الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإعلام الإلكتروني العربي.. تعريف فضفاض ونقص في الخبرات

الإعلام الإلكتروني العربي.. تعريف فضفاض ونقص في الخبرات
19 يناير 2014 22:49
أبوظبي (الاتحاد) - لا يزال الإعلام الإلكتروني العربي يعاني من مشاكل وصعوبات شتى، تشمل تعريف الإعلام ورؤية المعنيين له، من أكاديميين ومسؤولين إعلاميين وأرباب عمل، كما تشمل سوق العمل ومعاناة العاملين الجدد فيه، فيما يتساءل كثيرون عن مدى كفاية أو قصور طرق تدريسهم وتدريبهم على فنون هذا الإعلام، الذي يشهد يومياً مستجدات تقنية جديدة. في نقاش بين متخصصين في هذا المجال، انتقد سلمان مغربي، وهو مطور محتوى إنترنت وصحفي ومدرب ومدير إعلام اجتماعي، ما سماه «غير المختصين» للصحافة الإلكترونية، التي أصبحت تتضمن «مادة ملوثة للنظر واللغة»، حيث أضحت محاو?ت إصابة نسب مشاهدة عالية تسيء إلى مستواها. وشدد مغربي على أهمية العمل في بناء على أسس ومبادئ ومعايير الصحافة. آراء مختصين بدوره اعتبر إبراهيم داوود، وهو مدرّب صحافة استقصائية ومراسل وحائز «جائزة الصحافة السلام»، من برنامج الأمم المتحدة ومؤسسة وكالة الصحافة الفرنسية، أن معظم ما يتم نشره في الصحافة الإلكترونية هو «مواد غير صالحة وتحتاج إلى تأهيل»، داعيا الصحفيين «الإلكترونيين» إلى تطوير قدراتهم، ومطالباً أصحاب المؤسسات بالاستماع لما يُقال بشأن هذه الصحافة تمهيداً لمعالجة الثغرات والانتقادات. في النقاش نفسه، الذي جرى على موقع «تويتر»، وشارك فيه محرّر هذه الصفحة، تقول الإعلامية والمدونة ماجدة أبي فاضل، مديرة مبنر «إعلام بلا حدود» في لبنان، لإن من الصحافة الإلكترونية «ما هو ممتاز ويضاهي ويتفوق على الصحافة التقليدية»، وتعتبر أن «العولمة تتطلب إعادة تأهيل وتحسين أداء ومواكبة العصر وتطوير قدرات عبر المنصات الإعلامية». وكثيرة الأسباب التي تؤدي إلى استمرار رمي الصحافة الإلكترونية العربية بالاتهامات رغم مضي أكثر من 15 سنة على بدء مسيرتها من دون أن تسجل حتى الآن اختراقات واضحة للصحافة التقليدية على الرغم من الضعف الذي أصاب الأخيرة. وبالإجمال يمكن القول إن سوق الصحافة الإلكترونية في أزمة هوية وأزمة غياب تنظيم مهني وتنظيم مؤسساتي على الرغم من بدء ظهور بعض التشريعات والنصوص في منطقتنا. ويمكن تلمس بعض جوانب هذه الأزمة من خلال ما يتسرب بين الحين والآخر إلى العلن، ولكن معظم الجوانب الباقية تبقى في انتظار معالجات أكثر مسؤولية من مجرد التعاطي الإعلامي السريع معها. ومؤخراً ظهرت إلى السطح مشكلة عدم دفع رواتب أكثر من عشرين صحفياً عاملين في أحد المواقع. سبق ذلك الأنباء المتواترة عن صرف صحفيين من مواقع مؤسسات معروفة. وإذا كانت مثل هذه الإجراءات تعسفية أو قانونية، إلا أنها حدثت في ظل غياب جهة مهنية مرجعية تضمن التعاطي السليم في مثل هذه الظروف وتداعياتها. وعندما أدان البعض مثل هذه الإجراءات كان من أهم ما طالب به هو مناشدة نقابات أو جمعيات الصحفيين بالتحرك والدفاع عن حقوق العالمين في الصحافة الإلكترونية. وهذا بذاته يشكل واحداً مع وجوه مشكلة الصحافة الإلكترونية، وهو عدم الاعتراف المهني الكامل بها حتى الآن. خلط كبير في جانب آخر، كثيراً ما يقع المرء على تقارير تتضمن شكاوى خريجي الإعلام الإلكتروني عموماً من ضياعهم في سوق العمل، بل أكثر من ذلك، إذ يتحدث أصحاب هذه الشكاوى عن عدم معرفة الكثيرين بمفهوم التخصص، ولاسيما أرباب العمل الذي يخلطون بين الإعلام الإلكتروني وبين تقنية المعلومات أو التصميم، في حين يفترض بخريج الإعلام الإلكتروني أن يملك المهارات العامة والأساسية في مجال الإعلام عامة ولاسيما تخصص الإعلام الإلكتروني. ويبرز الغموض حول المفهوم. وبينما يعتبر البعض أن الإعلام الإلكتروني يدمج الإعلام