الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحرب الأميركية على المخدرات...نجاحات غير مؤكدة

11 يونيو 2011 23:54
براين بينيت محلل سياسي أميركي في الوقت الذي تعيث فيه عصابات المخدرات فساداً في المنطقة الممتدة من المكسيك إلى بنما، عجزت إدارة أوباما، حسب تقريرين حكوميين ورأي خبراء آخرين، عن إثبات أن مليارات الدولارات التي تنفقها الحكومة الأميركية في حربها على تجارة المخدرات، قد نجحت بالفعل في وقف تدفق هذه المواد الضارة إلى داخل الولايات المتحدة. وينتقد التقريران على وجه خاص الاعتماد المتزايد للحكومة على المتعاقدين الأميركيين الذين تلقوا أزيد من ثلاثة مليارات دولار لتدريب المدعين العامين في البلدان المعنية وأفراد الشرطة، والمساعدة في القضاء على حقول الكوكا، فضلاً عن استخدام معدات للمراقبة ومكافحة تجارة المخدرات المتنامية في أميركا اللاتينية، وفي هذا الصدد يقول السيناتور "كلير ماكاسكيل"، الذي يترأس لجنة في مجلس الشيوخ حول مكافحة المخدرات: "إننا نضيع أموال دافعي الضرائب حتى دون أن نعرف العائد من وراء ذلك، ومدى نجاحنا في محاربة تجارة المخدرات". ويتفق مع هذا الرأي "بروس باجلي" الذي يدرس الجهود الأميركية في مكافحة المخدرات، ويرأس كرسي الدراسات الدولية بجامعة ميامي قائلاً: "أعتقد أننا أهدرنا الكثير من الأموال، وقد كان لذلك تأثير سلبي على كل بلد في أميركا اللاتينية". بيد أن المسؤولين في إدارة أوباما ينفون أن تكون الجهود المبذولة على مدى سنوات قد ضاعت سدى، وأن الولايات المتحدة فشلت في وضع حد لإنتاج المخدرات وتهريبها إلى أميركا، مؤكدين الاهتمام الكبير الذي توليه إدارة أوباما لجهود مكافحة المخدرات، تلك الجهود التي لاتحظى في رأيهم بمتابعة إعلامية مناسبة، ولايركز عليها الكونجرس في جلسات استماعه. لكن وبصرف النظر عن هذه الجهود التي تتحدث عنها الإدارة، يبقى أن خمس شركات أميركية تحتكر العقود الحكومية في هذا المجال وهي: "دينكورب" و"لوكهيدمارتن"و"رايثيون" و"أي. تي. تي" وأخيراً ً"آرينك"، وذلك حسب ما جاء في تقرير لجنة الأمن القومي والشؤون الحكومية التابعة لمجلس الشيوخ. ويشار إلى أن هذه اللجنة التي سجلت ارتفاعاً في العقود الخاصة الموجهة لمكافحة المخدرات بنحو 32 في المئة خلال الخمس سنوات الماضية لترتفع من 482 مليون دولار في عام 2005 إلى 635 مليون دولار في عام 2009. وقد استأثرت شركة "دينكورب" بحصة الأسد من العقود الحكومية بحجم معاملات فاق المليار دولار. ومن المهام التي تضطلع بها الشركات المتعاقدة تدريب الشرطة المحلية في بلدان أميركا اللاتينية، وتوفير الدعم اللوجستي والمساعدة في جمع المعلومات الاستخبارية من خلال مراكز للمعلومات في البلدان المعنية، فضلاً عن استخدام الطائرات والمروحيات لرش حقول المخدرات بالمبيدات. وقد أنفقت وزارة الدفاع الأميركية ما لايقل عن ستة مليارات دولار منذ عام 2005 لرصد الطائرات والقوارب المحملة بالمخدرات والمتجهة إلى الولايات المتحدة، بالإضافة إلى مهام أخرى مرتبطة بالمراقبة وعمليات استخبارية، ومع ذلك يرى العديد من أعضاء مجلس الشيوخ أن الكثير من الأموال المرصودة لمحاربة المخدرات لا يمكن تتبعها أو تفسيرها منطقياً، بل ووفقاً لتقرير الكونجرس وصفت وزارة الدفاع نظامها الخاص بتعقب النفقات بأنه "معرض للخطأ"... هذا بالإضافة إلى عدم توفر بيانات مؤكدة لدى الوزارة حول مدى نجاح الجهود المبذولة لمكافحة المخدرات. وفي نفس السياق أكد تقرير آخر صادر في الشهر الماضي عن مكتب المحاسبة، وهو الذراع الرقابي للكونجرس، أن وزارة الخارجية "لاتتوافر على أرشيف مركزي للعقود الخاصة بمحاربة المخدرات"، مضيفاً أن الوزارة لاتجري أي تقييم لبرامجها الموجهة لهذا الغرض. وفي رأي السيناتور "ماكاسكيل" بات من الواضح أن "الجهود الحكومية الموجهة للجم المخدرات في دول أميركا اللاتينية فشلت تماماً في تحقيق أهدافها، لا سيما تلك المرتبطة بالمتعاقدين الذين تلجأ إليهم الحكومة على نحو متزايد"، هذا ولا تقتصر الانتقادات الموجهة إلى إدارة أوباما في مجال القضاء على المخدرات على الجهات الرقابية داخل الكونجرس، بل تأتي أيضاً من خبراء مستقلين مثل "فاندا فلباب-براون" من مركز بروكينجز الذي يعتقد بأن مكافحة المخدرات يجب أن تبقى في أيدي الجيش الأميركي وباقي الوكالات الحكومية، وليس المتعاقدين الخاصين، وأن الحكومة هي المسؤولة عن تدريب المحققين والشرطة في أميركا اللاتينية، لكنه يضيف "مالم توفر الإمكانات والموارد الأساسية للأجهزة الحكومية، فإنها لن تستطيع القيام بهذه المهمة وستبقى في أيدي الشركات الخاصة". وتأتي هذه الانتقادات الداخلية للجهود الأميركية في مكافحة المخدرات في أعقاب التقييم الذي خلصت إلى مجموعة دولية تضم قادة العالم مفادها أن الاستراتيجية الحالية في القضاء على المخدرات فاشلة، فقد أوصى أعضاء المجموعة التي تضم الأمين العام السابق للأمم المتحدة، كوفي عنان، والرؤساء السابقين للمكسيك والبرازيل وكولومبيا بتقنين الحكومات للمخدرات وتنظيمها حتى تضع حداً لمافيات المخدرات وعصابات الجريمة المنظمة. غير أن هذه الانتقادات لم تمنع المتحدث باسم البنتاجون، جيمس جريجوري، من الدفاع عن سياسية وزارة الدفاع الأميركية في مكافحة المخدرات معتبراً أنها "من أنجح السياسات في هذا المجال"، مشيراً إلى نجاح الولايات المتحدة خلال الثمانينيات في وقف شحنات الكوكايين التي كانت تهرب من كولومبيا إلى أميركا وجهودها أيضاً خلال التسعينيات في مساعدة كولومبيا على مواجهة تمرد مسلح تموله عصابات المخدرات. ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©