الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الذهب الأسود لم يبلغ حد الخطر

23 ابريل 2006
إعداد - أيمن جمعة:
الأحداث المتلاحقة التي شهدتها أسواق النفط العالمية الأسبوع الماضي، طرحت العديد من التساؤلات على الساحة النفطية، كان أهمها على الإطلاق تعريف حد الخطر لسعر برميل النفط، وإلى أي مدى يمكن للأسعار الاستمرار في الارتفاع وتسجيل المستويات الجديدة دون أن يكون هناك أية تأثييرات قوية على الاقتصاد العالمي، وفي الوقت الذي طرح فيه الخبراء هذا السؤال، استبعدت الدول الصناعية الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة، وجود نقص في المعروض أو وجود خلل ما في العوامل الأساسية بالسوق تسبب في القفزات المتتالية للأسعار، وقالت إن الذعر الحالي من الاسعار ليس له ما يبرره لان الواقع يؤكد انها لن تسبب 'مشكلات ضخمة' للاقتصاديات الكبيرة·
وفي الوقت الذي أكد فيه خبراء الوكالة الدولية للطاقة تزايد الطلب على النفط ومواصلة ارتفاع الاسعار، بدأ المحللون في الحديث عن المستويات التي يمكن ان تبلغ عندها أسعار النفط حد الخطر الحقيقي، ورفضت منظمة أوبك الانسياق وراء الصيحات الانفعالية التي تطالب بزيادة المعروض وقالت إن على الدول المستهلكة في البداية ان تضمن وجود طلب يلتهم أي زيادة جديدة في الانتاج·
ورغم التوقعات بحدوث زيادات كبيرة في الطلب فان الدول الغربية تعترف بان هناك كميات كافية من المعروض· وقال وزير الطاقة الاميركي صامويل بودمان إن واشنطن لن تطلب من منظمة اوبك زيادة انتاجها من النفط وأضاف 'اعضاء اوبك والدول الاخرى المنتجة للنفط ينتجون إلى حد كبير بأقصى طاقة انتاجية ممكنة·· وأؤيد موقف وزراء اوبك القائل بأن اسواق النفط تتلقى إمدادات وفيرة في الوقت الحالي· ليس لدي أي سبب يدعوني للشك في ان اسواق النفط تتلقى إمدادات كافية'·
وتشير تصريحات بودمان الى تحول في مواقف الغرب الذي اعتاد ان يلقي الكرة في ملعب المنتجين بمجرد حدوث أي ارتفاع في الاسعار·· وموقف أوبك الثابت يتمثل في انها لا تتدخل في أسعار النفط وان دورها يتركز في توفير الامدادات الكافية من النفط الخام وانه يجب على الجميع توجيه المزيد من الاستثمارات لقطاع انتاج النفط لزيادة الطاقات الانتاجية في الدول المنتجة وبناء مصاف جديدة للتكرير· وقال شكيب خليل وزير النفط الجزائري 'أوبك بذلت كل ما في وسعها لخفض أسعار النفط· تستطيع أن تتعامل مع مسائل يمكنها السيطرة عليها لكن لا يمكنها التعامل مع مسائل تخرج عن سيطرتها مثل التوترات السياسية'·
ضمانات الطلب
وشدد محمد باركيندو القائم باعمال الامين العام لاوبك على ان أية دعوات يصدرها الغرب لزيادة المعروض يجب ان تتزامن مع ضمانات بزيادة الطلب، ونقلت مجلة 'اويل اند جاز نيوز' على موقعها بالانترنت عن باركيندو القول 'بالنسبة لنا فان ضمان الطلب هو الوجه الثاني لضمان العرض· انهما وجهان لعملة واحدة'· ومضى يقول على هامش مؤتمر نفطي في باريس 'الدول المنتجة ستجد صعوبة بالغة في توفير الدعم المالي لزيادة الانتاج ما لم تكن هناك ضمانات بتوفر طلب يبرر ضخ استثمارات كبيرة في قطاع الانتاج· واذا لم تتوفر ضمانات بزيادة الطلب فلا اعتقد انه سيكون هناك بنك ما مستعد لاعطائنا اموالا لمجرد اننا نتوقع زيادة في الطلب الحالي'·
وأبدت السعودية وهي كبرى مصدري النفط في العالم مخاوف مماثلة وقالت الحكومة على لسان احد مستشاري وزارة النفط 'خبرتنا على مدى العشرين عاما الماضية تظهر انه يتعين علينا التحلي بالحذر'·· وتقول مجلة 'اويل اند جاز نيوز' إن اوبك تضخ حاليا بطاقتها القصوى تقريبا وترى ان 'الازمة السعرية' الحالية لا علاقة لها بنقص المعروض، وترى المجلة ان اوبك ومعها شركات النفط العالمية تخشى من ان يؤدي زيادة الانتاج بلا داعي الى انهيار في الاسعار وان تتحول الاستثمارات الضخمة في قطاع انشطة المنبع الى خسائر فادحة·
