الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

43 ألف حالة سرطان تقرع أجراس الخطر في الجزائر

43 ألف حالة سرطان تقرع أجراس الخطر في الجزائر
11 يونيو 2012
وجَّه الأطباء المختصون بمكافحة السرطان وجمعيات المرضى، تحذيراً من إمكانية وفاة عشرات الآلاف من الجزائريين سنوياً بالسرطان إذا لم تتحسن ظروف علاجه، وتُفتح المزيد من مراكز العلاج وتزوّد بأحدث الأجهزة الطبية، لمكافحة المرض ولتخفيف الضغط على المركز الوطني لمكافحة السرطان «بيار وماري كوري» بالجزائر العاصمة وستة مراكز جهوية أخرى، وسارعت الوزارة إلى فتح مصحتين متطورتين مؤخرا، مع الوعد بفتح المزيد قريباً. حسين محمد (الجزائر) - سجلت الجزائر في عام 2011 تصاعداً كبيرا لمختلف أنواع السرطانات بالبلد، حيث بلغت 43 ألف حالة، منها 19 ألف للرجال و22 ألف للنساء، مع احتساب ألف طفل أيضاً من الجنسين، مقابل 40 ألف حالة في 2010، أي بزيادة 3 آلاف حالة جديدة. وكان عدد الحالات في الثمانينيات لا يزيد عن 20 ألف حالة سرطان سنوياً، ثم انتقلت إلى 30 ألف حالة سنوياً في بداية التسعينيات وبلغت نحو 35 ألف حالة في السنوات الأخيرة من التسعينيات وبداية الألفية الجديدة. تصاعد مقلق يتوقع وزير الصحة جمال ولد عباس أن يسجل البلد 4 إلى 5 آلاف حالة إضافية جديدة في السنة الجارية، وقال في مؤتمر عُقد مؤخراً لدراسة تفاقم سرطان الجهاز الهضمي إنه «يتوقع بلوغ 47 إلى 48 ألف حالة سرطان في 2012». واستند في توقعه إلى أن الوزارة ستعزز هذه السنة تطبيق نظام الكشف المبكر عن المرض، ما يسمح بكشف آلاف الحالات الجديدة ومعالجتها في الوقت المناسب قصد تعزيز فرص نجاة المرضى وشفائهم، وأضاف أن «رقم الـ 40 ألفاً الذي يُعلن عنه سنوياً لا يعكس الحقيقة في ظل غياب الكشف المبكر والذي يحظى بأهمية كبيرة من حيث أنه يسمح بالتكفل بالمريض في الوقت المناسب». ودعا إلى «إعداد برنامج للوقاية والكشف والتشخيص المبكر قصد تقديم علاج فعال». ويأتي سرطان الرئة في مقدمة أكثر أنواع السرطان شيوعاً بالنسبة للرجال بسبب التدخين وهذا بـ15 ألف حالة سنوياً، يليه سرطان القولون والجهاز الهضمي ثم البروتستات الذي «شهد انتشارا واسعاً في السنوات الأخيرة»؛ بحسب البروفيسور كمال بوزيد، رئيس مصلحة العلاج الكيميائي بالمركز الوطني لمكافحة السرطان، بينما يأتي سرطان الثدي في مقدمة السرطانات التي تصيب المرأة بـ10 آلاف حالة سنوياً مع فتكه بأرواح 10 جزائريات يومياً، يليه سرطان عنق الرحم بـ3 آلاف حالة حيث يقتل أربع جزائريات يومياً، ثم الجهاز الهضمي والمرارة. وتعزو الأخصائية نجية شيبان ذلك إلى «حبوب منع الحمل والحبوب المساعدة على الحمل، والتي تؤثر بشكل مباشر على هرمونات المرأة وتفضي إلى إصابتها بالمرض الخبيث». وتذكر أسباباً أخرى لمختلف أنواع السرطان ومنها الوراثة بـ10 بالمائة، والقلق والإفراط في تناول المواد الدسمة والأغذية غير الصحية، ونقص النشاط البدني والانقطاع عن ممارسة الرياضة، والتدخين والخمر والمخدرات وتفاقم التلوث. وتعتقد شيبان أن ما يقال عن المواد المعلبة «مجرد فرضيات»، إلا أن الدكتور عوامري نذير لا يوافقها الرأي حيث يؤكد أن «الملوِّنات الغذائية والمواد الحافظة للمعلّبات من أكثر الأسباب المؤدية إلى الإصابة بالسرطان». ويدعو خبراء جزائريون إلى العودة إلى حياتهم الغذائية التقليدية التي كانت سائدة في العقود الماضية، والكف عن الانجرار الأعمى وراء الأكلات السريعة والمعلبة والمحفوظة التي أفضت إلى غزو السرطان حتى للأرياف التي لم تكن تعرفه قبل عقدين فقط من الآن. ظروف علاج صعبة تملك الجزائر مركز «بيار ماري كوري»، الذي يستقبل عشرات آلاف حالات السرطان سنوياً، لاسيما وأن الخدمات الطبية التي يقدمها أحسن بكثير من الخدمات التي تقدمها ستة مراكز أخرى جهوية في مناطق متفرقة بالبلد، وقد بُني المركز سنة 1959، وكان يقدم خدمات