الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ظواهر سلبية تهاجم المجتمع المسلم في شهر الخير

ظواهر سلبية تهاجم المجتمع المسلم في شهر الخير
5 سبتمبر 2010 23:09
يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر... نداء ينطلق مع أول يوم من رمضان حيث تصفّد فيه الشياطين ومردة الجن وتغلق فيه أبواب النار، فلن يفتح منها باب، وتفتح أبواب الجنة فلن يغلق منها باب. ولله عتقاء من النار في كل ليلة من رمضان، فهذا يبين لنا مدى فضل هذا الشهر الكريم وكيف يتقبل فيه الله عز وجل جميع الطاعات والخيرات فما أعظم هذا الشهر وما أعظم العبادة فيه، هذه الأجواء الروحانية التي يجب أن يغتنم فيه المرء كل لحظاتها بالعمل الصالح وفعل الخير، ويجتنب كل ما قد يعكر صفو هذا الأيام المباركة، ويخدش قدسيتها. بين ما نشاهده في هذه الأيام أحداث تطأطئ الرؤوس خجلاً منها ويدمي لها القلب، فهذا رمضان الذي يظلنا بالنور ويفتح لنا أبواب الخير لننهل من بركاته، نجد أن الآخرين قد أغلقوه بأفعالهم وسلوكياتهم التي لا تمت إلى شرع الله تعالى. ونتوقف عند بعض المظاهر السلبية التي تزداد في هذا الشهر الكريم دون غيره، من خلال هذا الاستطلاع. تقول أمينة إبراهيم: للشهر الكريم حرمات ومحاذير، ويجب احترام مشاعر المسلمين، فلابد من منع كل ما يخدش حياء الشهر الفضيل، لأنه يتصف بسمات تستوجب من الناس عدم استغلال الشهر في أمور ليست من صميمه، وفي هذا الشهر أبواب الخير كثيرة ومتعددة يجب الانخراط في كل زواياها لأنها تحث على منافع الخير والأمر بالمعروف كالإكثار من القرآن الكريم، وحضور حلقات الذكر وزيارة الأرحام والإنفاق على المحتاجين، والامتناع عن السهرات التي تضر بالبدن والعقل، وإنارة ظلمة الليل في العبادة للخالق عز وجل، كما أنوه بضرورة تقديم النصح والتوجيه والإرشاد من قبل الجمعيات والمراكز المهتمة بالتواصل الحضاري مع السياح الأجانب، وذلك بتعريفهم بمحاذير هذا الشهر الفضيل ومراعاة حرمته من خلال عدم الجهر بالأكل في الطرقات والأماكن العامة مع ضرورة التقيد بالاحتشام. ضحايا الاستهلاك من جهتها ترى فاطمة السري أن الناس في رمضان تجاوزوا الخطوط الحمراء في ثقافة الاستهلاك التي ضربوا فيها عرض الحائط في هذا الشهر الكريم، ونجد التدافع بين الناس ومحاولة حمل كل ما يمكن حمله من الأرفف، وشحن مجموعة كبيرة من «العربانات» التي تقف كسلسلة أمام البائع لدرجة تمنعك من المرور بين أرفف المحال، ولم ينته الأمر هكذا فقد تنشب مشاحنات تبدأ بالألفاظ المشينة وتنتهي بتشابك الأيدي بين المشترين، ولا تنتهي هذه الغوغائية والهمجية سوى بوصول رجال الأمن، وهذا بالفعل ما يخجل بأن نكون صيداً سهلاً للإعلام الغربي الذي يحاول جاهدا أن يلتقط بعض الصور والمشاهد المسيئة ليزيد من التنكيل بالإسلام والمسلمين، فهذه الثقافة لا تمت أساساً للشريعة الإسلامية التي تدعو إلى الاعتدال ونبذ الإسراف. وما يزيد الطين بلة أن هذه الأغذية والأطعمة ترمى في نهاية الأمر في القمامة في حين أن هناك من يتضور جوعاً وألماً. شهر التلفزيون والنوم عن المظاهر السلبية الأخرى التي أصبحت، للأسف الشديد سمة هذا الشهر الفضيل، يقول أحمد عناب إنه ما أن يقبل شهر