الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مكاتب التوجيه الأسري ترمم تصدعات العلاقات الزوجية وتعيد إليها الدفء

مكاتب التوجيه الأسري ترمم تصدعات العلاقات الزوجية وتعيد إليها الدفء
9 يونيو 2012
تركز مكاتب التوجيه الأسري في عملها على التصدي للهزات العنيفة والمشاكل التي تعصف بالزوجين، لتبقي علاقتهما مبنية على أسس روحية ورباط مقدس ومتين يحيط بالطرفين في إطار من الحب والحنان والدفء والأمان. وحذَّر القائمون على تلك المكاتب من الفتور العاطفي وتطوره إلى الهجر والطلاق الصامت وإفشاء الأسرار الزوجية، ونبهوا إلى خطورة تدخل الأهل، وغير ذلك من المشاكل التي تؤثر على حياة الزوجين، وتنتهي غالبا بالكثير من الخلافات فتصل إلى اتخاذ قرار الطلاق أو الانفصال بدون اللجوء إلى مكاتب الإصلاح الأسري لجهل الزوجين بأهمية هذه المكاتب ودورها في تخفيف حدة المشاحنات أكد عدد كبير ممن لجأوا إلى المكاتب المختصة بإصلاح ذات البين في المحاكم، نجاح المستشارين المختصين في حل القضايا، والحد من كثرة قضايا الطلاق التي ترد إلى المحكمة وتوجيه الأزواج قبل وقوع الطلاق وتبصيرهم بخطورته على الأسرة وآثاره السلبية على المجتمع، مع تحقيق استقرار الحياة الزوجية واستقرار المجتمع، والحد من كثرة وقائع الطلاق والخلافات الزوجية، وما قد ينتج عنها من تفكك الأسرة وانحراف الأولاد أو الوقوع في الجريمة، وتبصير المختلفين بأهمية الرجوع إلى أهل الحل والخبرة من الاختصاصيين الشرعيين والنفسيين والاجتماعيين عند وقوع المشكلة الزوجية وإيجاد الحلول المناسبة لأسباب الخلافات الزوجية واستشعار أهمية البعد الإنساني في معالجة القضايا الأسرية والنظر لها بعين الشفقة والرحمة. دور إصلاحي إلى ذلك، قال جاسم المكي رئيس قسم الإصلاح والتوجيه الأسري بمحاكم رأس الخيمة: «إن العديد من الآيات القرآنية رغّبت في الإصلاح بين الناس وأثنت على من يقوم بذلك ووعدته بالأجر العظيم»، مشيراً إلى أن الإرشاد الأسري إحدى الوسائل الإصلاحية في المجتمع التي يحرص عليها العديد من الناس سواء كان من المختصين أم من غيرهم، كما أنه عملاً اجتماعياً يتواصل فيه الفرد مع المجتمع بشكل إيجابي مثمر، ويمارس فيه دوراً اجتماعياً له أهميته في نفسه وعلى ذاته ومجتمعه الصغير والكبير. ولفت إلى الدور، الذي تلعبه مكاتب الإصلاح والتوجيه الأسري في الغالب هو تحقيق الإصلاح التوافقي بين الزوجين دون اللجوء إلى القضاء، مما يعمل على الإسراع في حل المشكلات وتوفير الوقت والجهد والمال، والتي أكثر ما تتعلق في جانبها الأكبر هي المشكلات الزوجية مثل العنف، حضانة الأطفال، النفقة، وتدخل الأهل وغيرها. تهدئة الأطراف ويذكر المكي أن دور قسم التوجيه الأسري في المقام الأول هو إصلاح ذات البين وتهدئة الأطراف وامتصاص الغضب، والتقليل من نسب الطلاق، إلى جانب نشر الثقافة الأسرية بين الزوجين وتوعية أفراد المجتمع حول تماسك الأسرة، مع إعداد إحصائيات شهرية وسنوية لمعرفة كم الخلافات الزوجية ومعالجة أسبابها، لكن ما يعرقل في بعض الأحيان دور بعض القضايا الزوجية حين تتدخل أطراف أخرى في العلاقة الزوجية، وهنا تتأزم المشكلة، وتتفاقم أكثر مما سبق ويصر كلا الطرفين على أن تحول مشاكلهم