الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يهود فرنسا خائفون من عودة «معاداة السامية»

25 يونيو 2014 00:18
أنتوني فايولا باريس في بداية أحد عروضه المسرحية على مسرح «مين دو أور»، أو (اليد الذهبية)، في باريس ترتسم ابتسامة شيطانية على وجه الممثل الهزلي الفرنسي «ديودونيه مابالا»، ويقول «أنا لست معادياً للسامية». ثم تتوالى النكات عن اليهود. وأمام قاعة مليئة بالمتفرجين تهكم «ديودونيه» على «آلان جاكوبوفيتش»، وهو زعيم فرنسي يهودي يصف هزليات «ديودونيه»، بأنها ترقى إلى خطاب الكراهية. وبينما ينتقد الكوميدي الفرنسي بشدة جاكوبوفيتش، تتألق نجمة داوود على شاشة، وينفجر الجمهور في الضحك، ويصعد صوت يحاكي صوت قطارات النازي التي كانت تنقل اليهود إلى معسكرات التصفية. وفي مشاهد أخرى يقلل من شأن ما يعرف باسم المحرقة النازية لليهود (الهولوكوست) ثم يسخر منها باعتبارها مبالغة شديدة. وفي البلد الذي يشكو فيه زعماء اليهود من أسوأ مناخ مناهض للسامية منذ عقود، أصبح «ديودونيه» الذي تتزايد هجماته على اليهود، يمثل علامة على هذا العصر. وأصدرت السلطات الفرنسية حظرا فعليا على أحدث عروضه في يناير لإثارته الكراهية. لذا أعاد صياغة العمل ليعود مرة ثانية إلى المسرح بعد أن تخلص على سبيل المثال نكتة تتحسر على الافتقار إلى غرف غاز حديثة. لكن الممثل الفرنسي ذي الأصول الأفريقية استطاع أن ينقذ النكات والإشارات الأخرى بما في ذلك حركته التي تشبه التحية العسكرية النازية لكن مع خفض الذراع لأسفل. وانتشرت الحركة بشكل فيروس في أنحاء أوروبا لدرجة أنها ظهرت في قواعد الجيش وفي البرلمانات وفي حفلات الزفاف ومباريات كرة القدم. واستخدمها النازيون الجدد أمام المعابد اليهودية والمعالم التذكارية عن الهولوكوست. وفي وقت مبكر من هذا العام أدت مجموعة من أنصار «ديودونيه» الحركة تلك أثناء مسيرة في الشوارع في باريس وهم يهتفون «أخرجوا من فرنسا يا يهود!» وحظرت السلطات الفرنسية عروض «ديودونيه-فلسطين» للفنان الهزلي الفرنسي لإثارتها الكراهية. ويشير «روجر كوكيرمان» رئيس مجلس المؤسسات اليهودية في فرنسا إلى أن «ديودونيه سيحظى بملايين المشاهدات على مقاطعه المصورة على الإنترنت وهو ينشر حركته الخاصة الشبيهة بالنازية... هناك شيء مقلق للغاية يحدث في فرنسا. وهذا الوقت ليس جيدا لليهود». ويعتقد زعماء لليهود أن «ديودونيه» هو عرض لمرض يمثل مشكلة أكبر. وهم يتحدثون عن صعود لـ«معاداة جديدة للسامية»، هنا وفي مناطق أخرى في المنطقة، تقوم على تضافر أربعة عوامل رئيسية. وهذه العوامل هي الفكرة التقليدية للبحث عن كبش فداء في غمرة ظروف اقتصادية صعبة وتصاعد قوة القوميين من أقصى اليمين وتدهور العلاقة بين الأوروبيين الأفارقة واليهود والأهم من هذا هو تصاعد التوتر مع الجالية المسلمة التي تتزايد عددا في أوروبا. وفيما يتعلق بمعاداة السامية، يحدث مد وجذر هنا وهناك في أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وشهدت الفترة اندلاع للعنف والإرهاب الدولي، خاصة في ثمانينيات القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحالي وغالباً ما ارتبط بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني. لكن زعماء اليهود يحذرون حالياً من تحول أساسي في الآونة الأخيرة يرتبط بظهور معاداة للسامية محلياً. وفي وقت سابق من هذا الشهر ألقت السلطات القبض على «مهدي نموش» الفرنسي البالغ من العمر 29 عاما ووجهت إليه اتهامات تتعلق بمقتل أربعة أشخاص في مايو الماضي داخل متحف في بروكسل. ويعتقد أن «نموش» شن هذا الهجوم بعد أن قضى فترة من الوقت مع مقاتلي المعارضة السورية. وهذا يدعم الخوف من وصول المزيد من العنف إلى فرنسا مع عودة عدد متزايد من الفرنسيين الذين يقاتلون في سوريا إلى فرنسا. ورصدت تقارير في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري في فرنسا التي يوجد بها أكبر جالية يهودية في أوروبا، صعوداً كبيراً لأعمال عنف مرتبطة بمعاداة السامية بنسبة 140 في المئة بزيادة 40 في المئة عن نفس الفترة من العام الماضي. ويشير مسح دولي أجراه مركز رابطة مناهضة التشهير الذي يتخذ من نيويورك مقراً إلى أن فرنسا الآن بها النسبة الأكبر من الناس الذين يتبنون آراء مناهضة للسامية صراحة، وتبلغ 37 في المئة. هذا بالمقارنة بثمانية في المئة في بريطانيا و20 في المئة في إيطاليا و27 في المئة في ألمانيا. ويربط زعماء اليهود بين هذا والتشدد المتزايد لدى شباب الجالية المسلمة الفرنسية التي تعد الأكبر في أوروبا وأيضاً بالغضب وسط الجمهور والإعلام الفرنسي من السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين. ويخشى نشطاء يهود أن يتزايد القبول الاجتماعي لمعاداة السامية. وتصاعدت هجرة الفرنسيين إلى إسرائيل عام 2013 ليصل عدد المهاجرين إلى 3200 بزيادة قدرها 64 في المئة عن عام 2012. ويتوقع زعماء اليهود أن تحدث زيادة كبيرة في رحيل الفرنسيين اليهود إلى إسرائيل ليصل عددهم إلى خمسة آلاف على الأقل عام 2014. وولد «ديودونيه» لأب من الكاميرون وأم فرنسية وصعد إلى النجومية في تسعينيات القرن الماضي، ضمن الثنائي الذي كان طرفه الآخر «إيلي سيمون»، وهو ممثل هزلي يهودي. لكن الثنائي انفصلا بعد أصبحت سخرية «ديودونيه» يصعب التفريق بينها وبين خطاب معاداة السامية. وعلى امتداد العقد الأول من القرن الحالي فرضت على «ديودونيه» غرامات مرارا بسبب عبارات اعتبرت مناهضة للسامية بما في ذلك وصفه للهولوكوست بأنها «تذكار العري». ورغم أنه ممنوع من الظهور في معظم محطات الإذاعة وبرامج التلفزيون لكنه ينتعش على المسرح وعلى الإنترنت حيث توجد مقاطعه المصورة الهزلية بكثرة على موجة جديدة من مواقع الإنترنت المعادية للسامية في فرنسا. ورفض «ديودونيه» التعليق لكن محاميه أكد أن موكله ليس معاديا للسامية لكنه يسخر من الواقع. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©