الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

استخدام الكحول الأحمر يهدد صناعة العطور في مصر

استخدام الكحول الأحمر يهدد صناعة العطور في مصر
12 يونيو 2011 19:49
اشتهر المصريون منذ زمن الفراعنة ببراعتهم في استخلاص وتركيب العطور الطبيعية والتفنن في ابتكار أصناف شتى منها ما أدى إلى انتشار محلات متخصصة في إنتاجها وبيعها بمختلف مدن مصر، وساعد على ذلك حرص المصريين على التعطر في المناسبات المختلفة، وبصفة خاصة الدينية والأعراس والأعياد، وتعد رائحة الياسمين العامل المشترك، فيما يفضلونه من عطور خاصة أن زراعته تكثر في البيئة المحيطة بهم لاسيما بمدينة قطور بمحافظة الغربية، التي تصدر وحدها 40 في المائة من صادات مصر من الزيوت العطرية والمادة الخام للياسمين لأوروبا وأميركا. تعد مناطق الموسكي والحسين وشارع الأزهر بالقاهرة الفاطمية الأشهر بصناعة العطور المركبة من المسك والعنبر والعود والزيوت العطرية الطبيعية، حيث يوجد عدد ممن ورثوا هذه المهنة عن آبائهم وأجدادهم وبرعوا في التقطير والتحضير وخلط المقادير بدقة. وهناك محال أخرى متخصصة في تركيب عطور متنوعة لماركات عالمية بأسعار أقل بكثير وهو ما يدفع بالسياح إلى التردد على تلك المحال وشراء ما يريدون. دقة وسلامة يقول هشام فاروق (46 سنة)، صاحب أحد محال العطور، «كثير من النساء يحرصن على اختيار رائحة العطر لزوجها وتواظب على شرائه وتحفظها عن ظهر قلب، وهو ما يجعل الرجال يتجنبون التغيير تجنباً للمشاكل والخلافات التي قد تحدث مع زوجاتهم». ويضيف «صناعة العطور تشبه الذهب تماما، وربما تفوقه في الدقة فالكمية القليلة التي يراها الزبون في زجاجة صغيرة الحجم تحتاج إلى جهد ووقت ومادة خام كبيرة لاستخلاصها تفوق ما قد يتخيله البعض»، مبينا أن استخلاص الكيلو جرام الواحد من الياسمين الطبيعي يحتاج إلى محصول فدان كامل، وقد تصل تكاليف هذا الكيلو جرام إلى 250 ألف جنيه وأكثر حسب جودته. وينصح فاروق بتجربة العطر على راحة اليد قبل شرائه لعدة دقائق مع عدم تجربة أكثر من عطر في وقت واحد، معتبرا أن الروائح الطبيعية مثل الفل والورد هي الأفضل لفصل الصيف فيما تعد الروائح النفاذة والقوية مناسبة لفصل الشتاء. ويقول إن أخطر ما تواجهه المهنة هذه الأيام دخول عديمي الخبرة والضمير للعمل بها، وهو أمر له آثاره على الصحة حيث يعتمدون على الكحول بكميات كبيرة في مزج العطور لتحقيق مكاسب سريعة ما يؤدي إلى الإضرار بمستخدميها، والإساءة لكل العاملين في المهنة، ضاربا مثالا بالباعة الجائلين الذين يطوفون شوارع وأسواق القاهرة بين الناس بألواحهم الخشبية التي تصطف عليها زجاجات صغيرة من العطور وبيعها للزبائن بأسعار رخيصة، وهي كارثة لها أضرارها على صحة الإنسان فهؤلاء يقومون بإضافة مواد رديئة كالكحول الأحمر الذي يصيب جلد الإنسان بالأمراض مثل الحساسية بأنواعها المختلفة، وكذلك الجهاز التنفسي بأمراض خطيرة وبالتالي يسيئون إلى سمعة مصنعي العطور. أسرار المهنة يقول صلاح الزهار، صاحب محل لتركيب العطور، إن مهنته لها أسرارها وهي شديدة التعقيد والخصوصية بسبب مقاديرها وأنواعها المتباينة التي قد تختلف بشأنها الأذواق والميول وحتى في المناسبات والأوقات المختلفة. ويوضح أن لكل إنسان عطره الخاص الذي يناسب رائحة جسمه وتلك مهارات اكتسبها بالخبرة لذا أحيانا ينصح الزبائن لاسيما النساء بضرورة تجريب أكثر من نوع عطر قبل الاستقرار على نوع محدد يناسب شخصيتها. ويضيف أن المرأة تحب الروائح القوية، التي