السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«السفّار» يتمسك بحرفته البحرية ويقاوم رياح التغيير

«السفّار» يتمسك بحرفته البحرية ويقاوم رياح التغيير
19 يناير 2014 22:47
دبي (الاتحاد) - دخلوا للبحر عندما كانوا أطفالاً، فمنهم من عشق الصيد رغم خطورة هذه المهنة، ومنهم من عمل في السفر لأجل البحث عن اللؤلؤ ضمن رحلات الغوص، ومنهم من اتخذ له مهنة أكثر خطراً، لكنها ربما تدر مبالغ أكثر، وهي مهنة السفّار، وهو الرجل الذي يرحل مع السفن التجارية، ولذلك هو سفّار لأنه كثير السفر للعمل على ظهر السفينة والموانئ، ولكنه في النهاية يبقى ابن بيئته، يعرف عنها كل شيء ويلاحظ المتغيرات في كل سفرة وعودة، فهُناك نشاطات مستمرة، مثل وجود شباك الصيد التي كانت تصنع من الحبال المصنوعة من الألياف وليس البلاستيك، ولذلك هي لم تكن تؤثر على البيئة. نظرة مختلفة كان الصيد أسهل لأن المسافات في رحلات الصيد قريبة وعدد سكان الإمارات قليل، أما اليوم، فإن الخروج للصيد يمتد إلى ثلاثين ميلاً داخل البحر، وذلك يعني أن على الصياد أن يخرج إلى مسافات بعيدة أيضاً كان البيع والشراء تتم بوساطة أهل المنطقة، ولكن من يسافرون إلى مختلف دول الخليج، وبعض الدول الأفريقية من أجل التجارة، لهم عين راصدة، لأنهم في كل سفرة يبقون مدة طويلة قبل العودة، ولذلك تكون نظرتهم مختلفة عن الغير، وهذا ما حدثنا به السفّار محمد عبد الرحمن الحاي،وهو أحد رجال رأس الخيمة، وقد دخل البحر كعامل على ظهر سفينة عندما كان عمره عشر سنوات،على سفينة إبراهيم كرم ليعمل ضمن الفريق الذي يخدم حسب سني عمره الصغير، فقد كانت المعيشة متعبة للحصول على المال،وهو يرغب في أن يكون رجلاً معيناً لأسرته في ذلك العمر الصغير. ملوثات ويقول الحاي: كل شيء مختلف عن الماضي، فاليوم دول العالم تتقدم ولكن هناك مظاهر اختلفت، حتى الأسماك نفسها ما عادت كما كانت سابقاً، لأن الناس قديماً لم تكن لديهم نفايات مثل اليوم، لا بهذا الحجم ولا الأنواع وكل النفايات قديماً تتحلل، وهي مفيدة للأرض والزرع، حتى أواني الطعام لأنها من الفخار، وذلك يعني أنها من الأرض نفسها، ذات المكونات، ولذلك لا شيء كان يضر البيئة سابقاً، فكل شيء يصنع من ذات المواد التي تؤخذ من الشجر، ولكن اليوم أصبحت الأرض مقبرة نفايات الإنسان، حتى الأسماك في قاعها لم تسلم من ملوثات الإنسان. السفر من أجل العمل سواء على ظهر السفن أو النزل في أية دولة للعمل فيها، لم يكن سهلاً، فهناك دائماً أخطاراً، وكما يوضح الحاي: عندما نخرج في الشتاء وتهب علينا عواصف شديدة، نكابد الصعاب من أجل مواصلة مسيرة الأجداد، فنحن قد ورثنا المهنة، ونريد أن نكسب رزقنا حلال، وقد علمت لمدة 20 عاماً في السفر على ظهور السفن، وبعض الأبناء كان الآباء يجبرونهم على الخروج معهم، لأسباب عدة، ومنها أن نعمل على مساعدتهم، وفي ذات الوقت نتعلَّم الحرفة، لكن فيما بعد أصبح الدخول إلى البحر من اجل القوت اليومي واجب تجاه أهلنا سواء كنا صيادين أو عمالا على السفن. رياح شديدة الحاي لفت إلى أن من أكثر المخاطر التي يتعرض لها الصياد في موسم الصيد في الشتاء، أن تهب رياح شديدة وقوية وكأنها جاءت من الصقيع، وهنا يسارع كل نوخذة بالبحث عن ميناء أو أي جزيرة، ليجدوا لهم بندر أو مرفأ آمن، كي يؤمن لهم شيء من الأمان حتى تهدأ العواصف. وأضاف: كم من السفن خرجت ولم تعد ومات ربما آلاف الرجال عبر كل تلك السنوات، والحمد لله أني عشت حتى يومي هذا وقد كفيت أهلي حاجتهم، ومن أفضل ما جنيت من السفر تعلمي لبناء البيوت، وقد اكتسبت ذلك خلال معيشتي في دولة مجاورة، وعندما تيقنت أني أتقنت ذلك عدت للإمارات بعد سبع سنوات من البقاء هناك، وبدأت في العمل كأستاذ بناء وهذا العمل جعلني أستقر لفترة من الزمن، وما زلت حتى يومي هذا أتذكر كم كنت أعاني من بعدني عن المكان والأهل، وكان غذاؤنا على السفينة السمك من البحر مباشرة والأرز والتمر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©