الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الهند تراهن على الصادرات لتعزيز النمو الاقتصادي

11 يونيو 2011 19:56
تسعى الهند إلى إعادة تنشيط طرقها التجارية في محاولة لاستعادة أراضيها المفقودة بعد عقود من العزلة ومن السياسات المحلية الضيقة والروتين العقيم. ومضت الآن عشرون عاماً على تقديم رئيس الوزراء مانموهان سينج عندما كان وزيراً للمالية، للإصلاحات التي تنادي بتحرير الاقتصاد من السيطرة الحكومية، بينما تشرع حكومته الآن أبوابها للأسواق العالمية الجديدة. ويجدر بالذكر أن أطروحة سينج لنيل درجة الدراسات العليا في ستينيات القرن الماضي، كانت بعنوان «توجهات الصادرات الهندية ومستقبل النمو الذاتي». وحظيت الهند، ثاني أسرع الاقتصادات نمواً في العالم الآن، بحصة أكبر من التجارة العالمية. وبلغ حجم تجارتها الثنائية مع الصين في العام الماضي نحو 60 مليار دولار، ومع الاتحاد الأوروبي ما يقارب 100 مليار دولار. كما أن عائدات الصادرات آخذة في الارتفاع لتشكل نصيباً متزايداً في الناتج المحلي الإجمالي. ويتم إحراز هذا النجاح على الرغم من فشل «منظمة التجارة العالمية» في الموافقة على إطار عمل لمساعدة الدول النامية في جولة محادثات الدوحة، ومن مخاوف سياسة الحمائية التي برزت في أعقاب الأزمة المالية العالمية. وكان معدل التجارة الهندية بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي في عام 1990 ما يقارب 40% إلى 246 مليار دولار، متفوقاً على التوقعات الحكومية. ويتمثل الحلم الحكومي في عائدات للصادرات تبلغ نحو 500 مليار دولار سنوياً خلال ثلاث سنوات، مع نمو يصل إلى 30% في العام. وارتفعت الصادرات في أبريل وحده بنسبة سنوية قدرها 40%، ومع ذلك، من المتوقع أن تتراجع هذه النسبة عند نهاية السنة، حيث يواجه الاقتصاد العالمي زيادة في أسعار الطاقة. ويعتبر تحسن أداء الصادرات من الأنباء السارة بالنسبة للحساب الجاري في بلد يستورد أكثر أيضاً. وتراجعت التوقعات الخاصة بعجز الحساب الجاري بأكثر من 4% من الناتج المحلي الإجمالي، إلى ما يقارب 3% للسنة المالية الحالية. وبتأمل الاقتصاد الهندي من بعيد، يبدو في الغالب أنه يعتمد على الاستهلاك المحلي القوي الذي تشكله كثافة سكانية تصل إلى 1,2 مليار نسمة. ويدعم ذلك وإلى حد كبير نمو اقتصاد البلاد الحالي عند 8,6%، لكن يتفاءل صانعو القرار بأن أداء الصادرات سيحافظ على مستوى النمو العالي لثالث أكبر اقتصاد في آسيا. ويبشر نجاح قطاعات الصادر، بالإضافة إلى تحسن البنية التحتية، بتوفير وظائف أفضل في مجال الصناعات المختلفة. وقام عدد من قادة أقوى الدول في العالم بزيارة دلهي في العام الماضي مصحوبين بوفود تجارية غير مسبوقة. وتمثل الهند بالنسبة للرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الفرنسي نيكولاس ساركوزي والرئيس البريطاني ديفيد كمرون، فرصة سانحة لشركات بلدانهم لتستفيد من النماذج التجارية ذات التكلفة المنخفضة التي يمكن أن تساعدهم في مد الأسواق العالمية بمنتجاتهم. ولا يقتصر سعي الحكومة الهندية الدؤوب لبلوغ القوة فحسب، بل أطلقت أيضاً عدداً كبيراً من الاتفاقيات التجارية الصغيرة. ونشر وزير التجارة الهندي أناند شارما نشاطه التفاوضي إلى أستراليا ونيوزلندا كجزء من خطة التوسع شرقاً، بالإضافة إلى الشرق الأوسط وأفريقيا وأميركا اللاتينية. ووقع سينج مؤخراً على اتفاقية للتعاون الاقتصادي مع أستراليا، مُطلقاً عليها «الطريق التحرري الحقيقي» نحو اتحاد أكثر بين البلدين. وإلى جانب العديد من الاتفاقيات، تجيء مخططات ذكية أخرى واتفاقية لتوفير فاكهة المانجو الهندية ابتداءً من الشهر المقبل. ومن