الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ضعوا نقطة على عين العرب.. لتفهموا الأرب!

26 سبتمبر 2017 21:15
يدخل تميم عند أنجيلا ميركل أو إيمانويل ماكرون أو دونالد ترامب أو تيريزا ماي أو فلاديمير بوتين أو أمين عام الأمم المتحدة ويخرج معهم إلى المؤتمر الصحفي فيقولون كلام المحايدين أو المشفقين على شعب قطر من الحصار أو الراقصين على السلم.. ثم يدخل مسؤول من إحدى دول المقاطعة الأربع ويخرج إلى المؤتمر الصحفي مع الزعماء الكبار.. ويقول هؤلاء الزعماء إن على قطر أن تتوقف عن دعم وتمويل الإرهاب، وأن تستجيب للمطالب، وأن تظهر حسن نواياها تجاه جيرانها، وأن حل الأزمة يجب أن يكون في البيت الخليجي، وأنهم يدعمون الوساطة الكويتية. هل الرسائل التي وصلت إليكم هي نفس الرسائل التي وصلت إليّ؟ والرسائل التي وصلت إليَّ ملخصها أن مصائب العرب عند الغرب والشرق فوائد.. العرب يصنعون مآسيهم والغرب والشرق يستفيدان.. العرب يخسرون الأموال والأنفس والثمرات.. وما يسمى المجتمع الدولي يربح ويجني الثمار.. لذلك لا أرى في الأفق أي حل لأزمات ليبيا وسوريا واليمن وقطر.. لأن إطالة أمد الأزمات مصلحة لما يسمى المجتمع الدولي.. حتى استمرار الإرهاب مصلحة وفائدة لما يسمى المجتمع الدولي. الغرب يحايد ليزايد لا ليحل.. ولست أدري ويبدو أنني لن أدري أبداً ولن تدروا ما معنى الوساطة بين إرهاب واضح وسافر ومن يواجهه ويكتوي بناره؟ ما معنى أن يكون هناك مبعوث أممي لليمن للوساطة بين حكومة شرعية ومتمردين في اليمن.. وهذا ليس وصفنا، ولكنه وصف المجتمع الدولي ممثلاً في منظمته الورقية الهشة المسماة الأمم المتحدة.. المجتمع الدولي الافتراضي هو الذي قال إن حكومة الرئيس هادي هي الشرعية وإن المتمردين انقلابيون وغير شرعيين.. ما معنى أن يبالغ ولد الشيخ أحمد في هذا الحياد المقيت ليصف المتمردين بأنهم أنصار الله.. وهم الذين أدانهم قرار أممي واضح ووضعهم تحت الفصل السابع من ميثاق المنظمة الورقية. ليس هناك أي معنى سوى أن ما يسمى المجتمع الدولي يدير مشاكلنا ولا يحلها رغم أن المنظمة الدولية الورقية كما يقول المصريون (شغالة على مشاكل العرب فقط).. بمعنى أن الحل لمشاكل العرب يعني أن المنظمة ستعيش بلا عمل.. فمن سوريا إلى ليبيا إلى فلسطين إلى اليمن إلى العراق إلى لبنان إلى قطر إلى الصحراء المغربية إلى الصومال إلى السودان.. يخرج مجلس الأمن من مأساة عربية إلى أخرى لإصدار بيانات أو إصدار قرارات مائعة تجنباً للفيتو من الخمسة الكبار. هناك إدارة دولية لمآسي العرب وهم قوم بلا إرادة.. هناك وساطات للبحث عن حل يرضي جميع الأطراف، ولا يوجد حل في الكون يرضي جميع الأطراف.. وسيظل العرب بمآسيهم وانتحارهم الجماعي الدجاجة التي تبيض ذهباً لما يسمى المجتمع الدولي.. كلما طالت المأساة دارت مصانع السلاح وفتحت دولة مثل قطر خزائنها لشراء المواقف والمواقع والصحف والأنصار المأجورين في الغرب والشرق.. وأزعم أن الغرب