رمضان حتى يصدمك الواقع المرير للمسلم في هذا الشهر الفضيل، إذ تتجلى أمامك سلبيات كثيرة لا تراها إلا فيه، وكأن هذا الشهر شهر انكشاف عيوب الإنسان المسلم حيث يتجلى أمامك منذ إطلالة اليوم الأول أن رمضان شهر التلفزيون وذلك بامتياز، فكل المسلسلات و الأفلام والمسابقات والفوازير وبرامج الطعام والشراب والطرب والغناء لا تجد لها مكاناً طوال السنة إلا في رمضان. ونجد أن بعض الناس يتخذ شهر رمضان للنوم والكسل، فلا تجد إلا ذلك العبُوس الممزوج بملامح النعاس على الوجوه منذ بداية الدوام حتى نهايته، وعدم رغبة العاملين في مزاولة واجباتهم وأعمالهم. وعند البعض الآخر فإن الطعام هو الشغل الشاغل، حيث لا يحلو الأكل و الإسراف إلا في هذا الشهر الفضيل، طبعاً كل هذا بفضل التأثير النفسي الشديد من برامج الطبخ والأكل في القنوات التلفزيونية التي لا تضيع فرصة في إثارة مشاعر المشاهد بعرض ما لذ وطاب من الأطباق المتنوعة، ولا ننسى الجرائد التي تحجز صفحات كاملة لفنون الطهي والأكل، والبوفيهات المفتوحة التي تزيد في رمضان بشكل كبير، كأن الناس كانوا صائمين طوال السنة ليفطروا في رمضان. كما أن الرغبة في الإقبال على المأكولات في هذا الشهر الفضيل تبدو متخطية لما كان في الحسبان طوال العام، حيث تصل الشراهة إلى حدها الأعلى، بما يزيد عن كل شهور العام، فلو أعطى هؤلاء الحد الأدنى الشرعي الواجب عليهم لفاضت أموالهم خيراً على فقراء الأمة العربية والإسلامية وأصبح أبناؤها جميعاً أغنياء. كما أصبح هذا الشهر الكريم شهر التسوق، فإذا دخل الواحد منا الأسواق ومراكز التسوق فإنه سيرى تلك الحشود البشرية التي لا تشبه إلا أسراب الجراد والتي لا تبقي لا على الأخضر ولا على اليابس، فلا مبرر لهذه السلوكيات المشينة التي شوهت سمعة الإسلام وأورثت علامات التعجب والحيرة عند غير المسلمين الذين يقيمون بين ظهرانينا. كما نجد أنه لا يحلو السهر مع الشيشة إلا في رمضان، فتزداد المقاهي والخيم، وبدلاً من أن يعتكف الشباب في المساجد، أصبحوا يعتكفون في أحضان الخيم الرمضانية والشيشة، وفي هذا الشهر تلغى أخلاقيات السير بالمركبات من العصر حتى بعد المغرب، ولذلك تزيد حالات قطع الإشارات قبل صلاة المغرب من شباب وشيب وذلك للحاق بلحظة الإفطار في البيت عند الأذان، واللحاق بالسنبوسة حتى لو كان الثمن إزهاق أرواح. أيضاً هو شهر تكثر فيه خيانة الأمانة بعدم إعطاء العمل 50% من الوقت، وهذا ما لا يجوز شرعا، إذ إن شهر رمضان ليس شهر كسل وخمول وتواكل، فإذا لم نعمل نحن المسلمين في هذا الشهر بإخلاص وجد وتفان فمن يعمل إذاً؟! وفي رمضان تزداد المشاكل الأسرية واحتقان الأنفس إذ لا تقدير لقداسة هذا الشهر لدى الكثيرين كل مستعد للعراك والمشاجرة بل والاعتداء، هل هو نقص الوعي الديني عند المسلم لهذا الشهر وأفضليته على باقي الشهور جعله يشذ عن مبادئ الإسلام السمحة. وفي هذا الشهر يتجرأ الرجل المسلم والمرأة المسلمة على معصية الله، فالناظر في أمر كثير من النساء في شهر رمضان يرى عجباً، إذ تجدهن يحرصن على ارتياد الأسواق والانشغال بالتزين بلبس الثياب المزركشة والضيقة، والتطيب الذي يعصف ريحه القاصي والداني، حتى أصبحن فتنة لمن ينزل إليه ليقضي