المتوقع أن يبلغ حجم التجارة المتبادلة مع أستراليا الضعف خلال ثلاث سنوات إلى 40 مليار دولار. أما بالنسبة لأستراليا وبوصفها من المصدرين الكبار للفحم والنحاس والنيكل، تشكل الهند ثالث أكبر سوق لها بعد الصين واليابان. ونمت التجارة خلال السنوات الثلاث الماضية بنحو 30% في السنة، وذلك بفضل تحول رجال الأعمال الهنود من القطاع المحلي إلى العالمي. وأصبح هذا التوجه سائداً الآن تقريباً في كل بقعة من بقاع العالم بما في ذلك أفريقيا وأميركا اللاتينية. وتدخل الهند المعروفة بنهج الحمائية والرسوم الهائلة في الماضي، في اتفاقيات تجارية ثنائية مع الاتحاد الأوروبي ونيوزلندا وأميركا وجنوب أفريقيا واليابان. ونفذت الهند بالفعل بعض هذه الاتفاقيات، حيث نفذت أكبر اثنتين منها مع اتحاد دول جنوب شرق آسيا «آسيان» وكوريا الجنوبية. واعترف وكيل التجارة الهندي راحول خولار بقلة المفاوضين المطلوبين في قسمه لمثل هذا المستوى المقترح من النشاط، وان عدد موظفيه تجمد عند 30 منذ عدة سنوات، واصفاً الهند بأنها متأخرة في انضمامها للاتفاقيات التجارية الثنائية. ويُلاحظ أن البلدان التي أهملت العلاقات الاستثمارية مع الهند تسارع الآن للقيام بذلك، مثل بريطانيا التي تتفوق عليها أيرلندا في نشاطها التجاري مع الهند. ويقول مستشار الخزانة البريطاني جورج أوزبورن «ساعدت السياسات التجارية وتحرير الاستثمار في انضمام الهند إلى المنظومة الاقتصادية العالمية مما أكسبها قوة التأثير التي فقدتها قبل قرون عديدة». ويجئ هذا النشاط في أعقاب تعثر محادثات منظمة التجارة العالمية في الدوحة التي تنادي الهند بإحيائها في ظل المخاوف المتزايدة من انتشار الحمائية في أعقاب الأزمة المالية. ويتخوف الاقتصاديون من أن يقود فشل الموافقة على جولة جديدة من محادثات الدوحة، إلى إعاقة نمو اقتصادات كبيرة مثل الاقتصاد الهندي. وما زال على الهند القيام بالكثير لتجعل نفسها أكثر جاذبية للتجارة العالمية والاستثمارات، كما أنها تسير بخطى راسخة نحو تسهيل العمل التجاري وتطبيق معايير درء الفساد والشفافية. ولاحظ «البنك الدولي» أن الهند، وبالرغم من أنها فتحت اقتصادها تماماً، إلا أن رسومها مستمرة في الارتفاع مقارنة مع بقية الدول الأخرى، وأن قوانين الاستثمار فيها لا تخلو من القيود. وتمارس الهند قيوداً على الاستثمارات الأجنبية في العديد من القطاعات خاصة قطاع التجزئة، بينما تجعل المصالح الشخصية استفادة القادمين الجدد فيها شيء من الصعوبة. ومن الأولويات العاجلة، موازنة العجز المتزايد مع الصين التي أصبحت أكبر شريك تجاري للهند الآن، وتحسين العلاقات السيئة مع جاراتها في منطقة جنوب القارة. وبينما احتلت الهند موقعها العالمي بفضل نموها السريع، تُضاعف حصتها من الصادرات العالمية من 0,3% من الناتج المحلي الإجمالي في 1993، إلى 1,3% في الوقت الحالي. لكن لا يزال شركاؤها يشتكون من اقتصادها الذي يتميز بحمائية عالية والذي يحتفظ برسوم زراعية تصل لما بين 30 إلى 40%، ويطبق من حين إلى آخر تدابير مكافحة الإغراق، بالإضافة إلى عمليات التأخير التي تشكل أحد العوائق الكبيرة. ووفقاً للبنك الدولي، ينبغي الحصول على 8 مستندات على الأقل لإنجاز عملية تصدير واحدة في الهند، مقارنة بأربعة فقط في سنغافورة، و17 يوم مقابل 5 أيام وتكلفة 1,055 دولار للحاوية الواحدة مقابل 456 دولاراً في سنغافورة. وتعتمد المحافظة على هذا المستوى من التقدم على مقدرة الهند على تحسين البنية التحتية على مدى الخمس سنوات المقبلة، وانتعاش الاقتصاد العالمي لدرء الحمائية. نقلاً عن «فاينانشيال تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©