السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بريطانيا.. شبح التطرف يقترب من المدارس

25 يونيو 2014 23:09
ميان ريدج بريطانيا ليس من الصعب التكهن بسبب ارتقاء مدرسة «أولدنو أكاديمي» البريطانية بمدينة بيرمنجهام لتصبح إحدى المؤسسات التعليمية المتميزة في المدينة، فعندما حل المدرس الزائر استقبلـه الطلبـة وحيـوه بأدب جم. لكن بدلاً من أن تحافظ المدرسة على سمعتها الطيبة تحولت خلال الأسبوع الماضي إلى إحدى المؤسسات التعليمية التي انتقدها المفتشون وسط اتهامات بأن المتشددين الإسلاميين يحاولون السيطرة على إدارة المدرسة وإخضاعها لرغباتهم. وبرغم أن الاتهامات جاءت في شكل رسالة مجهولة المصدر أُرسلت في شهر نوفمبر الماضي إلى مجلس المدينة- وهي الرسالة التي اعتبرت مزيفة- إلا أن عدداً من التساؤلات غير المريحة بدأت تجد طريقها إلى مدينة بيرمنجهام التي يقطن فيها عدد كبير من السكان المسلمين، هذه التساؤلات سلطت الضوء بدورها على التحديات التي تواجه النظام التعليمي البريطاني القائم على المبادئ العلمانية في وقت يحاول فيه التأقلم مع التوجهات الثقافية واحتياجات شريحة متزايدة من السكان المسلمين، وفي الوقت نفسه حماية المدارس من مخاطر التشدد الديني. وكان للرسالة المجهولة دور في إطلاق حملة من عمليات التفتيش المفاجئة على المدرسة المعنية، حيث كشف مفتشو مكتب المعايير التعليمية في بريطانيا، وهيئة أخرى تسمى «مهارات الطلبة وخدماتهم» أنه في بعض المدارس كانت الرغبة واضحة لدى بعض أولياء الأمور ومسؤولي المناطق التعليمية في أن يلقن الأبناء تعاليم الإسلام التقليدية، وكانوا يضغطون على المدرسين والإدارة لتطبيق هذا الأمر. ولم يتردد تقرير المفتشين في توجيه انتقادات واضحة لمدرسة «أولدنو»، حيث 99.2 في المئة من الطلبة هم مسلمون، فقد أشار المفتشون إلى إضافة الدراسات الإسلامية إلى «المنهج المرتبط بالصحة والتربية الاجتماعية»، بل إن المدرسة مولت رحلة الطلبة إلى السعودية، وتابع التقرير أن المدرسة ركزت على «أيديولوجية ضيقة قائمة على الدين»، كما ألغت تجمعات وصلوات مسيحية، هذا فضلا عن عدم الاحتفال بالأعياد الدينية غير الإسلامية. وعما جاء في التقرير أيضاً حسب مايكل ويلشو، أحد المفتشين الذين زاروا المدرسة، أن «بعض الأمور تدعو للقلق، بل في أحيان أخرى هناك ما يصدم المفتش، حيث تمكنت ثقافة الخوف والترويع من بسط نفوذها داخل المدرسة»، والنتيجة أن المدرسة التي حصلت في مرات سابقة على تقييم جيد انحدرت درجتها إلى ما دون المستوى، ما يعني استمرار خضوع المدرسة للتفتيش والتقييم، وإذا لم تتحسن قد يصل الأمر إلى الإغلاق. وفي مدرسة «أولدنو» التي حاولنا الاتصال بمديرها لم نحصل على رد على التحذيرات التي أطلقتها الهيئات التفتيشية، وعندما اقتربنا أكثر من بوابة المدرسة بدا أن بعض أمهات الطلبة بالكاد يتحدثن الإنجليزية، أما هؤلاء الذين يجيدون الإنجليزية، وهم في أغلبهم من الآباء، عبروا عن رضاهم عن المدرسة، مؤكدين أنه لا مشكلة لديهم مع الطريقة التي يدرس بها أبناؤهم، إلا أن آخرين لم يخفوا قلقهم من الطابع الديني المحافظ للتعليم. هذا الأمر عبر عنه أحد الآباء رافضاً الكشف عن اسمه قائلاً «رغم أني مسلم إلا أني لا أحبذ التوجه المحافظ»، مضيفاً أن «المشكلة ليست في المدرسين، بل في المشرفين على المناطق التعليمية، فهم بالغوا في الانخراط في العملية التعليمية التي لا تعنيهم، كما أن ما يجري ليس تطرفاً بالمعنى الحقيقي للكلمة، بل نوع من المحافظة»، وهي المخاوف نفسها التي يردد صداها سيد علي، صاحب محل في المدينة، قائلاً «إجمالاً أنا راض عن المدرسة، لكن لا يجب تعيين مشرفين على المدرسة لا علم لهم بالمنهاج البريطاني الوطني». غير أنه من جهة أخرى يقول محمد جانجير الذي يصف نفسه بالمسلم المعتدل إن المدرسة، وعكس ما يروج، تدعو للتسامح بين الأديان، مدللا على ذلك بالزيارة الأخيرة التي أدتها ابنته إلى أحد المعابد اليهودية، مشيراً إلى أنه «عندما تكون المدرسة ذات أغلبية مسلمة فعليك الاستجابة لاحتياجاتهم كمسلمين». والحقيقة أن الأحياء المحيطة بالمدرسة تشبه كثيراً الوضع في المدرسة، فالحي القديم الذي تتواجد به «أولدنو» هو نفسه تقطنه غالبية مسلمة، حيث تنتشر محال بيع الملابس المحتشمة، وبعض مدارس تحفيظ القرآن، ويمكن رؤية النساء وهن يغطين وجوههن، هذا الأمر يعبر عنه “إيدي ماهوني”، أحد سكان الحي، قائلاً «ليس لدينا مشكلة مع التغيرات التي طرأت على الحي، فقط السرعة التي جرت بها الأمور، حيث تبدلت الملامح والثقافة»، مضيفاً أنه عاش في الحي منذ أن كان عمره عشر سنوات، وأنه ربما يكون الإيرلندي الوحيد الذي ما زال يقطن فيه. لكن هذا الشعور بالالتباس الذي تحدثه التعددية الثقافية في بريطانيا يحذر البعض من ضرورة عدم الخلط بينها وبين التشدد، فحسب طارق مادود، أستاذ علم الاجتماع بجامعة بريستول يتعين عدم الخلط بين التدين والتشدد. والمفارقة يقول «إن المحافظين المسلمين يشتركون في العديد من القيم مع اليمين المحافظ في بريطانيا فيما يتعلق بالانضباط والأخلاق، لكن مع ذلك يهاجم اليمين المحافظ نظراءهم المحافظين المسلمين»، ولتوضيح هذا الأمر عقد المفتشون والهيئات البريطانية المعنية بتقييم المدارس مؤتمراً صحفياً قالوا فيه إن بعض مدارس مدينة بيرمنجهام تعرضت بالفعل لضغوط لتبني قيم إسلامية محافظة، إلا أن ذلك لا يمكن أبداً اعتباره تشدداً. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©