الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القانون سابقة تنطلق من فهم عميق لدور الثقافة وأهمية الكتاب

القانون سابقة تنطلق من فهم عميق لدور الثقافة وأهمية الكتاب
9 نوفمبر 2016 19:27
يقول الشاعر والإعلامي التونسي الحبيب الأسود: «مما لا شك فيه أنّ دولة الإمارات تدشن زمناً عربياً جديداً، برؤية متقدمة، ووعي متجاوز للسائد في منطقتنا، وبقراءة تأسيسية للمستقبل، تستبطن مناطق الضوء في تاريخنا العربي الإسلامي، من زمن المأمون في بغداد، إلى عبقرية الإنجاز الحضاري في الأندلس، من هنا جاء قانون القراءة، كسابقة تنطلق من فهم عميق لدور الثقافة وأهمية الكتاب، وقيمة القراءة كأساس لبناء العقل المفكّر، والمجتهد، والناقد والرائي، والمخطّط لمسيرة الإنسان الإيجابي، في ارتباطه بالوطن والمجتمع والأمة والإنسانية، وبالزمن والموقع والتراث والتطلعات، وبما ينجزه الفكر الإنساني من إبداعات تساعد على تكوين الوجدان، في تجلياته المنسجمة مع خصوصيات البيئة المحلية والقومية والإنسانية». ويضيف «كما قال صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، فإن «القراءة والمعرفة أساس حقيقي للتطوير في دولة الإمارات، ولابد من تضافر الجهود كافة لإنجاح هذا القانون»، وأن «القانون يستهدف الاستثمار في الإنسان بالدرجة الأولى، ويرسّخ صورة الإمارات كنموذج ملهم في المنطقة»، وفي ذلك فلسفة عميقة في تفسير وتأطير دور القراءة والكتاب، من خلال سنّ القانون الذي جاء ليثبت مرّة أخرى أن دولة الإمارات، أمسكت بقصب السبق في كل ما هو ثقافي وحضاري، وقيمي وإنساني، وباتت مركزاً متقدماً للتنوير والتفكير والتعبير، كما هي صرح متقدم للتعمير والتطوير، ومثابة عربية وإنسانية للتفوق في فن القيادة والتسيير، ومثلما أبرز صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، فإن هذا «القانون هو أول تشريع من نوعه يُلزم الحكومة بالتدخل مبكراً، لترسيخ القراءة عبر توفير الحقيبة المعرفية»، ما يساعد «على نشر القراءة والمعرفة في كل مدرسة وجامعة ومؤسسة وبيت، وفي كل أركان الدولة»، ويساعد كذلك على بناء أجيال مطّلعة، معرفياً وعلمياً، ومتوازنة بيداغوجياً وسيكولوجياً وسوسيولوجياً، متجذرة ثقافياً وحضارياً، وقادرة على التفكير السليم، من خلال رؤية استثنائية لفهم وظيفة القراءة، التي «تصنع رجلاً كاملاً »، بحسب بنجامين فرانكلين، أو كما قال فولتير «سُئلت عمن سيقود الجنس البشري ؟ فأجبت: الذين يعرفون كيف يقرؤون »، وكل هذا الاهتمام بالقراءة في دولة الإمارات، سيؤدي حتماً إلى زخم رائع من الإبداع والأفكار الجديدة، ومن الإنجاز الأدبي والفكري المتميز». بناء منظومة معرفية يقول عبد الله بوبكر، الإعلامي والشاعر الفلسطيني: «قامت دولة الإمارات مؤخراً بسن قوانين وتشريعات من شأنها الارتقاء بالمجتمع، والتأثير الإيجابي بمختلف مكوناته، وأذكر مثلا قوانين مكافحة التمييز، ثم أخيراً قانون القراءة، وغيرهما، وهذا دليل وعي وإرادة تدفع لحماية المجتمع، ثم بناء منظومة معرفية توفر له سبل التقدم والتطور، والانفتاح على الآخر، في زمن أصبح كل شيء فيه يضيق». وأضاف «قال أحد المفكرين في الغرب، فالقراءة: تصنع رجل كاملاً.. نعم القراءة باستطاعتها أن تصنع رجلاً كاملاً قادراً على التفاعل مع محيطه، عبر ثقافته، واطلاعه الذي استقاه عبر قراءته