تبقى على الملابس لفترة طويلة، وتتناسب مع حالتها المزاجية فالفتاة في مرحلة الشباب تميل إلى روائح الزهور، بينما المتزوجة إلى روائح الفاكهة، والرجل يميل إلى الروائح النفاذة، بينما كبار السن يفضلون الفل والورد البلدي. ويقول «مهنتي تعتمد على المادة الخام في الأساس، وفهم أسرار التراكيب ومقاديرها المختلفة. ولذا اشتري الزهور من أنواع الزنبق والياسمين والفل والنارنج والبنفسج وغيرها، ونتركها حوالي 40 يوما، ثم نضعها بالماء تحت نار هادئة، ونصفي المنتج، ونعبئه بزجاجات ليختار الزبون ما يرغب من الأساس الطبيعي، وبنسب معينة يتم خلط الأنواع ببعضها البعض ليأخذ العطر في النهاية الرائحة المرغوبة. ويشير إلى أن هناك طريقة أخرى تعتمد على قطف الأزهار، ووضعها في وعاء، وتوجيه البخار عليها بحيث يخرج من الجانب الثاني من الوعاء على شكل ذرات وقطرات ليتجمع بعدها بشكله السائل ثم يعبأ بزجاجات. روائح فواحة يوضح الزهار أن أشهر الزيوت العطرية المستخلصة والمستخدمة في هذه الصناعة هي الياسمين والورد البلدي والنعناع والكافور والريحان والبابونج، وجرى العرف في السنوات الأخيرة على إطلاق أسماء شهيرة على أنواع العطور المختلفة للتمييز بينها، والتيسير على الزبائن في الاختيار، واستغلال تلك الأسماء الشهيرة في الترويج للعطور وزيادة المبيعات، وفقاً لشعبية المشاهير والمنطقة التي تباع فيها فغالبية المناطق الشعبية في مصر تفضل شراء العطور التي يطلق عليها أسماء المشاهير مثل «مهند ولميس وليالي الحلمية والحب كله وألف ليلة وليلة ونانسي عجرم وهيفاء وهبي وتامر حسني وعمرو دياب وأبو تريكة والحاجة زهرة»، ومؤخراً راج اسم ثورة الشباب و25 يناير على أحد العطور كنوع من استغلال حدث الثورة في مصر. ويلفت الزهار إلى أن حركة البيع والشراء في هذا المجال تتراوح بين المد والجزر، بحسب الظروف الاقتصادية والمناسبات، وإن كانت أيام الصيف وشهر رمضان الأكثر رواجاً لحركة المبيعات، كما أن هناك نوعية أخرى من الزبائن تتخذ من العطور هدية قيمة لمن يحبونهم ويقدرونهم في مناسبات الخطبة والزفاف وأعياد الميلاد، ويحرص هؤلاء على اختيار الأنواع التي تمتاز بروائحها الفواحة والأسعار في متناول الجميع، ويتحدد السعر وفقا لنوع العطر فثمن المستخرج من المسك والعنبر يختلف عن الزيوت العطرية المستخلصة من الأزهار والنباتات، وكلاهما يختلف في السعر عن الذي يعتمد على زيوت صناعية، ولذا تتفاوت الأسعار وزجاجة العطر الصغيرة الجيدة سعة 100 مليجرام تبدأ من 100 جنيه. استخدامات طبية يوضح هشام فاروق، صاحب أحد محال العطور، أن العطور لا تقتصر استخداماتها على الرائحة العطرة، وإنما هناك أيضا من يلجأ إليها لغرض طبي وفقا لوصفات علاجية مجربة؛ فمثلا استنشاق رائحة الياسمين المخلوط بالليمون يؤدي إلى زيادة الانتباه والتركيز، بينما زيت القرنفل وشيح البابونج يستخدمان كمضادات للزكام والرشح، كما أن خلط بعض الزيوت الطيارة كالفل والياسمين والورد البلدي مع النعناع بمقادير محددة يؤثر على نقاط معينة في المـخ ويؤدي إلى إفـراز هرمونات تشـعر بالسـعادة أو الاسترخاء. أسماء لافتة ثورة الشباب و25 يناير ومهند ولميس وسيرة الحب وليالي الحلمية وألف ليلة وليلة والحب كله ونانسي عجرم وهيفاء وهبي والحاجة زهرة وعمرو دياب وأبوتريكة أسماء لأصناف العطور التي يطلقها العاملون في المهنة على منتجاتهم لترويجها بين المصريين هذه الأيام خاصة الشباب والفتيات.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©