نوعية في العقود الماضية لقلة عدد المرضى، أما الآن وقد تضاعفوا وأصبحت الجزائر تسجل أكثر من 43 ألف حالة كل سنة، فقد أصبح المركزُ عاجزاً عن التكفل بكل الحالات وأصبح طاقمه الصحي يطالب بفتح العديد من المراكز المماثلة في مختلف أنحاء البلد، لاسيما بعد أن أصبحت أجهزة العلاج بالأشعة تتعطل كل مرة بسبب إفراطها في العمل. إلى ذلك، يقول البروفيسور محمد عفيان، رئيس مصلحة العلاج بالأشعة في مركز ماري موري «لدينا جهازان يعملان 17 ساعة يومياً، وهما يعملان فوق طاقتهما، لا بد من فتح مراكز عديدة بمختلف أنحاء الجزائر وتزويدها بأحدث الأجهزة الطبية لتخفيف الضغط علينا من جهة وتخفيف معاناة المرضى وتقريب العلاج إليهم من جهة أخرى عوض أن يقطعوا مئات الكيلومترات لبلوغ هذا المركز في كل مرة». وأدى الوضع إلى بقاء آلاف المرضى دون علاج بالأشعة بعد تلقيهم العلاج الكيماوي، ما يعرِّض حالاتهم للانتكاس مجددا، في هذا الصدد، تقول حميدة قطاب، رئيسة جمعية «الأمل» لمرضى السرطان «أكثر من 28 ألف مريض من بين الـ 43 ألفاً الذين يتلقون مختلف أنواع العلاج من السرطان، يحتاجون إلى العلاج بالأشعة لمكافحة بقايا الخلايا السرطانية والقضاء عليها قبل أن تنتقل إلى مناطق أخرى من الجسم ويتعذر بعدها إنقاذ المريض من الهلاك الحتمي، لكن المشكلة أن 8 آلاف فقط منهم يحالفهم الحظ في تلقي الأشعة بسبب شدة الطلب بينما يبقى 20 ألف مريض معرضين للموت باستثناء بعض الأغنياء الذين يستطيعون السفر إلى الخارج لتلقي هذا النوع من العلاج على حسابهم». مخططٌ طموح ناشدت جمعية «الأمل» والأطباء المختصون وزارة الصحة الإسراع بإنجاز المزيد من مراكز العلاج الكبرى بمختلف أنحاء الجزائر لتخفيف الضغط على مركز «بيار وماري كوري» بالجزائر العاصمة وإنقاذ آلاف المرضى، وسارعت الوزارة إلى تزويد ستة مراكز جهوية بالمزيد من الأجهزة في الأشهر السبعة الأخيرة، كما قامت في مايو الماضي بفتح مركزين كبيرين بولايتي باتنة (467 كلم شرق الجزائر)، وبسكرة (512 كلم جنوب شرق الجزائر)، وهذا لتوفير العلاج لمرضى سبع مدن على الأقل، علماً أن مركز بسكرة خاص بالمصابات بسرطان الثدي، ومركز باتنة يحتوي على عدة مصالح ومنها مصلحة لزرع النخاع الشوكي وأخرى للطب النووي، وهو الأول من نوعه في أفريقيا، وأعلن وزير الصحة ولد عباس بالمناسبة، قائلا «سنعمم هذا النوع من العلاج تدريجياً على كل أنحاء الجزائر حتى يتمكن كل المواطنين من الحصول على علاج بالمواصفات النوعية نفسها» ليضع بذلك الوزير حدا للانتقادات التي كانت تنهال على الوزارة بسبب تركيزها على تزويد مركز «بيار وماري كوري» بأحدث الأجهزة والأدوية وطرق العلاج وإهمال المراكز الجهوية الأخرى. وأكد الوزير فتح 22 مركزاً كبيراً لمكافحة السرطان قبل نهاية 2014 بمختلف جهات الجزائر في «إطار المخطط الوطني لمكافحة المرض، والذي أشادت به منظمة الصحة العالمية واعتبرته أنموذجاً يُحتذى به في إفريقيا والشرق الأوسط». وأعلن أيضاً عن «فتح مصالح عبر كل الولايات الجزائرية الـ48 للتكفل بمرضى السرطان وتنصيب خلايا لضبط مواعيد لهم في المستشفيات الكبرى، إلى جانب تخصيص 5 مروحيات وكذا 3 طائرات صغيرة لنقل مرضى الجنوب الجزائري، أي الصحراء، إلى المستشفيات الكبرى للعلاج»، علماً أن الإشعاعات النووية الناجمة عن تفجير 17 قنبلة نووية فرنسية بالصحراء الجزائرية بين سنوات 1961 و1967 لا تزال تسبب الكثير من حالات السرطان وأمراض أخرى لسكان المنطقة من «الطوارق». ويُبدي الجزائريون ارتياحاً كبيراً لهذا المخطط الطموح، لاسيما وأنه سيتيح للمصابين منهم بالمرض الخبيث، العلاجََ غير بعيد عن مقارّ إقامتهم بعد عامين على الأكثر من الآن، عوض قطع مئات الكيلومترات، أو حتى قطع 1700 إلى 2500 كلم للعلاج في عاصمة البلد كما هو الحال بالنسبة لـ «الطوارق» الآن.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©