العامة، ونحن اليوم بأمس الحاجة لفعل القراءة، الذي من خلاله، قد نتخلّص من أوهام وخرافات علقت في رؤوسنا.. سمعنا عنها وصدقناها، لكننا لم نبحث فيها ولم نقرأ حولها، لنصل معها إلى ناحية اليقين». صناعة ثقافية حقيقية ويؤكد الدكتور رضا القلال، الأكاديمي والإعلامي التونسي، «بعد وزارة السعادة، تفاجئ دولة الإمارات العالم بقانون القراءة، وكما يقرأ الكتاب من عنوانه، فإن قيمة الدول تقرأ أيضاً من قوانينها. وفي الزمن الذي تطحن فيه العولمة الدول والشعوب، تطلع علينا الإمارات بقانون القراءة، الذي من شأنه أن يبني قاعدة العلم والمعرفة. إنه كنز – لا يقدر بثمن- تفتح به آفاق المستقبل لأجيالها، لأن الكتاب هو إخصاب للذهن، وشقّ للأفق، وتوطين للإبداع والعبقرية، واليوم لا يقاس ميزان الدول بالثروات الطبيعية، إنما بحجم الذكاء». ويضيف القلال: «كرست الإمارات في 2016 القراءة كخيار استراتيجي، وتحوّله إلى قانون تسهر عليه كل دواليب الدولة. وكما انتقل الإنسان منذ آلاف السنين «بالكتابة»، من مرحلة ما قبل التاريخ، إلى التاريخ ذاته. فإن «القراءة» اليوم، في القرن الحادي والعشرين، هي الفاصل الحاسم، بين شعوب «هامشية جامدة» وشعوب «محورية متحركة». وهذا حجم النقلة الحضارية العظيمة التي يمكن أن يؤدي إليها قرار القراءة الجديد، الصادر عن دولة الإمارات. وإذا كانت «الأفكار» هي التي تصنع التقدم، والحراك الثقافي هو الذي يصنع التغيير الحقيقي، فإن فكرة قانون القراءة الجديد بالإمارات، يجعل من الكتاب صناعة ثقافية حقيقية. ومن المفارقات الإيجابية أننا إذا جمعنا الكتب، فإننا نجمع السعادة، وهذه الصلة التي بدأنا بها ورقتنا، بين وزارة السعادة وقانون القراءة، وعلى رأي الحكماء أنا أقرأ، أنا موجود». القاعدة الأولى للنهضة وأكّد علي الخميلي، رئيس تحرير «قناة الجنوبية» الفضائية، أنّ من يتأمل بعمق في هذا القانون الجديد يدرك أن قادة الإمارات، يتخذون مسارًا مختلفًا عن المسارات التي يتخذها غيرهم في الدول العربية، وأضاف الخميلي: هذه المبادرة النّابعة من إيمان عميق وراسخ لدى قادة الإمارات، المميزة في كل المجالات، تشير إلى أن القراءة هي القاعدة الأولى التي تقوم عليها نهضة الشعوب والأمم، مبرزاً أن الإعفاءات من الرسوم والضرائب، لغايات التأليف والنشر والتوزيع، وإلزام المدارس بوضع خطة سنوية لتشجيع القراءة بين الطلبة، وإلزام المقاهي في المراكز التجارية بتوفير مواد القراءة لمرتاديها. ظلت حلماً للكتاب والشعراء في العالم، خاصة بالوطن العربي، على الرغم من صعوبة إدراكه، إلاّ أن هذا الحلم في الإمارات لا يبقى كذلك من دون تيسير وتمهيد سبل التحقيق، بعد التوغل في ثناياه التشريعية والمعرفية والتمحيص والتدقيق، ليصبح واقعاً ملموساً، تصدر في شأنه القوانين، وتتعهد الدولة بتطبيقه بحذافيره، بكل حماس، وبشكل طوعي. حلم يتحقق وأشار الإعلامي التونسي، عز الدين الزبيدي إلى أنّ القراءة عملية معرفية، تقوم على تفكيك رموز تسمى حروفاً، لتكوين معنى، والوصول إلى مرحلة الفهم والإدراك، وهي جزء من اللغة، واللغة هي وسيلة للتواصل أو الفهم. فالقراءة تفتح الآفاق الأوسع والأعمق للإنسان، وتساهم في تطوير الحياة، سواءً على الصعيد الشخصيّ، أم الجماعي، باعتبارها البوّابة الأولى لتلقِّي العلوم المختلفة والمتنوّعة، وأيضاً الوسيلة الوحيدة لانتقال