سيكون في غاية البلاهة إذا سمح بحلول لمآسي العرب.. فالمليارات تتدفق لشراء السلاح والذمم والمواقف المدفوعة.. لا تحدثني عن الأضرار التي تلحق بالعرب، فالعرب قوم لا يشعرون ولكن حدثني عن المكاسب والفوائد التي تجنيها إيران وروسيا وتركيا وأميركا وأوروبا من مآسينا.. حدثني عن مكاسب إسرائيل التي انتصرت بلا حرب.. حدثني عن أن الدماء العربية تسيل لحساب ما يسمى المجتمع الدولي، وأن كل الحروب والأزمات والإرهاب في الأمة.. كل ذلك يجري بالوكالة عن الأجنبي، وإلا قل لي بالله عليك.. من الذي يمد الإرهابيين بالسلاح الأكثر تطوراً في العالم؟ ولا تقل لي كما يقول دعاتهم ومدَّعوهم إن الملائكة هي التي تمد الإرهابيين بالسلاح، وإن الملائكة تحارب معهم.. وإن جبريل عليه السلام صلى خلف محمد مرسي في ميدان رابعة العدوية بمصر.. بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى خلف مرسي في هذا الميدان. والأدهى والأمر أن العرب أدمنوا مآسيهم وألفوها واعتادوها ولم تعد تنتطح فيها شاتان أو عنزتان.. وعندما تآلفوا مع كوارثهم راحوا يبحثون عن (أكشن) يدهشهم ويحركهم من جديد في ميانمار وحكاية الروهينجا.. ونحن نشد شعر رؤوسنا ونهتف: أيها الخجل أين حمرتك؟ أين حمرتك عندما يتحدث أمير قطر عن مأساة الروهينجا وينسى ما جنت يداه وأيدى (الحمدين) في مصر وغيرها؟ والحق أن آفة العرب الاعتياد والتآلف وموت الدهشة.. مأساة كبرى ألا يدهشك شيء أو يحرك فيك ساكناً.. فنحن حتى لا ننوح على ضحايانا ومشاكلنا ونبحث عن نائحات مستأجرات في الغرب والشرق والأمم الورقية المتحدة.. وبالفعل يلعب ما يسمى المجتمع الدولي باقتدار دور النائحة المستأجرة بينما النائحة الثكلى فقدت حتى مجرد الإحساس.. بل راحت ترتع وتلعب على المواقع. كيف ننتظر من الآخرين أن يرحمونا ونحن لا نرحم أنفسنا؟ الآخرون ليسوا معنيين إلا بتدفق المليارات وعقد الصفقات وتحقيق الربح من مآسي العرب.. إيران وتركيا مثلاً أكثر المعنيين باستمرار أزمة قطر مع محيطها الخليجي والعربي.. وكل المتضادين الإقليميين والدوليين يجمعهم حرصهم الشديد على تسمين وتغذية مآسي العرب.. كلهم ينتصرون علينا بلا حروب لأن جندهم منا.. جندهم عرب يحاربون عرباً ويقتلون عرباً بالوكالة.. وعندما يسرقك اللص الواحد مرتين فاتهم غباءك ولا تتهم ذكاء اللص.. وعندما تلدغ من الجحر الواحد ألف مرة فاتهم إيمانك الناقص أو المعدوم ولا تتهم عبقرية العقرب أو الثعبان. لا أحد يتآمر علينا.. ولكننا نتآمر على أنفسنا.. لا أحد يتدخل في شؤوننا، وإنما نحن الذين يستدعونه للتدخل.. فكان يمكن لقطر أن توفر مليارات شعبها التي تغدقها لشراء مواقف مدفوعة ولتمويل الإرهاب، وتتجه إلى محيطها الخليجي لتحل مشكلتها وتتخلص من أزمتها مجاناً، لكن هذه حال العرب يصنعون مآسيهم ويشترون حلولاً وهمية من الآخرين، ولكي تفهموا الأرب ضعوا نقطة على عين العرب! *كاتب صحفي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©