الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مواجهة تشويه «الصورة»

3 سبتمبر 2010 23:25
عندما وقفت حكومة حزب الأحرار في كندا تلك الوقفة الصلبة ورفض رئيسها- مؤيداً من أغلبية مجلس العموم (البرلمان الكندي) الساحقة- أن يشترك مع بوش "الابن" في حربه على العراق، كان السياسي الكندي العتيق يعرف عن يقين أن غالبية الكنديين لم ولن تكون ترغب بالزج بقواتها المسلحة في المغامرة الأميركية. الموقف المبدئي الذي يُجمع حوله الكنديون (عدا قلة من أصحاب المصالح الكبرى) أن كندا وقواتها المسلحة هي قوة للسلام - لحفظ السلام والأمن الدولي (أو ليست فكرة إنشاء قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام هي في الأصل فكرة كندية؟!). والحقيقة التي أثبتتها الأيام أن موقف حكومة كريتيان برفضها الانضمام (لحلف الراغبين) بقيادة بوش وحليفه أو تابعه رئيس الحكومة "العمالية" آنذاك بلير كان تعبيراً عن موقف الشعب الكندي. فقبيل الهجوم الجوي على العراق وبداية الحرب وأثناء أيام الحرب القصيرة كانت شوارع كندا من الشرق إلى الغرب الى الشمال تموج مع كل عطلة أسبوع بالمواكب الهادرة والتظاهرات الصاخبة التي تدين الحرب الأميركية على الشعب العراقي. هذا جعل المرء يتفهم معنى اعتزاز المجتمع السياسي الكندي بقواه الشعبية التي جمعت كل ألوان الطيف، وكيف يعتز ويعبر الكنديون عن أنفسهم باعتبارهم من أكثر شعوب القارة الأميركية الشمالية تقدماً وفهماً ووعياً بالسياسة والإيمان بحقوق الإنسان الثابتة والتعاطف الصادق مع الشعوب المقهورة. وكيف أن قضية مساهمة كندا في الحملة العالمية لمحاربة الفقر والمرض ومساعدة شعوب العالم الثالث، تشكل كل سنة بنداً للنقاش الحاد والهجوم الشعبي على (الحكومة) عندما تعرض ميزانيتها ويعرف الناس تراجعها عن التزاماتها المالية التي أعلنتها أمام العالم والتي ظلت تتقلص منذ بداية عهد حكومة المحافظين. وكذلك كان الحال عندما استجاب رئيس حكومة "الأحرار"، الذي خلف كريتيان للضغوط الأميركية وربما أيضاً الأوروبية واستصدر قراراً من البرلمان بمشاركة كندا في قوات الأمم المتحدة لإعادة الأمن والاستقرار وإعمار أفغانستان بقرار من مجلس الأمن. وبرغم أن كندا ساهمت بقوة رمزية (ألفين وخمسمائة جندي)، وأنه وفقاً لقرار البرلمان قد حددت مهمات تلك القوات بالمشاركة في إعادة إعمار وتأهيل أفغانستان. تداعت هذه الخواطر في الذهن عندما أعلن هذا الأسبوع عن إلقاء قوات الأمن الكندية القبض على ثلاثة شبان كنديين في العاصمة أوتاوا بتهمة الإعداد لمفجرات صنعوها بأيديهم، كما قال المتحدث باسم قوات الأمن، إنهم قد عثروا على خمسين قطعة من "مفجر" القنابل البدائي الذي تزرعه عناصر "طالبان" في أفغانستان على طريق قوات الأمم المتحدة - ومن بينها القوات الكندية في قندهار، والتي راح ضحيتها حتى الآن أكثر من مئة وخمسين كنديا وكندية من بينهم عاملون في قوات الإسعاف الطبي، وكالعادة فإن المتحدث الرسمي لم يشأ أن يستفيض في إعلان ما لديهم من معلومات، لكنه قال رداً على سؤال ما قال المتهمون (أصبحوا خمسة حتى الآن)، ما هو دافعهم من وراء ذلك، وهم الكنديون مولداً ونشأة وتعليماً للقيام بهذا العمل الخطير (ضد بلدهم)؟ قال المتحدث - بتحفظ شديد (إنه يعتقد أن هدفهم هو الاحتجاج والاعتراض على مشاركة القوات الكندية في حرب أفغانستان وإرغام الحكومة على سحب القوات الكندية وإعادتها الى وطنها). وأتساءل: هل من الجهاد زرع القنابل والمتفجرات في (أتاوا) البعيدة جداً عن قندهار لإرغام الحكومة على إعادة جنودها من هناك (علماً بأن شهر يوليو من العام المقبل هو التاريخ المحدد لانسحاب القوات الكندية والاحتفاظ ببعض المدنيين ورجال الشرطة لتدريب الأفغان ليتولوا أمن واستقرار بلدهم)؟ الغريب أن من بين المتهمين طبيبا ناجحا وخبيرا وفني أشعة ومهندس إلكترونيات ولدوا جميعاً وتربوا في كندا، هذا قد يدفع أصدقاءنا والمتعاطفين معنا أن يترددوا وأن يتخوفوا فعلاً ويستجيب بعضهم لسياسة التخويف من "الإرهاب الإسلامي"، الذي يعتبره البعض مصدر تهديد لكندا. لقد حان الوقت لوقفة عقلانية وشجاعة من أجل الأمة والدين لمواجهة مفكري ومنظمي هذا"الجهاد "المشوه لصورة المسلمين. عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©