الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

خالد السويدي يتناول الواقع الاجتماعي بطريقة ساخرة وخيالية

خالد السويدي يتناول الواقع الاجتماعي بطريقة ساخرة وخيالية
9 يونيو 2012
يحاول الكاتب القصصي الذي ينحو منحى ساخراً في أدبه أن يتوخى النقد الاجتماعي، وما في هذا الخضم الهائل من العلائق الاجتماعية من تداخلات وتجاذبات وافرازات تدعو للتهكم والسخرية. تقترن تلك الرؤية الساخرة بأسلوب يجمع بين الحكائية من جهة واقتقاء الألفاظ الدالة على السخرية وعليه يصبح النص مكتملاً على ثلاث ركائز، وهي ذات العناصر التي تجعل النص الأدبي نصاً ساخراً وأقصد الحكائية والأسلوبية والدلالية، إذ لا بد من توفر قصة تدور من خلالها أحداث تتناول واقعاً اجتماعياً متفشياً وبالأغلب والأعم مرفوضاً وثانياً الأسلوبية ونقصد به استخدام الجمل والألفاظ والتعابير التهكمية اللاذعة التي تسخر من تلك الجوانب السلبية في المجتمع، وثالثاً الدلالية أي توجيه الخطاب القصصي إلى معاني يريد منها الكاتب القصصي بشكل غير مباشر أن يتعرف عليها متلقي النص. دعانا إلى هذه المقدمة ما قرأناه للروائي والقاص الإماراتي خالد السويدي في مجموعته “بطل من ورق” الصادرة عن دار كتاب في الإمارات. وخالد السويدي دأب على هذا النمط من الكتابة الصعبة التي توجه القارئ إلى ما يريد الكاتب أن يسخر منه، وعليه فإن تجربة السويدي هذه تأتي الثانية بعد مجموعته القصصية الأولى “بطل رغم أنفي”، والأهم أن السويدي متخصص في هندسة الاتصالات أي أنه ينحو منحى علمياً في أفكاره غير أنه توخى الأدب الساخر في كتابته. تحتوي مجموعة “بطل من ورق” على قصص قلنا إنها اجتماعية نصادفها كل يوم في حياتنا، أي أنها مألوفة لدينا غير أن القاص يغرسها في نصه فتصبح أدباً له قوانينه الجمالية وأهم ما فيه أنه يمزج بين الهزل الساخر والحقيقة والخيال. ويقول السويدي في تعريفه بكتابه: “قد تستفزك أحداث القصص أحياناً وقد تضحك أحياناً أخرى، إنما في كل الأحوال هي جزء لا يتجزأ من واقعنا”. ويضيف: “في لحظة معينة خرجت تلك الأفكار تحاول تغيير واقع اجتماعي وسلبيات بدأت تطفو على السطح، أفكار تبحث عن الحرية بعدما سئمت وملت من عدم قدرتها على التعبير”. ويسعى السويدي من خلال قصصه إلى “ملامسة الواقع والبوح بما يختلج في الصدور”. ويرى السويدي أن أبطال مجموعته القصصية يعيشون بيننا، وقد نشعر بهم أو لا نشعر، فهم جزء لا يتجزأ من المجتمع الذي نعيشه بإيجابياته وسلبياته، وهم بالنسبة له أبطال مهماً اختلفت درجات بطولاتهم، فالبعض منهم بطل حقيقي والبعض الآخر بطل من ورق. تضم المجموعة قصص “بدون ألوان”، و”كل شيء تمام”، و”بطل من ورق”، و”برجوازية لئيمة”، و”شيء من الغيظ والقهر”، و”عاشق المزايين”، و”مرشح الشعب”، و”ساخن أكثر من اللزوم”، و”ليبراليزم”، و”طبيب وساذج وحنون”، و”حوار مفتوح”، و”تحت أجنحة الشياطين”. ويبدو من العناوين أنها لا تقود إلى أجواء ساخنة في النصوص إذ أنها توصيفية حيادية، بل بالعكس نجد فيها من الجدية والموضوعية حالما نكتشف أنها تخدعنا عندما نقرأ النص القصصي الذي يجمل تلك العناوين بمختلف صنوفها. في قصة “بدون ألوان” يسرد السويدي مشكلة فتاة تحب الألوان على وجهها وبمعارضة أخيها نكتشف صراعاً اجتماعياً بين الفتاة التي تريد أن ترتدي وتتزين بما يسوق لها تجارياً من مؤسسات الجميل وبين قيم أخيها الذي يتحدث بمنطق عال، غير أن صديقة الفتاة تزين لها حلاً غريباً وهي أن ترتدي النقاب وحالما تذهب إلى الدوام يمكن لها أن تتخلص منه. هذه حالة ساخرة يتناولها السويدي بجدية ممزوجة بحل هزلي، ولكنه يحمل أيضاً جزءا من جديته ومأساويته، ولا يوصلنا القاص إلى نهايات ما حصل سوى أنه يطرح القضية بنهاية شبه مؤلمة وساخرة. في قصة “برجوازية لئيمة” يتوقف شخص أمام فاترينه محل خياطة لدشاديش رجالية ويدخل المحل ويبدأ في حوار مع صاحب المحل الهندي كي يشتري قطعة قماش يخيطها له دشداشة، وبعد حوار طويل. - تفضل أرباب .. تفضل يبدأ النقاش الحاد حول سعر القماش ويتحول الحوار ليس بين الرجل وصاحب المحل، بل بين فئات النقود مع بعضها البعض وكيفية التباهي بأهميتها ما بين أصغر عملة وأكبرها. “وانخرطت الخمسة دراهم في البكاء فواستها ورقة العشرة دراهم. - لا تبك يا عزيزتي أنا لا أختلف كثيراً عنك”. ويستمر النص بهذه الطريقة حتى يرن هاتف تلفون الرجل ليخبره بمرض والده الشديد، فيغادر المحل دون أن يشتري شيئاً رغم نداء البائع. “وبدأ الجميع يضرب أخماساً في أسداس، ونظرت ورقة الخمسة دراهم بازدراء ناحية المائة درهم ثم قالت “راحت عليك يا برجوازية”. هذا هو الأدب الساخر الذي يكتب فيه خالد السويدي، وقد تناولت منه قصتين فقط كي نترك للقارئ أن يتعرف على النصوص الأخرى وربما يكتب رداً على ما نقوله في هذه المقالة عن المجموعة القصصية وكيفية استقباله لها.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©