إلى القضاء للفصل بينهما. الإصلاح والتوجيه وقال: «إن هُناك أسلوباً متبعاً في كل أقسام الإصلاح والتوجيه الأسري، وهي المقابلة وتكون إما (فردية) سواءً مع الزوج وحده أو الزوجة والتي تتم في المكتب بالمحكمة، ويتم من خلالها التحدث إلى الزوجة والزوج، لكل منهم على انفراد للكشف عن أسباب المشكلة من وجهة نظرهم، أو عن طريق المقابلة المشتركة، وهي ضرورية وحتمية في هذا المجال، خاصة لما تستهدفه من منح فرص كبيرة لأطراف المشكلة للتعبير عن أحاسيسهم وأفكارهم في مواجهة الطرف الآخر في ظل توجيه مهني لاستثمار هذه الأحاسيس والأفكار رغم احتمال تصارعها لتوجهها وجهة بناءة لحل المشكلة». ولفت إلى أن هذا النوع من المقابلات يتطلَّب من الأخصائي أن يتسم باللياقة ودقة الملاحظة وعدم التهيب من مواجهة الانفعالات المتصارعة، وقال: «إن معيار نجاح هذه المقابلات منح كل طرف فرصة التعبير عن كل ما يحس به تجاه الآخر بالقدر الذي يتفهم كل طرف حقيقة موقف الآخر، ومعنى مشاعره السلبية تجاهه بالقدر الذي تنتهي بوضع اتجاهات علاجية وإنفاق حول الخطوط البناءة لعلاج النزاع، وبالتالي تكون هذه المقابلات قد حققت الغرض منها». وأشار إلى إحدى الوقائع التي وصلت إلى التوجيه الأسري، وكانت تشكو فيها من مشكلات أسرية بين رجل وزوجته الأولى، وطلب الثانية الطلاق والانفصال عن زوجها. ويتابع: طلبت الزوجة الثانية الطلاق بشكل نهائي، لوقوع المشكلات الأسرية بينهما في أول أيام زواجهما، الأمر الذي دفع بنا إلى التوجه إلى منزل الزوج والتحدث معه في ملف القضية. ولفت المكي إلى أن الزوج رفض طلاق زوجته الثانية؛ لأنه تزوجها عن حب، وقال إن سبب المشكلات الأسرية التي وقعت بينهما بسيطة ولا تستدعي طلب الطلاق، وانتهى الأمر إلى الصلح عقب جلسة بكى فيها الرجل وزوجته الثانية أمام الأولى طلباً لاستمرار الحياة الأسرية. تجارب شخصية الكثير من الأزواج يدركون أهمية الصلح في علاقاتهم الزوجية، رغم ما تصل إليها من فراق وانفصال، إلا أن البعض منهم على الرغم من الخلافات التي تصل أحياناً إلى طريق مسدود، إلا أنهم يفضلون اللجوء إلى مكاتب الإصلاح لحل مشاكلهم، وهذه نوال محمد متزوجة منذ 8 سنوات بدأت حياتها الزوجية تنهار شيئاً فشيئاً خلال السنوات الأخيرة بسبب تدخل الأهل. وتقول: وقعت وزوجي في أخطاء كبيرة، حيث قام كل منا بنشر أدق تفاصيل حياتنا الزوجية من باب الانتقام أو النيل من الآخر، وكنا أول من نلجأ إليهم هم الأهل الذين بدل أن يقوموا بمهمه الإصلاح كانت تزداد المشاكل يوماً بعد يوم، وهذا ما زاد الطين بلة في علاقاتنا، حيث تفاقمت المشاكل لتصل إلى طريق مسدود، لكن نصيحة زميلة لي باللجوء إلى قسم الإصلاح بالمحكمة كانت خيط الأمل الذي ساعد على ترميم علاقتي مع زوجي. وتضيف: بعد طرح المشكلة مع المصلح وسماعه وجهات نظرنا وإيجاد حل للمشكلة التي كانت الشرارة الأولى لوصولنا إلى الاتفاق على الطلاق، رجعت علاقتنا إلى مجاريها. وتنصح نوال كل من يفكر أن ينهي علاقته بالطلاق بأن لا بد له أن يفكر ملياً في أن يلجأ لمن هم أكثر خبرة في اتخاذ القرار، وخاصة مكاتب الإصلاح والاستشارات الأسرية التي تقوم بالصلح والتوفيق. وترى فاطمة يوسف من خلال تجربتها الشخصية أن لجوءها إلى بيت العائلة يزيد من المشكلة بدلاً من حلها، وتقول: إلى متى ستذهب الزوجة لتشتكي حالها لأهلها؟ وهل هذا هو الحل النهائي لمشكلتها مع زوجها؟ وتتابع: أعتقد أن المسألة هنا ستتأزم أكثر مما سبق، فالأهل غالباً ما يدافعون عن ابنتهم أو ابنهم ويوقعون اللوم على الطرف الآخر، وهذا ما جرى معي، فحين تحدث أي مشكلة حتى لوكنت أنا المخطئة غالباً ما يدافع أهلي عن حقوقي عند زوجي، وهذا ما دفع زوجي إلى التفكير في الانفصال، لكن قبل ذلك طلبت منه إيجاد حل للحد من تفاقم المشكلة وعدم الوصول إلى طريق مسدود، خاصة أن ما يربطنا ببعضنا كزوجين 4 أبناء في مراحل عمرية مختلفة، وتم ذلك من خلال اللجوء إلى محاكم الإصلاح التي توفرها المحاكم للصلح وعدم الانفصال، وبالفعل بعد جلستين مع المصلح الاجتماعي في المحكمة تم حل المشكلة التي كانت أحد أسباب تفكير زوجي بالانفصال عن بعضنا البعض». ثقافة الصلح وشدد الدكتور جاسم محمد المرزوقي اختصاصي الإرشاد والصحة النفسية، على ضرورة ترسيخ مفهوم الصلح في المجتمع كثقافة عبر التوعية والتثقيف، ويرى أن المجتمع بشكل عام يجهل فن التعامل مع المشاكل الزوجية، وهذه حقيقة يلتمسها من خلال واقع التعامل مع الأزواج. وتوجه المرزوقي بسؤال الكثير من الزوجات عن عدد الدورات والمحاضرات التي حضرتها والتي تعنى بفن ومهارات التعامل مع المشاكل الزوجية، حتماً اللاتي سيجاوبن بنعم نسبة قليلة جداً، فالأغلب منهن تحل مشاكلها حسب ما سمعته من تجارب سيدات سابقة، أو نجدها تتخبط، ففي كل مشكلة تتصرف بطريقه عشوائية أخرى، ولا يضع المرزوقي اللوم على المتزوجات فقط، بل المتزوجون من الرجال. كما وجه دعوة إلى كافة المتزوجين والمتزوجات خاصة حديثي العهد بالزواج بعدم الاستهانة بمثل هذه الدورات التي تدرب النفس على الصبر وعلى أسلوب وطريقة التعامل مع المشاكل الزوجية. وحول الدور الذي تلعبه مكاتب الإصلاح بالمحاكم: بالطبع وجدت هذه المكاتب من أجل تقريب وجهات النظر فيما بين المتخاصمين سواء في القضايا الأسرية أو القضايا الحقوقية ومحاولة الوصول إلى صيغة تراضي بين الأطراف المتنازعة وإنهاء القضايا قبل الرفع بها إلى أصحاب الفضيلة القضاة للنظر فيها. أما أهداف مكاتب التوجيه، فأوضح المرزوقي أن مكاتب الإصلاح والتوجيه الأسري، تسعى بالدرجة الأولى إلى حل المشكلات الزوجية للحد من التفكك الأسري والطلاق، مع ضمان الاستقرار لهذه الأسرة بالمتابعة البعدية، وغرس مبدأ التكافل الأسري مع المساهمة في تقليل القضايا المنظورة أمام المحاكم. إحصاء قال جاسم المكي رئيس قسم الإصلاح والتوجيه الأسري بمحاكم رأس الخيمة: «إن مشكلة النفقة تأتي في المرتبة الأولى في القضايا التي تصل إلى قسم الإصلاح برأس الخيمة، حيث وصلت خلال العام الماضي إلى 442، بالإضافة إلى 97 قضية متعلقة بضرب الزوجات، موضحاً أن عدد حالات الشكوى التي تم الإصلاح فيها منذ بداية إنشاء مكتب الإصلاح والتوجيه في رأس الخيمة عام 2006 وصلت إلى 683، بينما في عام 2007 وصلت إلى 385 حالة، و806 حالات عام 2008 مقابل 916 حالة عام 2009، وحوالي 736 حالة عام 2010، في حين بلغت حالات الإصلاح خلال العام الماضي 217.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©