الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إعادة السرد الإعلامي

9 يونيو 2013 22:37
إمري كاظم باحث في الفلسفة بكينجز كوليدج، ومؤسس مشارك في مؤسسة شجرة الزيتونة التعليمية مع الحادث الأخير في ولووتش بجنوب شرق لندن، والذي نتج عنه قتل الجندي «لي رغبي» في هجوم متطرف مفترض، كان هناك ارتفاع حاد في الهجمات وأعمال الاحتجاج ضد الجالية المسلمة البريطانية. وتقول منظمة «فيث ماترز»، وهي منظمة تراقب الكراهية ضد المسلمين، إن عدد الحوادث ارتفع إلى 212 منذ مقتل «رغبي»، بما فيها 11 هجوماً ضد مساجد في أنحاء المملكة المتحدة. ويجري إبراز الرهاب الإسلامي في الإعلام الوطني والعالمي على أنه السبب وراء هذه الهجمات. وقد تبنّى بعض المسلمين منظور الضحية في هذا الوضع، معتبرين هذه الموجة الجديدة من الهجمات على أنها إعادة تجسيد لمشاعر الخوف من الأجانب. إلا أنني أقترح منظوراً مختلفاً حول كيفية التفاعل مع الوضع في المملكة المتحدة، إلى ما وراء مجرد وصف الناس بأنهم مصابون بالرهاب الإسلامي، وهو أمر غير مُجد بل وحتى، إذا سُمح لي بالقول، غير إسلامي. الصراخ بالرهاب الإسلامي هو تكتيك سلبي لا يشكّل حلاً للمشكلة. وإذا افترضنا أن انتقاد الإسلام ليس خطأ بديهياً، فيتبع ذلك أن الأسلوب الوحيد للرد على هذا الانتقاد هو طرح سرد معاكس ومعلومات بديلة. أما الرد على انتقاد الإسلام بادعاء الرهاب الإسلامي فهو رد ضعيف ولا يكفي. الخيار الوحيد هو أن يبذل أصحاب المعتقدات المعارِضة لهذه الانتقادات إرادتهم الفكرية بأي أسلوب يرونه مناسباً لإعادة كتابة السرد، ليعكسوا ما يعتقدون أن الإسلام والمسلمين يمثلونه، وأن يعملوا على تثقيف الجمهور البريطاني والمجتمعات الغربية الأوسع، بناءً على ذلك. لا يؤدي الالتفاف على ما يشعر الناس أنه مصدر قلق حقيقي أو انتقاد موزون وتحويله عن طريق وصمه بـِ«العنصرية» أو «الفاشية»، إلا إلى الاستياء من هؤلاء الذين يحملون وجهات النظر هذه، ويشير في الوقت نفسه إلى أقل أشكال الدفاع، مقترحاً أن ما يجري الدفاع عنه هو غير قابل للدفاع. الادعاءات بأن الإعلام هو سبب الرهاب الإسلامي ضعيفة وعاجزة. ويتوجب علينا كمسلمين أن نتعلم امتلاك المنظور ورعاية المعلومات المتعلقة بديننا ونشرها في المجالات التي نستطيع التأثير فيها. قد تكون عملية كتابة التقارير وجمع البيانات حول تمثيل الإعلام للمسلمين، طاقة يتوجب بذلها بشكل أفضل في عملية إرسال رسالة إيجابية. ومن الأمثلة على ذلك قيام مسلمين في مسجد في «يورك» بتوزيع الطعام وممارسة الألعاب الرياضية، رداً على الاحتجاجات التي كانت تتم ضدهم. ومن حيث المبدأ، فإن أي قمع للحوار والنقاش تجب مقاومته. بغض النظر عما إذا كان ذلك يعجبك أم لا، فإن الحالة الراهنة هي أنه لا شيء محمي ضد الانتقاد الفظ أو الرفيع، إذ يصعب من حيث المبدأ خنق الانتقاد بأي أسلوب كان، وثانياً، من غير المرغوب فيه خنقه أو وقفه. وإذا ناقش بعض المعلقين بالقول إن طبيعة النقاش المتعلق بحقيقة الإسلام هي أن المعلومات الخاطئة والملتوية حول الإسلام والمسلمين يجري نشرها، فسوف أرد بأنه من غير المُجدي القيام بمحاولةٍ لحَجْر ذلك. يتوجب علينا أن نعيد كتابة سرد الإعلام، الذي يبدو مترسخاً على الغوغائية والتعابير الضبابية، مثل التطرف، بدلاً من القيام بتوجه أكثر دقة للأحداث الراهنة. ومن الأرجح أن يؤدي سرد مستمر للرهاب الإسلامي إلى عقدة الضحية، وهي حالة سوف تؤدي إلى التراجع وعدم التصرف. عقدة الضحية هي على الأرجح الناحية الأكثر خطورة للرهاب الإسلامي وتجب مقاومتها إذا كان المسلمون يملكون أية فرصة لتحسين وضعهم في المجتمع ووجهة النظر للإسلام. لن نزدهر من خلال حشد تعاطف الناس، بل من خلال الأعمال والقوة نستطيع الحصول على الاحترام. تحتاج مواردنا المادية والفكرية والروحية لأن يتم توجيهها بجد وجهد. وعلى افتراض أننا نرغب بتحقيق نجاح على المدى البعيد في جالياتنا التي نجد أنفسنا فيها، فإن أية فائدة مقترحة من جعل الرهاب الإسلامي هو القضية لا تتكافأ مع استثمار مواردنا المحدودة. ليس الصراخ بوجود الرهاب الإسلامي مضراً فحسب، بل لا يبدو أنه يحذو حذو الأسلوب النبوي، الذي أعتقد أنه واحد من المبادئ والصفات الفضلى. هناك سرد متواصل عبر التاريخ لما قد يسميه البعض رهاباً إسلامياً. وتُظهِر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك. وبدلاً من تعقيد الظاهرة الحالية بالرهاب الإسلامي كوسيلة سياسية في أعقاب تزايد الحقد والهجمات ضد المسلمين في المجتمعات الغربية، حان الوقت للجالية المسلمة كي تتفاعل إيجابياً مع هذه الظاهرة وترفض عقدة الضحية كردّ. نستطيع بهذا الأسلوب أن نستعيد سلطتنا على مصير جاليتنا وأن نتمكن من التعبير عن إرادتنا وأن نصنع مستقبلاً أفضل لأنفسنا. ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©