السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الأسواق الناشئة تنمو داخلياً وتتوسع خارجياً

الأسواق الناشئة تنمو داخلياً وتتوسع خارجياً
12 يونيو 2011 21:40
شهد هذا العقد ولحد كبير قصة نجاح الأسواق الناشئة. فقد كانت شركات وأسواق المائة وخمسون دولة الناشئة المحرك الفعلي لنمو الاقتصاد العالمي رغم الأزمة المالية العالمية الأخيرة. وأصبحت شركات مثل “أميركا موفيل” المكسيكية العملاقة للاتصالات و “سامسونج” الكورية للالكترونيات، أكثر الشركات العالمية نجاحاً متفوقة على منافساتها الغربية بما تنتهجه من طرق سليمة في تطوير تقنياتها وإدارة نشاطاتها التجارية. لكن لا يقتصر التحول في هذا العقد على الشركات العالمية متعددة الجنسيات فحسب، بل نمت أيضاً الشركات متوسطة الحجم والصغيرة في هذه الاقتصادات وعلى وجه الخصوص في مناطق مثل الصين والهند والبرازيل وكوريا الجنوبية التي ساعدتها قوة الطلب في أسواقها المحلية على التوسع في أرجاء مختلفة من العالم. ويقول نيجيل رينديل، كبير الاستراتيجيين في “آ ربي سي كابيتال ماركيتس” الذراع المصرفية الاستثمارية لـ “رويال بنك” الكندي، “أصبحت شركات الأسواق الناشئة أكثر قوة واستقراراً اليوم، ولا تقع تحت وطأة الديون كنظيراتها الغربية. كما تحولت الكثير منها إلى شركات عالمية رائدة حيث دعم النمو في أسواقها المحلية المبيعات والأرباح”. وكانت شركات الأسواق الناشئة قبل عشرة أعوام متخلفة نسبياً تميل إلى النمو العضوي من خلال العمالة الرخيصة وإنتاج كميات كبيرة من السلع وبيعها بأسعار زهيدة للتغلب على المنافسين. وهذه هي الطريقة التي ساعدت الصين أكبر الأسواق الناشئة ومركز القوة العالمية من حيث النمو والحجم، لتتحول إلى ما هي عليه اليوم. وهكذا هو الحال في بلدان مثل الهند والبرازيل وكوريا الجنوبية والاقتصادات الآسيوية الصغيرة في ماليزيا وتايوان وتايلاند، حيث تنتج الشركات سلع بأسعار أرخص مقارنة مع مثيلاتها في الدول الصناعية. لكن تحولت شركات الأسواق الناشئة الآن للمرحلة التالية من تطورها حيث أصبحت شبيهة بالشركات الكبيرة الناضجة في أميركا وأوروبا ويخضع تحقيق النجاح فيها لطرق أكثر اختلافاً وتعقيداً. وفي الصين بوصفها المؤشر الحقيقي للأسواق الناشئة، ارتفع معدل استحواذات واندماجات الشركات في السنوات القليلة الماضية. ومن أكثر الشركات تميزاً في هذا المجال شركة “جيلي” لصناعة السيارات التي استحوذت على “فولفو” في العام الماضي مما يعكس مدى وقوع الشركات الأوروبية فريسة للاستحواذات الصينية. وكذلك شراء شركة “لينوفو” للكمبيوتر لنشاط “آي بي أم” لصناعة الكمبيوترات الشخصية، خير شاهد لزيادة ثقة الشركات الصينية في التوسع في أسواق الدول المتقدمة. وفي مناطق أخرى من الأسواق الناشئة أصبحت شركات مثل “تاتا” الهندية و”أميركا موفيل” المكسيكية أكثر استحواذاً، حيث توسعت الأخيرة عبر الحدود، بينما تتحدى “بيتروبراس” البرازيلية الشركات الغربية في الأسواق الأجنبية. ومع ذلك، كلما كبرت الشركة وأصبحت أكثر نضوجاً، كلما أصبح النمو أكثر صعوبة. كما أن مضاعفة النمو بالنسبة للشركات الكبيرة، ليس من السهل تكراره مرة أخرى. ومن الناحية الفنية، تبحث شركات الأسواق الناشئة عن تسلق سلم القيمة من خلال المنتجات والخدمات والعلامات التجارية الجديدة. وفي