ويلمس المتابع لتصريحات مسؤولي اوبك وتقارير المنظمة ان الدول المنتجة للنفط تعتقد ان بناء مصافي تكرير جديدة هو السبيل الوحيد لخفض الاسعار، وأن ازمة سوق الطاقة ليست في محدودية الانتاج بل محدودية التكرير، ويشير مسؤولو أوبك بشكل محدد الى ان ما حدث في أسواق الطاقة بعد اعصاري كاترينا وريتا أظهر بشكل واضح الدور الحاسم الذي يلعبه قطاع مصافي التكرير في ازمة الاسعار وعدم استقرار الاسواق·
والسؤال الذي يطرح نفسه حاليا: عند أي مستوى تصبح أسعار النفط خطيرة؟ ·
مستوى الخطر
ليرى العديد من المحللين أن مستوى 70 دولارا لبرميل النفط يشكل خطرا، لكن البعض يقول إن استقرار الأسعار على مستويات أعلى بكثير من 60 دولارا للبرميل لم يحدث ضررا كبيرا بل كان له بعض الفوائد· واتفقت آراء وزراء من 65 دولة ومسؤولين من شركات نفطية كبرى مثل اكسون موبيل ورويال داتش شل وبي· بي وشيفرون على أن الأسعار القياسية الراهنة عالية، لكنهم انقسموا بشأن تحديد المستوى العادل للاسعار· ويعتمد السعر العادل للنفط على عدة عوامل منها تكاليف استخراج النفط وقيمة الدولار الذي يسعر به النفط وقبل كل شيء على مستوى الأسعار الذي يتحمله العالم قبل أن يدخل في حالة كساد وينهار عنده الطلب على الوقود· ويقول نور الدين اية لواسين وزير الطاقة الجزائري السابق ورئيس شركة نالكوزا لاستشارات الطاقة 'مستوى 60 دولارا لم يحدث كسادا· بل يحد من نمو الطلب على النفط وله تأثير إيجابي على البيئة'· ومضى يقول 'على جانب العرض فإنه يشجع على نمو الطاقة الانتاجية العالمية سواء في الإمدادات التقليدية او غير التقليدية· ونتيجة لذلك فإنه يمثل حماية من أزمات الطاقة في المستقبل'·
وقالت أوبك في تقريرها الشهري عن سوق النفط إن أسعار النفط زادت إلى أكثر من أربعة أمثالها منذ بداية عام ،2002 لكن آثار هذه الزيادة حتى الان على إجمالي الناتج المحلي لم تزد عن 1%، وهي تشير الى انه لم يحدث على مدى التاريخ الصناعي ان تسببت أسعار 'الذهب الاسود' في ركود اقتصادي خاصة وان الزيادة الحالية ليست الاعلى على الاطلاق·
لا مخاوف
ويوافق على هذا الرأي بير شتاينبروك وزير المالية الالماني الذي قال إنه يتوقع ان تواصل أسعار النفط صعودها موضحا ان هذا لن يسبب 'مشكلات ضخمة' للاقتصاديات الكبيرة· وقال شتاينبروك 'الجميع في مجموعة السبع يعرف ان اسعار النفط سترتفع بشكل اكبر وانها ستكون متقلبة ولكن هذا يجب الا يعني بالضرورة انها ستسبب مشكلات ضخمة'· ويؤيد هذا الموقف ان صندوق النقد الدولي عدل بالزيادة توقعاته للنمو العالمي في عام 2006 إلى 4,9 % بدلا من 4,3% وقال ان القفزات السعرية الحالية في النفط ليست سبب ظهور الاختلالات التجارية العالمية· لكن هذا لا ينفي ان الدول الفقيرة تخشى من استمرار ارتفاع اسعار النفط· ويقول وزير النفط الهندي مورلي ديورا إن على كبار منتجي النفط في العالم زيادة إنتاجهم للحد من ارتفاع أسعار الخام التي بلغت مستويات قياسية وأصبحت تنذر بالاضرار بالدول النامية المستهلكة للطاقة· ومضى يقول 'عليهم ان يدركوا أن من الضروري الا تتسبب هذه الاسعار المرتفعة في الحاق الاذى بالدول النامية· الأمر برمته يقع على عاتق البلدان المنتجة· يتعين عليهم زيادة الإنتاج وأن يكون هناك بعض الضغط على الأسعار·· النفط مطلوب للتنمية· لست ضد نمو الطلب· الطلب يجب أن يرتفع· لكنني لا اعتقد ان الاسعار يجب ان تكون بهذا الارتفاع'·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©