الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ليبيا الثورة: فوضى وجرائم بلا عقاب

ليبيا الثورة: فوضى وجرائم بلا عقاب
11 يونيو 2012
الدم يتدفق من رأسه مشكلاً بركة على الأرضية الإسمنتية. وقبل دقائق على ذلك، كان الرجل قد جُرد من ثيابه ما عدا الملابس الداخلية وهو يتوسل لجلاديه. في البداية، صفعه الثوار الليبيون السابقون من مدينة زوارة الساحلية على وجهه، متهمين إياه بأنه مخبر للقذافي. وبعد ذلك، ازداد الضرب تبريحاً فانهار الرجل، أحمد سلال، ويداه ممدودتان فوق رأسه. المشهد الذي سجل على هاتف خلوي، ينتهي بصورة تُظهر سلال، وهو جندي ليبي اختُطف من أحد الأسواق في شهر ديسمبر الماضي، ملقياً لا يتحرك، لكنه كان لا يزال على قيد الحياة. الانتقام هو القانون الجديد للبلاد في ليبيا. عمليات الإعدام الفورية، والاعتقالات التعسفية، وأعمال التعذيب، والاعتقال إلى ما لا نهاية... كلها أشياء ظهرت في ليبيا في وقت مازال فيه نظامها القضائي بحالة شلل. والنتيجة، كما تقول منظمات حقوقية، هي بيئة من الإفلات من العقاب. وفي بلد كانت اللحظة المفصلية في ثورته هي ما بدا في أكتوبر الماضي، إعداماً للقذافي في الأسر، وهي جريمة حرب محتملة لم يعاقَب عليها أحدٌ، تكونت الكثير من السوابق الخطيرة. النشطاء الحقوقيون يشيرون إلى أنه إذا كان من يشتبه في أنهم أنصار للزعيم الليبي السابق يتعرضون للاعتقال، فإن الثوار السابقين الذين ارتكبوا انتهاكات وتجاوزات معروفة وموثقة على نحو متزايد، ما زالوا طلقاء يتنقلون بحرية. وتعليقاً على هذا الموضوع، قالت حسيبة صحراوي من منظمة العفو الدولية في بيان صدر في أبريل الماضي، إنه لابد أن تقوم الحكومة الانتقالية بـ"التحقيق في كل الانتهاكات ومتابعة المسؤولين من كل الأطراف، وفقاً للقانون الدولي"، مضيفةً: "حينها فقط ستستطيع ليبيا الشروع في طي صفحة عقود من انتهاكات حقوق الإنسان". غير أن المشكلة هي ما إن كان القانون سيطبق بشكل متساو بالنسبة للفصائل الموالية للقذافي والفصائل المناوئة له. لأنه إذا لم يتم ذلك، فإن خطر الغضب والانتقام العنيف يزداد في بلاد مبتلية أصلاً بأعمال العنف، ومن ذلك القنبلة التي انفجرت يوم الأربعاء الماضي بالقرب من جدار القنصلية الأميركية في مدينة بنغازي الواقعة بشرق البلاد، والسيطرة القصيرة في وقت سابق من هذا الأسبوع لإحدى الميليشيات الغاضبة على مطار طرابلس الدولي. وآفاق إخماد الأعمال الانتقامية ليست جيدة حيث منح قانون مثير للجدل تم تمريره الشهر الماضي حصانة عن "الأعمال العسكرية أو الأمنية أو المدنية التي تم القيام بها من قبل الثوار بهدف ضمان نجاح الثورة". لذلك، فإن بعض المحللين يخشون أن تنزلق ليبيا إلى نزاع يشبه ذلك الذي كان موجوداً في لبنان قبل عقود، لكن بأبعاد قبلية وليس طائفية. هذا في حين يتصور آخرون بلداً تهزه سلسلة من الاضطرابات العنيفة، وهي تمرين في التنفيس عن المشاعر في وقت تسعى فيه كل منطقة إلى معالجة معاناتها. الميليشيات المسلحة تسليحاً ثقيلاً، والتي تعجز السلطات المؤقتة عن كبحها، مازالت تضايق من تتصورهم أعداء. وقلة قليلة تعتقد أن قوات الأمن ستكون قادرة على ضمان سلامة المدعى عليهم، والشهود، والمحامين، والقضاة... لاسيما في القضايا المشحونة عاطفياً أو المسيسة جداً، عندما يصبح النظام القضائي جاهزاً للانطلاق. وبالقطع فإن سلسلة الانفجارات التي وقعت في السابع والعشرين من أبريل الماضي أمام محكمة بنغازي، لم تساهم في تبديد تلك المخاوف. الموقف ممن كان مرشحاً ذات يوم لخلافة القذافي، وهو ابنه سيف الإسلام، يعكس المشكلة. ذلك أن المحكمة الجنائية الدولية ترغب في تسلمه ومحاكمته في لاهاي، لكن الحكومة الانتقالية تصر على محاكمته في ليبيا، غير أنها مازالت غير قادرة على تخليصه من الحجز في المعقل السابق لثوار مدينة الزنتان، والتي يريد مسؤولوها محاكمته فيها. وفي غضون ذلك، مازال سيف الإسلام و8 آلاف معتقل آخر، محتجزين بدون إشراف قضائي، منسيين مهملين، ومذنبين إلى أن تثبت براءتهم! وفي هذا الإطار، يرى ويليام لورانس، مدير قسم شمال أفريقيا بمجموعة الأزمات الدولية، أن التهديد الرئيسي لاستقرار ليبيا هو النزاعات محلية المستوى في وقت تسعى فيه المناطق إلى الدفاع عن مصالحها ورؤية تطبيق العدالة إذ يقول في هذا الصدد: "إنه جزء من بحث الربيع العربي عن الكرامة... وفي تقديري، فإن هذا سيستمر خلال المستقبل المنظور "، قبل أن يضيف: "السبب الرئيسي لعدم متابعة الميليشيات (الثوار) هو أنه لا يمكن متابعتهم، إذ ليس هناك عدداً كافياً من قوات الأمن، أو حتى للشروع في هذه العملية". ويعتقد لورانس أن الحكومة المؤقتة عالقة بين واقع الاضطرار إلى الانخراط مع موظفي نظام القذافي السابقين، والذين يمتلكون تدريباً عالياً وتجربة كبيرة في أمور الحكامة، ووعودها بمحاسبة كل من لديه دم على يديه، إذ يقول: "إن إيجاد توازن صحيح للعدالة الانتقالية أمر مهم جداً، مثلما هو في مصر وتونس ودول أخرى من بلدان الربيع العربي". وأضاف لورانس: "في الواقع، من الصعب جداً إيجاد التوازن الصحيح. وإذا تم ذلك على نحو غير صحيح، فإن اتباع هذا النوع من العدالة الانتقالية بطريقة فيها حماس مفرط يمكن أن يؤدي إلى مطاردة الساحرات، وهو أمر لا يصب في مصلحة أحد". جلِن جونسون طرابلس ، ليبيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©