بالتكنولوجيا يتحدث مشروع «الاتحاد الدولي للإعلام الإلكتروني-يونيم» عن قطاعات الإعلام الإلكتروني «بأشكاله وأنواعه المتعددة، وهى المواقع الإلكترونية الإعلامية على شبكة الإنترنت»، معدداً الصحافة الإلكترونية، التي تشمل خدمات النشر الصحفي عبر مواقع على الشبكة، والإذاعة الإلكترونية والتليفزيون الإلكتروني، وخدمات الأرشيف الإلكتروني. والإعلانات الإلكترونية وخدمات البث عبر الهاتف الجوال»، بل «وجميع أشكال الإنتاج والإبداع الفكري والثقافي والأدبي والفنون التشكيلية والمهارات، رسم، مسرحيات، قصص، قصائد إلخ». هذا التوسع الفضفاض في التعريف، (والاختصاصات والصلاحيات) ساعد بدوره على عدم الاعتراف الكامل بالإعلام الإلكتروني وبخريجيه، لأنه لا يثبت مواصفاته ومهاراته الأساسية، ولا سوق عمله الرئيسي. ولاشك أن هذه المشكلة وصلت إلى الذين يخرجون طلاباً في اختصاص أسمه إعلام أو صحافة إلكترونية، لكن يلقى صدى وعوائق تمنع تقدمه في السوق. والأمر لا يقتصر على مدربين أو ناشطين في الإعلام الجديد، بل يقر به بعض مدرسي هذا المقرر في بعض الجامعات العربية. خطوات عملية لا يمكن التغاضي عن حقيقة أن الإعلام الإلكتروني، وفي القلب منه الصحافة الإلكترونية تصبح يوماً بعد يوم واقعاً فعلياً مهما تغير الاسم أو مصطلح التخصص، كما لا يمكن التهرب من حقيقة أن ممارسات الصحافة الإلكترونية ستصبح أكثر نُضجاً مع الوقت، وفي الكليات ومدارس الصحافة، وكذلك ستتقبّل المؤسسات خريجي هذا التخصص أكثر فأكثر بل قد يكون أهم مواصفات وشروط القبول للعمل بها. وحتى يتم ذلك ولأجل الإسراع لابد من عدة خطوات منها: ? تنشيط التسويق للتخصص نفسه ليكون أكثر فهماً لدى المؤسسات الإعلامية ولدى عموم الشركات التي تحتاج لكثير من خريجي هذا التخصص، سواء لتشغيل مواقعها أو للتعامل مع وسائل الإعلام الرقمي الأخرى، أو حتى مع وسائل الإعلام التقليدي. ? توضيح محتوى التخصص ومنهاجه، بشكل حاسم لا يترك لُبساً لدى المعنيين في وسائل الإعلام والصحف وعموم الشركات أن الصحفي «الإلكتروني» يعرف في الأساس مهارات الصحفي التقليدي يُضاف إليها مهارات أخرى، تكنولوجيا وكتابية وميدانية. ? تصحيح الصورة الذهنية التي يتركها بعض المبتدئين في الصحافة الإلكترونية، وذلك عبر إكسابهم ما يكفي من التدريب لتطوير مهاراتهم وتحديثها باستمرار، إلى جانب تنظيم أمور هؤلاء العاملين المهنية والعمالية. ? اهتمام مكثف من أصحاب المواقع والمؤسسات الإخبارية الإلكترونية بمعالجة الانطباعات السلبية الناشئة عن معظم سياساتها الحالية في الحصول على المحتوى ونشره، إذ غالباً ما يتم ذلك عبر النقل، وبدون تحديد دقيق للمصادر، وبطرق عرض مكررة ومماثلة.. باختصار إنها سياسات الانتاج السريع وقليل الكلفة، وربما في كل شيء، بما فيها كلفة العاملين الصحفيين والبحث عن الإنتاج الرخيص. ? ثمة خيار آخر ومطلب مهم، وهو ضرورة التمييز بكل السبل بين المواقع والمنصات المهنية الصحفية وبين المواقع، التي تتعاطى بعض العمل الصحفي من باب الهواية أو الفضول. المعنى الدقيق تؤكد الأستاذ المساعد بشعبة الإعلام الإلكتروني في جامعة البحرين أماني الحلواجي أن هناك الكثير من الناس وحتى بعض المختصين في المجال الإعلامي العام ممن لا يفهمون المعنى الدقيق للإعلام الإلكتروني، معربة عن أسفها لأن هناك شركاء في الحقل العلمي العام «ولا يفهمون جيداً الخصوصية التي تميز الإعلام الإلكتروني»، مشيرة إلى أن هناك من ينظر للإعلام الإلكتروني نظرة محدودة تتعلق ببرامج التصميم فقط وتقتصر على الناحية الجمالية والتقنية، وهذه نظرة سطحية تدل على الجهل وعدم مواكبة آخر المستجدات في حقل الإعلام، فيما هو أيضاً مجال غني ومتفرد من الناحية النظرية الإعلامية الرصينة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©