الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طرابلس المتململة: متى يخرج القذافي؟

11 يونيو 2011 23:53
سيمون دينير طرابلس فيما كانت القنابل تمطر العاصمة الليبية، طرابلس، محدثة أصواتاً مدوية في جميع أرجاء المدينة، بدت الشوارع خاوية على عروشها من أي حركة اعتيادية بعدما انسحب السكان إلى بيوتهم ترقباً وانتظاراً لما سيحدث لاحقاً. فقد شهد القصف الجوي الذي استهدف مواقع في طرابلس يوم الثلاثاء الماضي، واستمر يوماً كاملاً، أكبر غارة جوية تشنها طائرات حلف شمال الأطلسي على طرابلس منذ بدء عمليات الحلف في شهر مارس الماضي. لكن إذا كان التحالف الدولي يهدف من وراء القصف إلى إشعال فتيل الانتفاضة وتحريض الناس في العاصمة على الخروج ضد القذافي، مثلما حدث في المدينة خلال فبراير الماضي قبل أن تتدخل السلطات لقمعها بشراسة، فقد مني المخططون بخيبة أمل واضحة، بعدما تردد الناس وآثروا البقاء في بيوتهم على المخاطرة بالتعبير عن معارضتهم العلنية للقذافي، فيما كتائبه تجوب الشوارع بحثاً عن ضحايا محتملين. وعن هذا التخوف الذي أبداه سكان طرابلس، قال أحدهم وقد رفض الإفصاح عن هويته: "لماذا التسبب في كارثة أخرى، فالموالون للقذافي كانوا مستائين جداً وما كانوا ليترددوا في إطلاق النار على أي شخص يرونه في الشارع". لكن مع ذلك يبدو أن المعارضين للقذافي بدؤوا يرفعون أصواتهم في طرابلس، كما ظهر خلال الأيام الماضية الأخيرة، حيث بات الناس أكثر تعبيراً عن رفضهم لسياساته، بل إن بعض أصحاب المحال يشاهدون علناً بعض القنوات الفضائية التي تعتبر من المحظورات في ليبيا، لما يعتبره النظام تحريضاً تقوم به ضد ليبيا واصطفافها إلى جانب خصوم القذافي. ورغم اندلاع بعض الاحتجاجات المتفرقة في العاصمة الليبية خلال الأسبوعين الماضيين، يقول الناشطون إنهم مازالوا ينتظرون اندلاع انتفاضة في طرابلس يأملون أن تضع نهاية لحكم القذافي بإخراجه من المدينة مدحوراً. وفي هذا السياق يقول أحد الناشطين أُجريَّ الحوار معه في الطرف الظليل لشارع "بن عاشور"، والذي تسكنه الطبقة المتوسطة، إن "الناس ينتظرون في هذه اللحظة الشرارة الأولى، لكن لا أحد يريد أن يكون أول من يطلقها، لأنهم يدركون أنه ستراق الكثير من الدماء". ويضيف الناشط أنه في ظل التضييق الذي يمارسه نظام القذافي على تحركات المعارضة، ولجوئه إلى قطع الإنترنت، ومراقبة المكالمات الهاتفية... يصعب تنظيم تحركات منسقة. ورغم أن مؤشرات التململ والغضب الشعبي لا تخطئها العين، "فالجميع يريد رحيل القذفي، حتى من داخل النظام نفسه. إنهم فقط لا يستطيعون قول ذلك لأنهم لا يثقون في أحد". وفي المقابل تصاعد الضغط الدولي على نظام القذافي، كما عبر عن ذلك أمين عام حلف شمال الأطلسي، راسموسين، يوم الأربعاء الماضي عندما دعا القوى الغربية إلى البدء بالتخطيط لليبيا ما بعد القذافي، مؤكداً أن الزعيم الليبي بات من "التاريخ"، وأن رحيله "قد يستغرق أسابيع، لكنه قد يحدث غداً، وعندما يرحل يتعين على المجتمع الدولي أن يكون مستعداً". وكان راسموسين يتحدث في مؤتمر صحفي عقب اجتماع في بروكسل ضم وزراء دفاع الدول المشاركة في العمليات العسكرية، حيث أكد أن "حكم القذافي سينتهي قريباً وعلينا الاستعداد لما بعده". لكن الطريق إلى تلك المرحلة التي يغادر فيه القذافي البلاد مازالت غير واضحة، إذ رغم إعلان "الناتو" يوم الثلاثاء الماضي أن تكثيف الغارات الجوية على طرابلس يأتي في إطار الضغوط الممارسة على القذافي لإجباره على الرحيل، مازالت قوات الزعيم الليبي قادرة على التأقلم مع الوضع الجديد حتى بعد مرور ثلاثة أشهر على بدء العمليات العسكرية وتدمير جزء مهم من آلته العسكرية. فقد تمكنت كتائب القذافي يوم الأربعاء الماضي من شن هجوم شرس على مدينة مصراتة التي يسيطر عليها الثوار موقعة 12 قتيلاً في صفوفهم، وهي أكبر حصيلة من القتلى تشهدها المدينة منذ أسابيع. وفيما كانت القنابل تتهاطل على طرابلس يوم الثلاثاء الماضي، تساءل المراقبون عن التفكير الاستراتيجي وراء الغارات التي شنت في وضح النهار رغم ما تمثله من خطورة على طائرات "الناتو" والمدنيين على حد سواء، فهل كان الحلف يحاول استعراض عضلاته، أم يسعى إلى إقناع الدائرة المحيطة بالقذافي بالتخلي عنه؟ الحقيقة أنه رغم انشقاق بعض الشخصيات المهمة داخل نظام القذافي، إلا أن الجزء الأكبر من الموالين للقذافي مازالوا يتحلقون حوله. وفيما يذهب البعض إلى أن الغرض من القصف المكثف على العاصمة هو اغتيال القذافي نفسه، نفى الحلف مراراً أن يكون في نيته قتل القذافي. هذا وقد حرصت السلطات الليبية على اصطحاب الصحفيين إلى المواقع المستهدفة، مثل خيمة تابعة للعقيد بإحدى المزارع القريبة من العاصمة، وفيها تظهر البقايا المتفحمة للكراسي وغيرها من الأغراض. ومن جانبهم يقول الناشطون من داخل طرابلس إنهم ينتظرون اقتراب الثوار من المدينة لمساعدتهم، وإنهم يعملون حالياً على تخزين الأسلحة في انتظار ذلك اليوم. وقد أفادت إحدى القنوات الفضائية العربية خلال الأسبوع الجاري بوجود معسكر في جبال "نفوسة" الغربية يتدرب فيه المقاتلون على اختراق طرابلس. هذا في الوقت الذي يجري فيه النظام استعداداته الخاصة بتسليح مزيد من الموالين لمواجهة أي هجوم محتمل للثوار على العاصمة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©