حاجة أهله وأبنائه. هذه بعض السلبيات التي تعاني منها الأمة في هذا الشهر الفضيل، ولكن لا ننسى أن هناك أيضا إيجابيات كثيرة موجودة بالفعل من خلال زيادة أنشطة المساجد بتقديم دروس دينية تفقه الناس في مجمل قضايا شريعتهم الغراء. التنافس الإعلامي أما حسين علي فيعلق على الموقف قائلاً: ابتلي هذا الشهر الكريم بالظواهر السلبية التي لا تتفاقم إلا فيه من خلال تنافس وسائل الإعلام في ما بينها في بث سيل من البرامج والمسلسلات التي تسيء لروحانية رمضان، ونجد أن الصائم لربما يغض الطرف عن مشاهدة هذه البرامج في النهار، إلا أنه يستفتح إفطاره بها، معتقداً أن رمضان في النهار فقط؛ فتجدهم يلتزمون نوعاً ما بأخلاقيات الصيام من غضّ البصر، وترك الغيبة والنميمة، وترك الخبائث، ولكن ما أن يحين الإفطار حتى تقلب الأمور رأساً على عقب و»تعود حليمة لعادتها القديمة». ويؤكد عمر أحمد: لكل شيء في هذا الكون سلبياته و إيجابياته التي تظهر وتختفي من حين لآخر، ومن المعلوم أن من شهر رمضان الفضيل هو من الشهور المقدسة في شرعة الإسلام . ولقداسة هذا الشهر الكريم جاء جزاء الصيام فيه مخفياً، ولن يجد عالم من علماء الإسلام مهما حقق و دقق جزاء واضحاً و محدداً ومبيناً له في القرآن الكريم، لأن الله عز وجل أخفى نوع الجزاء للصائمين، فقال تعالى في الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي و أنا أجزي به)، وكذا أخفى سبحانه وتعالى جزاء الصبر لاقتران الصبر بالصوم و تلازمهما، فمن لا صبر له لا صيام له. إذ قال تعالى: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) فلم يحدد الجزاء والأجر، فمن كان صابراً في صومه فقد استحق جزاء يعلمه الله تعالى، ولعظمة هذا الأجر أخفاه تبارك وتعالى، كما أخفى كثيراً من أوصاف الجنة، فقال: فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. وقال صلى الله عليه و سلم: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه و شرابه)، وبناء على هذا فالسلبيات التي تجرح قداسة الشهر الفضيل في نظري تتم في قول الزور والعمل به، والتلهي بما يشغل عن اغتنام الفرصة في الشهر للذكر والعبادة، وأيضاً في تقطيع الوقت، وعدم استثماره الاستثمار الصحيح المثمر، الصيام، برأيي، يجب أن يقود للتقوى، فكل صيام لا يؤدي إلى تقوى ليس صحيحاً، كثرة النوم تجرح الصيام، وخصوصاً النوم من أجل تقطيع الزمن، وليس النوم الذي جاء نتيجة السهر في ذكر رب الأنام. لعبة أوزان بدورها تشير أحلام سعيد إلى أنه عندما غلَّب المسلمون عاداتهم وتقاليدهم على تعاليم وأهداف شريعتنا الإسلامية تحولت سلوكياتهم إلى سلوكيات سلبية، فعلى سبيل المثال يقيس الشخص المسلم أنه قام بأكمل ما يكون من الطاعة في هذا الشهر من وزنه، فإذا قل وزن المسلم في هذا الشهر فهذا دليل على أنه قام بواجباته الدينية، وفهم منزلة هذا الشهر، أما إذا زاد وزنه وهذا ما يغلب على أغلب المسلمين، فهذا دليل على أن المسلم استغل هذا الشهر في ملء بطنه بالطعام و الشراب دون أن يفهم مغزى وجود هذا الشهر، وللأسف شهر رمضان أصبح شهر استهلاك للطعام بالنسبة للمسلمين لا شهر عبادة و إنتاج وعمل.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©