ولكن كجندي وكضابط في الجيش، ليس هذا هو ما تدربنا على القيام به”. من سنواته في حلب، عرف “حسون” العديد من الأشخاص الذين شاركوا في الانتفاضة، مضيفاً أنه لم يكن يعتبرهم “إرهابيين”، مثلما تسميهم الحكومة. ويقول “حسون” إنه كان يعرف أن قراره مغادرة سوريا كان خطيراً. وحين سئل عن ماذا كان سيحدث في حال اكتشفت مخططاته، قام بحركة حيث ضربت يده اليمنى الطاولة بقوة. وقال إنه بعد انشقاق بعض الضباط، تم توقيف عائلاتهم الممتدة كلها. “وهذا هو السبب الرئيسي لعدم قيام عدد أكبر من الضباط بذلك”، كما يقول. ومع اقتراب عيد ميلاده الخمسين، تلف حياة “حسون” حالة من عدم اليقين. فهو لا يعرف ما إن كان منزله مازال قائماً، أو متى يستطيع العودة إلى سوريا، أو ما سيفعله إذا استُبدلت الحكومة. ولكنه متأكد من شيء واحد إذ يقول: “لم أكن أخدم الحكومة؛ بل كنت أخدم بلدي. ولذلك، فإن ضميري مرتاح”. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©