حقيقة الأمر، يتسلم الاقتصاد الصيني بالإضافة إلى اقتصادات آسيوية أخرى زمام الريادة بفضل التطور التقني الكبير. وفي الهند لسياراتها، والبرازيل لقطاع خدماتها المالية الذي خطا بعيداً. ولم تعد أكثر الأسواق الناشئة نجاحاً تعتمد على رخص المنتجات، بل على المنافسة مع الشركات الغربية من منطلق التساوي. وقلّ انتشار الشركات المملوكة للأسر مقارنة بما كان في الماضي، وكذلك زادت أهمية البحوث والتطوير والإدارة الفعالة. كما لم تعد أفضل شركات الأسواق الناشئة شبيهة بنظيراتها في الغرب فحسب، بل منافسة لها أيضاً. وارتفع عدد شركات الأسواق الناشئة المنضوية تحت لواء مؤشر “فاينانشيال تايمز جلوبال 500” من 32 في 2002 إلى 127 اليوم. لكن واجهت بعض الشركات صعوبات جمة إبان الأزمة المالية العالمية خاصة “روسال” الروسية العاملة في مجال إنتاج الألمنيوم. كما دفعت “سيميكس” المكسيكية لإنتاج الأسمنت ثمناً باهظاً مقابل روابطها القوية مع أميركا. وفي غضون ذلك، وعندما زادت المخاوف المتعلقة بتحول انتعاش البرازيل إلى ركود وانهيار، كان لزاماً عليها فرض قيود رأس المال وزيادة سعر الفائدة. وعلى الرغم من وجود هذه القضايا، تعتبر الأسواق الناشئة قوة الدفع الحقيقية للنمو العالمي، في الوقت الذي تتسم فيه اقتصادات الدول الصناعية في اليابان وأميركا بالبطء والكساد. ويعتمد نمو الأسواق الناشئة إلى حد كبير على الاقتصادات المحلية، حيث توقع صندوق النقد الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي للدول المتقدمة بنحو 2,5% سنوياً خلال السنوات الثلاث المقبلة، بينما من المنتظر أن تحقق الأسواق الناشئة نمواً يفوق ضعف هذه النسبة عند 6,5%. وفي الوقت الذي يتخوف فيه صانعو القرار في الدول المتقدمة من الركود، يتخوف أقرانهم في الدول الناشئة من التضخم. ومن المؤكد تحول الأنظار عاجلاً أم آجلاً نحو النمو في الخارج، وترتبط استراتيجيات شركات الأسواق الناشئة على المدى الطويل بالاستحواذات، حيث تمثل الشراكات أهمية خاصة في العالم الصناعي. وتم تسجيل عدد من الشراكات بين شركات العالمين الناشئ والمتقدم مثل الشراكة بين “ميرك” الأميركية لصناعة الأدوية و “سن فارمسوتيكال” الهندية لتقوما معاً بتطوير وصناعة عقاقير طبية جديدة. ويمكن لمثل هذه العمليات الخارجية أن تنعكس سلباً على هذه الأسواق مثل شراء “تاتا” لشركة “كوروس” الأوروبية لصناعة الحديد قبل اندلاع الأزمة المالية التي انخفضت قيمة أصولها بشكل كبير بعد ذلك. كما يمكن أن تشكل الفجوة الثقافية بين الأسواق الناشئة والمتقدمة بعض الصعوبات أيضاً. وتسجل أيضاً العقبات السياسية حضورها البارز، حيث واجهت الشركات الصينية المملوكة من قبل الحكومة نوعاً من المشاكل في أميركا تتعلق بمخاطر سياسية وأمنية. وفشل العرض الذي تقدمت به كل من “بين كابيتال” الأميركية للأسهم الخاصة و “هواوي” الصينية لمعدات الاتصالات، للاستحواذ على “3 كوم” الأميركية للتقنية مقابل 2,2 مليار دولار في العام 2008 نتيجة اعتراض واشنطن على تلك الصفقة. ومع ذلك، ذكر معظم الإستراتيجيين أنه بإمكان شركات الأسواق الناشئة الاستمرار في التوسع حتى وإن بدت فرص النمو على المدى القصير أكثر تحدياً من ذي قبل نقلاً عن: فاينانشيال تايمز ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©