المعرفة والعلم، فضلاً عما توفّره من متعة وفائدة. وقال «سن قانون وطني للقراءة، يعتبر حلماً، يمكن أن يخطر على البال، لكن أن يصبح حقيقة، وفي دولة عربية سبقت كل دول العالم في إقراره، فإن ذلك لم يكن ليخطر على باله، وأن يعيش ليجد من يصدره، ويقرره، بكل حكمة، ويضع له أسسه وثوابته في أسمى وأرقى معانيها، لذلك فإننا نحيي قادة الإمارات الذين سبقوا، واستبقوا الجميع، لاتخاذ مثل هذا القرار، الذي سيكون له شأن كبير، وتأثيراته الفعلة الإيجابية، حاضراً ومستقبلاً». الحاضر والمستقبل وقال الباحث والأستاذ بالجامعة التونسية، محمد الكامل الدريدي «إنها فرصة للتأكيد على أنّ الأشقاء الإماراتيين، بمختلف شرائحهم، محظوظون، في ظل هذه القرارات المميزة، التي أصدرها قادتهم، الذين لم يفكروا في الحاضر الذي صنعوا إشراقه فقط، بقدر ما مهّدوا سبل التميز للأجيال القادمة أيضاً، باعتبار أنّ القراءة بحدِّ ذاتها من أكثر الوسائل لاستشراف المستقبل، خاصّةً إن كان هذا الإنسان من النّاس الّذين يسعون إلى أن يطوّروا من أنماط حياتهم وأعمالهم المختلفة، وأن يصلوا أيضاً إلى ما يطمحون إليه من أهداف، وتكمن أهميّتها لكونها الطريقة الوحيدة التي يمكن للإنسان أن يكتسب بها المعرفة، وبشكلٍ متّصل. كما أن قادة الإمارات شجعوا في آن واحد الكتاب على الإبداع والكتابة، بمفهومها الشامل، آملاً أن يجد زملاؤهم القليل، من بحر تشجيع ودعم الإمارات، في دول عربية أخرى». زمن استثنائي يقول الأستاذ الأكاديمي والجامعي، محمد الخليفي: قانون القراءة يعدّ حدثاً، يتمنى كل إنسان لو يقتفي بلده أثره، حتى يرفع الأمية عن العقول، في زمن استثنائي، لا مكان فيه للأميّ، خاصة أنّ العالم، وإن يتطور تكنولوجياً، في بلدان أخرى، فإن القراءة وحدها التي تجعل تطوره مواكباً لكل شيء في الحياة، وبالمناسبة فإنني أهنئ الأشقاء الإماراتيين، بمستقبلهم، وبهذه الحركة الإنسانية والحضارية المعرفية المهمة، التي سيكون أكثر إشراقاً. ويقول الباحث التونسي عبد الكريم الشرفي «القراءة تعتبر من أهم المهارات المكتسبة التي تحقق النجاح والمتعة لكل فرد خلال حياته، وذلك انطلاقاً من أن القراءة هي الجزء المكمل لحياتنا الشخصية والعملية، وهي مفتاح أبواب العلوم والمعارف المتنوعة». وأضاف: ديننا الحنيف دعا إليها في أول آية، وهي (اقرأ)، مؤكداً أنّ من أهداف القراءة التعبد، مثل قراءة القرآن، وكتب العلم، وهي أشرف أنواع القراءة وأجلها، مشدداً على أنه لا ينبغي للمسلم العدول عنها، والهدف الوظيفي أيضاً، كمن يقرأ في صلب تخصصه وطبيعة عمله، وهو ما تجلى في قرار دولة الإمارات، حين أكد إمكانية القراءة أثناء العمل، فضلاً عن الأهداف التطويرية التي تهم كل ما يصقل الشخصية، ويعزز المواهب. وخلص إلى القول: إنّ القراءة تزوّد الأطفال بمختلف أعمارهم، العلوم والثقافات، ولها أهمية كبيرة، لا يمكن إنكارها في حياة الأطفال، فهي تزودهم بمختلف العلوم والمعارف والثقافات، فالقراءة تفتح أمام الأطفال أبواب العلم والمعرفة، والثقافة الشاملة الدينية والدنيوية، وهو ما يجعل واجبات الآباء والأمهات مصيرية في تشجيع الأطفال عليها، وحبها والإدمان عليها، بكل الطرق والوسائل الممكنة، فقادة الإمارات تفطنوا مبكراً لكل ذلك، وأكثر، وأقروا ما يمكن لكل مثقف أن يشدّ على أياديهم، مهنئا الشعب الإماراتي بهذا