الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«التميس» أكثر من غذاء وأشهى من ألف طبق

«التميس» أكثر من غذاء وأشهى من ألف طبق
5 سبتمبر 2010 23:22
وجهه المستدير أشبه بالبدر المضاء أو بقرص الشمس المتوهج في صباح يوم مشرق. يأتينا نضراً ساعة الإفطار ويخمد حالة الجوع لدينا في كل الأوقات. هو الخبز، ذلك الإنجاز العظيم الذي طورته البشرية على مدى آلاف السنين، والقوت الوحيد الذي تجتمع عليه الشعوب كافة. ومهما تعددت مسمياته وتشكلت عجينته، يبقى الأكثر شعبية في أي وجبة أو حتى وليمة. ومن بين أصناف الخبز التي ينسب كل منها إلى بلد المنشأ، لا نبالغ بالقول بأن الخبز الباكستاني إن حل ضيفاً هذه الأيام على مائدة رمضان، كان له الترحيب الأكبر وكانت له حصة الأسد. كيف لا ورائحته الفواحة تشق القلب وملمسه ساخناً يفتح الشهية لوليمة ليس من السهل إعلان حالة الشبع منها. وهو وإن كان على مدار السنة قوت البسطاء من العمال، غير أنه بتألقه الدائم وحمرة وجنتيه، يجذب إليه مختلف الطبقات. وبمجرد الإتيان على ذكره يسيل اللعاب شوقاً لطعمه، وكل ذلك من فرط لذته ومن حالة الانسجام المتبادل التي يبثها في أي وقت وفي أي مكان. هذا الرغيف الأقرب إلى الوجبة الشعبية، يعرف باسم “التميس” ويتكون من مواد بسيطة ولا يتجاوز سعره درهما واحداً. ومع ذلك، فإن طريقة تحضيره معقدة، تمر في عدة مراحل وتتطلب أكثر من عامل بين عجان وقطاع وفران. التركيبة الأولية للطبخة لا تتطلب أكثر من طحين وماء وملح، مع قليل من الخميرة. لكن العبرة في ضبط المقادير وخفة الأيادي وهي تخلط وتعجن ثم تمد على قطعة من الخشب وتلوح إلى حين موعد الخبز. ومن الضروري لإنجاح المهمة الاهتمام بكل مرحلة على حدة. أولاً ترك العجينة تتماسك وتستريح لمدة أقلها نصف ساعة، ثم فردها والعمل على ترقيقها قدر المستطاع. بعدها إحداث فجوات صغيرة فيها، وإدخالها إلى الفرن بواسطة صينية مغطاة بالقماش وتركها حتى تنضج. هنا يأتي دور سيخي الحديد، أحدهما يستعمل لتحرير الرغيف من الفرن والآخر لسحبه من الفرن العميق الذي جرت العادة أن يصنع من الفخار. أما اليوم، فأصبح أقرب إلى الأفران الحديثة وبات يستخدم فيه الغاز بدلاً من الحطب. ولعل من واجب الزبائن من مختلف الجنسيات، والذين يتجمع هذه الأيام عند أفران “التميس” وقت الإفطار، أن يعلموا أن كل رغيف يأتيهم للتو ساخناً شهياً، لم يخرج من فوهة اللهب إلا بعد رحلة مع المعاناة. أكثر ما يتكبدها ذلك الفران الذي يتصبب عرقاً مع كل رحلة تجتازها العجينة البيضاء المتلونة منذ لحظة دخولها الفرن الدائري المجوف إلى حين خروجها منه. “الرقاق” أفران الخبز الباكستاني هي واحدة من عشرات الأفران الأخرى التي تقدم أنواعاً مختلفة من هذا القوت اليومي الذي يعد جزءاً من ثقافة الشعوب. نبدأ بخبز “الرقاق” الإماراتي الذي يحضر من الماء والملح والطحين، ولا تدخله الخميرة. عجينته تكون طرية نوعاً ما، وهو يخبز على آلة مصنوعة من الحديد المسطح والسميك. ومع تراجع خبزه في البيوت واقتصاره على الفعاليات التراثية، غير أنه ملك المائدة المحلية ووجوده في رمضان يطغى على أي طبق شعبي آخر مهما كان لذيذاً. و”الرقاق” بمكوناته القليلة لا يحتاج خبزه إلى الكثير من الوقت، وهو لطالما كان أكله مفضلاً مع البيض أو الصنف المحلى منه والذي يضاف إليه السكر. “الصاج” بالانتقال إلى خبز “الصاج” المعروف منذ القدم في بلاد الشام، فهو يحضر على ماكينة حديدية محدبة كان يستخدم فيها الحطب. هذا الخبز الخفيف وزناً وطعماً، يعرف كذلك بالـ”المرقرق” أو “التنور”، ويختلف مذاقه باختلاف طريقة عجنه ودرجة تلويحه. فهو إما كبير الحجم متناهي الرقة، وإما متوسط الحجم وأكثر سماكة. وكل نوع يتناسب تناوله مع وجبة معينة باردة كانت أم ساخنة. أما المطبخ الجزائري، فيشتهر بتعدد أصناف الخبز فيه، والتي تحضر غالباً في البيوت القديمة. ويتنوع الخبز الجزائري بتنوع الحضارات التي مرت على البلاد، ومن مسمياته “المطلوع”، “الدار”، “السانوج”، “الملة”، “فطير”، “مبسس”، “ملوي”، “بغرير”، “مسمن”، و”سفنج”. “المفرود” تنقسم أنواع الخبز إلى 3 أنواع رئيسية، هي خبز الخميرة الأكثر انتشاراً في الغرب، الخبز السريع الذي يحضر في البيوت، والخبز “المفرود”، وهو الغذاء الرئيس في معظم الدول. يصنع الرغيف في الشرق العربي من القمح بعــدة مذاقات كلها شهية. وتتناوله شعوب أميـــركا الوســطى باسم “الترتية”. فيما تصنعه شـــعوب الشرق الأقصى من دقيق الأرز. أما الهنود، فيطلقون عليه اسم “جاباتي”. وقد أبدع الأوروبيون في إدخال الذرة إلى صناعة الخبز المحشو لديهم بالزبيب والتين والمغطى بالسكر والتوابل والمكسرات.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©