الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

عبدالله صالح: الألعاب الشعبية مازالت تشدّني إلى ماض أحنّ إليه

عبدالله صالح: الألعاب الشعبية مازالت تشدّني إلى ماض أحنّ إليه
3 سبتمبر 2010 23:28
“أنتمي إلى جيل ما زال في ذاكرته شيء من زمن طفولته الأولى المبكرة المرتبطة بالحياة في الإمارات على ما كانت عليه وبما تميزت به عن غيرها، بكل ما فيها من طيبة وبراءة وحضور لإنسانية الإنسان في علاقاته بمن يحيطون به. وهذا الأمر في حياتنا بكل ما فيها من توادّ وتراحم، كان يبلغ أسمى تجلياته في الشهر الفضيل، حيث الناس في “الفريج” الواحد أكثر قرباً إلى بعضهم بعضاً، كما لو أنهم أسرة واحدة بالفعل”. هذا ما بدأ به الفنان والكاتب المسرحي والممثل عبد الله صالح، حديثه لـ”الاتحاد” ضمن حلقاتها التي يتحدث فيها مبدعو الإمارات عن ذاكرتهم مع هذا الشهر الفضيل. ويضيف “ لعل الألعاب الشعبية التي كنّا نمارسها أطفالاً هي التي تشدّنا إلى ذلك الماضي، كنّا نمارسها بشغف ليس في ظلّ عدم وجود أي ألعاب إلكترونية أو شيء من هذا القبيل كما هي الحال اليوم، بل لأنها بالفعل تستحق الممارسة، هي التي يغيب عن بالي الآن بعض أسمائها لكن الأماكن التي لعبنا فيها تلك الألعاب ما تزال راسخة في ذاكرتي حتى الآن”. ويقول “كان ذلك في منطقة من رأس الخيمة قبل انتقال العائلة إلى أبوظبي، في منطقة تجمع بين الجبل من جهة والشاطئ المطلّ على الخليج العربي من جهة أخرى، هناك كنّا نلعب “الهول” فنحدد مكاناً نلتقي فيه، ثم نُجري قرعة بيننا فيُطلب من شخص البحث عنا بعد أن يغمض عينيه ثم نختفي من نقطة البداية في رحلة اختباء نقوم بها في الجبل للعودة إلى نقطة البداية دون أن يمسك بنا أحد، وكان البعض منا يضيع هناك فلا يعود بعد انتهاء اللعبة فنشرع بالبحث عنه”. ويشير الفنان عبد الله صالح الذي تتجاوز تجربته الغنية الثلاثين على مستوى التمثيل المسرحي والتلفزيوني والكتابة المسرحية والغناء وكتابة كلمات الأغاني والتلحين، إلى أن لعبة “قبّ المصطاع” كانت من أجمل الألعاب التي كانوا يمارسونها في تلك الطفولة، حيث ينقسم أطفال “الفريج” إلى قسمين فيلقي أحد الفريقين بعصاً تنتهي بكرة غالباً ما كانت من الخيش أو من البلاستيك أو الجلد في مراحل أخرى، فإذا تلقفها أحد أعضاء الفريق الآخر وأمسك بها ثم جرى بها نحو نقطة البداية تنطلق باتجاهه عصي أخرى من أيدي أعضاء الفريق الآخر، فإن أصابته واحدة منها فذلك يعني أنه قد مات فيخرج من اللعبة”. ويضيف في السياق ذاته “كنّا نلعب حتى الفجر فنصلّي ونعود إلى بيوتنا، حيث القمر كان الضوء الوحيد الذي نستطيع عبر أشعته تمييز الأشياء من حولنا، بل أتذكر أنه كانت هناك لعبة نسيت اسمها الآن لكنها كانت تعتمد على ظلالنا على رمل الشاطئ التي يُحدثها ضوء القمر، فيلقي شخص بحصى هكذا كيفما اتفق، فإن سقطت في ظلّه فإنهم يعصبون عينيه، ثم نختفي في السكيك بين بيوت “الفريج”، ونحن نغني”يوريد بعدنا، يو ريد بعدنا”، بمعنى أننا لم نختبئ بعد إلى أن نقول: يو ريد الحقنا” فإذا أمسك بأحد الأشخاص نعود إلى التجمع ثانية ويكون على الشخص الذي أُُمسك به القيام بالبحث عنّا، فضلاً عن ألعاب كثيرة لكن ذاكرتي لا تستحضر أسماءها”. ويؤكد هنا الفنان عبدالله صالح، الحائز جائزة أفضل ممثل على المستوى الخليجي لمرتين وأفضل ممثل لأربع مرات على مستوى أيام الشارقة المسرحية، أن “الأهالي في رمضان كانوا يُبدون حرصاً أكثر على الذهاب إلى “المطوعة” وحفظ القرآن الكريم وتعلم أداء فريضة الصلاة وكل ما من شأنه أن ينمّي الوازع الديني لدى الطفل”. ويقارب عبدالله صالح بين الأعراس في أيام زمان وبين طقوس المسرح، حيث يقول “كانت الأعراس بالفعل تمثل فرجة مسرحية، انطلاقاً من بدء الاحتفال في بيتي العريس والعروس فتجد أناساً يطبخون وآخرين “يدقّون” حيث كان الفريج يعج بحركة دائبة، وترى امرأة ذاهبة وفي يدها شيء ما وامرأتين تحملان صينيتي طعام على رأسيهما، بما يصنع جوّا أو طقساً يقوم بالأساس على الحميمية المدهشة بين الناس، تخيّل أن أمي عندما كانت تذهب لتجلب ماء من البئر كانت تضعني في بيت جيراننا حيث ببساطة شديدة لي الكثير من الأخوة والأخوات في الرضاعة، وهذه ظاهرة منتشرة كثيراً في رأس الخيمة”. ويؤكد أيضاً أن “طقساً شبيهاً بذلك كان يحدث قبيل الإفطار فتجد الأطفال والنساء لا يدخلون بيتاً إلا بصحون ممتلئة ويغادرونها بصحون ممتلئة أيضاً، وهي حركة “خشبتها” سكيك “الفريج” مثلما أنها تقوم بالأساس على طيبة الناس والحميمية المتبادلة فيتناول كل شخص في المكان إفطاره حتى لو لم يكن يملك شيئاً، مثله مثل سواه تماماً ودون فوارق أو امتيازات تخص أحداً دون الآخرين”. وإذ يفتقد الفنان عبد الله صالح تلك الأجواء بكل تفاصيلها الإنسانية الآن، فإنه يقول “لا تتخيل كم أحنّ حقاً إلى تلك البراءة التي كنا نحيا بها في ممارساتنا للكثير من الأشياء وليس في ألعابنا الشعبية تلك وحدها، كما أحنّ إلى أولئك الذين ربّوني وتربيت معهم حتى الذين قد نسيت الكثير من أسمائهم وربما أشكالهم أيضاً، أحنّ إليهم وإلى كل ما يذكرني بماضيّ الجميل ذاك”.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©