الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مسلمو قبرص يفطرون على أطباق المقبلات و«المازة»

مسلمو قبرص يفطرون على أطباق المقبلات و«المازة»
6 سبتمبر 2010 23:04
لرمضان في قبرص طعم مميز عن سائر أوروبا، حيث تعد قبرص جزيرة للوئام والتسامح، بحكم موقعها الجغرافي الذي كان جسرا للتفاعل بين الحضارتين الإسلامية والمسيحية، ومختبرا حقيقيا لصدق وفاعلية العلاقات بين الديانات المختلفة. ففي كل شهر رمضان جديد من كل عام، تطرح هذه المعاني السامية مرة أخرى لتكون نبراسا لأشهر العام الأخرى، حيث تتجسد الأمسيات الرمضانية الجميلة في قبرص وبخاصة في أشهر الصيف التي تعج أيضا بالحركة السياحية، فيبدو وكأن الناس جميعاً مسلمين ومسيحيين يتحركون للاستمتاع بالجو الدافئ والذي يزداد حميمية لدى ارتياد أحد المطاعم العربية أو الشرقية المتوفرة في مدن قبرص الرئيسية. تعتبر قبرص أقرب دولة من دول الاتحاد الأوروبي إلى الشرق العربي والإسلامي، وهي صلة الوصل بين الشرق والغرب، خاصة أن الشعب القبرصي شرقي في ملامحه وعاداته وتاريخه وفي الوقت نفسه فإنه مندمج إلى حد بعيد في الحياة العصرية وكأنه يجمع بين الأمرين بكل يسر. ولعل هذه الخلفية التاريخية والثقافية، كما يؤكد هراج كل سحاكيان، مدير التسويق في منظمة السياحة القبرصية بمكتب الشرق الأوسط في دبي، هي ما يفسر وجود أعداد ملحوظة من الجاليات الإسلامية في قبرص كالأتراك (وهم جزء من التركيبة السكانية يبلغ عددهم حوالي 18% من سكان الجزيرة عامة) بالإضافة إلى الفلسطينيين والمصريين واللبنانيين، وهو الأمر الذي يعطي للشهر الفضيل في قبرص نكهة خاصة، حيث يتحول رمضان إلى فرصة للتقارب بين المسلمين الذين يؤمّون المساجد الموجودة في المدن الرئيسية مثل “المسجد العمري” في نيقوسيا العاصمة و”مسجد لارنكا الكبير” ومسجدي “ليماسول وبافوس”. أطباق عربية وتتردد أصداء المؤذنين في العاصمة ليفكوسيا (نيقوسيا)، خاصة تلك التي تأتي من وراء الخط الأخضر وهو الخط الفاصل بين قسمي (ليفكوسيا اليوناني والتركي). وتم تأهيل بعض مناطق مدينة ليفكوسيا القديمة والتي أصبحت معروفة بساكنيها من الدول الإسلامية، منهم الطلاب والتجار والمهنيون، فافتتحت المطاعم العربية والإسلامية التي تقدم اللحم الحلال والمأكولات الشرقية والتي أساساً لا تختلف كثيراً عن الأطباق القبرصية، حيث إن من المعروف عن المائدة القبرصية أنها تجمع بين المذاقين اللبناني واليوناني مع إضافات محلية، خاصة في أطباق المقبلات، وتقوم بعض محال بيع اللحوم الحلال بتوريد اللحم إلى عدد من الفنادق القبرصية التي أدخلت الأطباق العربية في بعض قوائم أطعمتها. تاريخياً أيضا تشتهر مدينة “لارنكا”، حيث يقع المطار الدولي الجديد، بجامع يدعى “تكية هالة سلطان” أو “أم حرم” نسبة لإحدى قريبات الرسول (صلى الله عليه وسلم)، إذ تم تشييد الجامع في الموقع الذي يقال إن “أم حرم” قد سقطت من على ظهر الدابة وتوفيت، وقد تم ترميم “تكية هالة سلطان” والمنطقة المحيطة بها من قبل الحكومة القبرصية في عام 2005، ويقع الجامع على بحيرة صغيرة مالحة وتحوطه أشجار النخيل الوارفة مضفية طابعاً روحانياً إلى الموقع، والبحيرة تعد مقصداً للطيور الموسمية المهاجرة، بينها الفلامينجو. طابع متوسطي تشتهر المائدة القبرصية بطابعها المتوسطي، وهي عامرة بأصناف عديدة من المأكولات البحرية، وتنتشر فيها المطاعم المتخصصة بتقديم هذه المأكولات في مختلف المناطق، وقد يندهش المرء حقا عندما يجد العديد من الأطباق القبرصية التقليدية تشبه الأطباق العربية، لا سيما اللبنانية والسورية منها، حيث يمكن أن تتذوق في قبرص العديد من الأطباق التي قد يبدو بعضها مألوفا، والبعض الآخر قد يبدو غريبا بعض الشيء، كما أن الطابع السياحي للبلاد يوفر تشكيلات أخرى من المطاعم ذات الطابع العالمي التي تلبي جميع الأذواق، حيث تنتشر في قبرص المطاعم اللبنانية والإيطالية والمكسيكية والصينية وغيرها. ويعتمد المطبخ القبرصي على عناصر مستمدة من التاريخ الغني والمديد لجزيرة قبرص باعتبارها بقعة للتطور الحضاري على مرّ العصور، والوجبة التقليدية القبرصية هي “المازة” أي مزيج من المأكولات المتعددة التي تشمل طبق “الموساكا” و”تافاس” و”كوبيبيا” (ورق العنب المحشي) و”تالاتوري” و”الطحيني”، بالإضافة إلى الطبق الشعبي الرئيسي المعروف باسم “كلفتكو”. وإلى جانب نضارة وطزاجة المواد الداخلة في تركيب الطبق القبرصي، تعتبر المقبلات (المسمى محلياً “مازا” تصغيراً لكلمة “ميزيديس”) العامل الآخر المهم في الضيافة القبرصية، وعادة ما تتألف هذه المقبلات من حوالي ثلاثين طبقاً صغيراً من المأكولات المؤلفة من سائر الخضروات واللحوم والأسماك، ويستطيع المرء أن يختار بين المقبلات المعتمدة على اللحوم أو تلك المعتمدة على الأسماك، وتؤلف المقبلات القبرصية عادة الجزء الأكبر من الوجبة الرئيسية ذاتها، ويمكن عدها كطبق رئيسي مقسم إلى أجزاء مختلفة. ومن الأطباق الأخرى تشتهر السلطة اليونانية الريفية “خورياتيكي سالاتا” المعمولة باستخدام الطماطم والخسّ والفلفل وجبنة “فيتا” والزيتون الأخضر والأعشاب المحلية، وطبق “موساكا/ المسقعة”، وهو مؤلف من اللحم المفروم والباذنجان المغطى بطبقة من صلصة البيشاميل الدسم، وهناك طبق “سوفلاكيا” وهو يتألف من كباب مصنوع من لحم الضأن أو الدجاج، وطبق “كوبيبيا” المكون من أوراق عنب محشوة باللحم المفروم والأرز، و”حلومي” وهي جبنة تقدم مشوية، وتستخرج عادة من من حليب الغنم ويتم تتبيلها أحياناً بالنعناع. وتتألف خاتمة الوجبة القبرصية تقليدياً من فواكه طازجة قد تقدّم لوحدها أو مصحوبة بمجموعة من المعجنات الحلوة المذاق أو الفواكه المحفوظة في عصائر مركزة.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©