القرار، والمكسب والتاريخي والحضاري. ويقول الشاعر المصري عصام خليفة: «قانون القراءة» هو جزء من رؤية واعية تتبناها دولة الإمارات في إدارة الثقافة، تلك المنظومة الرائعة التي تدار بمهارة جعلتها تتجاوز النظرة المحدودة السائدة للثقافة في العديد من الدول، وهي الفن والأدب، ليمتدّ مفهومها إلى عمق أكبر وأهم، وهو بناء الإنسان، فالثقافة هي المصنع الحقيقي للإنسان، والكيان الفكري هو الذي يميّز صفة الإنسانية، وهو الذي يحول «البشر» إلى «قُوَى بشرية». وفى عالم يمكن فيه تصدير كل شيء، إلا السلوك الإنساني، صارت الثقافة المقياس الأول لتقدم الأمم. وهذا ليس جديداً على دولة الإمارات، بما تملكه من قدرة إدارية شديدة التميز. وقد طرحت تجربة الإمارات الرائعة، في إدارتها للعمل الثقافي، خلال ورقة عمل تقدمت بها لمؤتمر سيقام الشهر الحالي بالمجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة، حول «إدارة الثقافة، وثقافة الإدارة»، وتضمنت رؤية حول مفهوم الإدارة العلمية للثقافة، واتّخذت من دولة الإمارات مثالاً مشرّفاً لذلك. فالإمارات- بما تمتلكه من تفوّق إداري ومعرفي – استطاعت أن تدرك خطورة الجيل القادم من الحروب، وهو حرب الثقافات والأفكار، كما أنها، بما تملكه من تقدم و طموح اقتصادي، استطاعت أن تحدد بدقّة، قيمة رأس المال البشرى الذي تمتلكه، و«قانون القراءة» مبادرة ليست فقط ثقافية، وإنما اقتصادية، واجتماعية، وسياسية، وخطة إستراتيجية، حتمية التنفيذ. سابقة عالمية الروائي والشاعر الفلسطيني أنور الخطيب، كتب يقول «كل فعل ثقافي أو مجتمعي يحتاج إلى قرار سياسي، لكون الدولة هي الواضع الأول لاستراتيجية النمو والتنمية والحراك والتطور، بمشاركة وتفاعل الجمعيات ذات النفع العام، والمؤسسات المجتمعية الأهلية والخاصة، التي تجتهد في تنفيذ الإستراتيجية، وفق أدوات عملها، والأشكال التعبيرية التي تمارسها، لكن ما حدث في الإمارات يُعد سابقة عالمية في إصدار قانون للقراءة، وقد جاء تتويجاً لمبادرة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بتخصيص عام 2016 عاماً للقراءة، والجميل في القانون تدخله الإيجابي في إيقاع الحياة اليومية، فألزم أصحاب المقاهي على سبيل المثال، بتوفير مواد للقراءة للمرتادين، وهذا الإلزام من شأنه خلق مظهر جديد للمدينة، يتسم بالحيوية، فأينما حلّ الكتاب تحل الحياة، والقرار في هذا الإطار هو إنعاش للحياة الاجتماعية والثقافية، وإعلاء من قيمة القراءة والقارئ. أما البند المهم الآخر فهو تخصيص ساعات للقراءة في مكان العمل، وهذا البند يخلق ثورة في مفهوم الإدارة، وجودة الموظف، وهو مسعى للوصول إلى الموظف المثقف، وهو وصف كان يثير الاستهجان في السابق، أما الآن فلا مكان لتعبير (أنا لا أحب القراءة)، لأنها أصبحت من صميم «عمل» الموظف، ومعياراً من معايير تقييمه المهني». ويضيف «سيتغير المشهد ابتداءً من اليوم، رواد المقاهي يقرؤون، مستخدمو الحافلات يقرؤون، المسافرون في الطائرات يقرؤون، المنتظرون في أماكن الخدمة يقرؤون، والموظفون يقرؤون. فنحن لا نقلّد الغرب، والقراءة ليست موضة كي تكون قابلة للتقليد، إلا أننا نستعيد صفة غابت عنا لعقود طويلة، صفة القراءة والبحث، وعدم إهدار الوقت في محطات الفراغ، إنه استعادة لجوهر الحياة».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©