الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

حملات «انشر تؤجر» بدعة لا تشارك في ترويجها

26 يوليو 2018 21:35
حسام محمد (القاهرة) انشر ولك الأجر.. شارك في حملة الصلاة على النبي وإلا تكون كارهاً له.. إذا لم تقم بنشر هذا الحديث ستخسر كثيراً ولن تربح في حياتك.. وإذا نشرته ستنتهي كل همومك.. من يكتب اسم الله خمسين مرة سيسمع خبراً يسعده هذه الليلة، ومن لم يشارك سيسمع خبراً مؤلماً في نفس الليلة.. العبارات السابقة زيلت في الفترة الأخيرة ما يُطلق عليه البعض حملات الاستغفار أو حملات الصلاة على النبي، أو غيرها من الأقوال المأثورة أو الأحاديث النبوية التي لا يعرف الكثيرون مدى صحتها من عدمه، انتشرت عبر صفحات التواصل الاجتماعي، لدرجة أن البعض يقوم بمطالبة المتابعين لصفحته أن يقسم بالله العظيم، ثم يفاجأ المتابعون أنه مطلوب من كل شخص أن يكتب كلمة عشرات المرات. دور الإفتاء بداية، فإن هيئات ودور الإفتاء الإسلامية المعتبرة حرصت على إصدار فتاوى تؤكد أن تلك الأمور لا علاقة لها بالدين، وأن على المسلم أن يكتفي بقراءتها وحذفها لأنها بدعة، فإذا وصلتكم مثل هذه الرسائل فاكتفوا بقراءتها وحذفها، وكذلك لا يجوز إرسال الرسائـل التي تدعو إلى «حملات» كحملة الصلاة على النبي وغيرها، والتي تقول: انشرها بقدر حبك له ونحو ذلك. أما دار الإفتاء المصرية فقد طالبت في فتوى رسمية لها مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، بعدم الالتفات إلى المنشورات الدينية التي تحمل في آخرها قسماً، أو ضرورة إرسالها لسماع خبر سار، مؤكدة ضرورة حذفها وعدم مشاركتها، قائلة إنه ينتشر على مواقع التواصل الاجتماعي رسائل دينية وفي آخرها «أرسلها لتسمع خبراً ساراً أو أقسم بالله عليك لترسلها» إلى غير ذلك من التهديد والوعيد، لو وصلتك مثل هذه الرسائل قم بحذفها ولا تساعد في نشرها. خداع الناس يقول الدكتور عبدالله النجار عضو هيئة كبار العلماء وأستاذ الشريعة بالأزهر: بالفعل فإن ما يسمى بحملات الصلاة على النبي أو حملات الاستغفار، أو العبارات التي يطالب أصحابها بنشرها على نطاق واسع، هي أمور تعد نوعاً من الابتداع في الدين وهو ابتداع مرفوض، لأنه لم يرد في شرع الله ولا تهدف إلا لتضييع وقت المسلم وشغله بتوافه الأمور، والأولى أن يشغل المسلم وقته في وسائل دعوية أخرى توافق الشرع. وهذا لا يعني أننا نطالب بعدم الاستفادة من الوسائل الحديثة، كالجوال والبريد الإلكتروني في نقل النصيحة والموعظة، والتذكير والتوجيه باعتبار تلك الأمور عملاً نافعاً، وأمراً مثمراً ولكن ليس معنى ذلك أن يقوم أحدهم بمطالبة متابعيه بكتابة عبارة مئة مرة مثلاً بزعم أن هذا يفرج الكرب، فالأفضل بدلاً من هذا أن ينشر موعظة حسنة يقرؤها الناس ويستفيدون منها، ولا مانع هنا من الاستفادة من صفحات التواصل الاجتماعي؛ إذ يمكن إيصال ذلك لمئات من الناس ومعلوم أن الدال على الخير كفاعله، وأن من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، ولهذا ينبغي الاستفادة من هذه الوسائل، والارتقاء بالكلمة والنصيحة التي تبث من خلالها، ليكون لها أكمل الأثر وأتم النفع، أما أن نقول أرسل هذه القصة أو هذه العبارة لكل من عندك وستسمع أخباراً سعيدة، فهذا يدخلنا في نوع من الدجل والشعوذة والتنبؤ بالغيب. أحاديث مغلوطة من جانبه يقول د.نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق، عضو هيئة كبار العلماء: للأسف في ظل تراجع الثقافة الدينية لدى عدد من المسلمين انشغل الناس بتلك الحملات، وأصبحنا وكأننا في مزايدات على عدد من يصلي على النبي أو من يسبح الله أو يذكره سبحانه، رغم أن الإسلام لم يكن دين مزايدات أو تهديد، بل إن معظم تلك الرسائل التي يتداولها الناس تخرج من ألسنة وعقول شخصيات من عامة الناس وليسوا بعلماء ولم يدرسوا علوم الفقه أو الشريعة، وليس أدل على ذلك من أن الإنسان لن يجد صفحة لداعية موثوق في علمه أو عالم دين ينتمي لمؤسسة دينية معتبرة ينشر أو يشارك في تلك الحملات، ولهذا فعلى المسلم أن يحذر من الوقوع في فخ توافه الأمور، خاصة وقد ثبت أن بعض الأحاديث التي يتم الترويج لها أحاديث موضوعة، والنصيحة لها آداب ليس منها التهديد أو الوعيد، فلا يوجد شرع أو آية قرآنية تنص على الإلحاح والتحايل على الدين بهذا الشكل، فللأسف الشديد هناك من يتخيل أنه يكسب ثواباً عندما يهدد شخصاً كي يذكر الله أو يصلي على النبي أو يستغفر الله، فالأفضل أن يدعو المسلم إخوانه إلى الاستغفار أو ذكر الله دون إلزام بكتابة هذا الاستغفار أو الذكر أو غيره، وبشكل عام لا بد أن يعي المسلم أهمية عدم نشر أي شيء إلا بعد الرجوع لأهل العلم والاختصاص، وأن يتأكد من صحة ما ينشره، وأن يتثبت قبل إرسال ما يأتيه من الآخرين حتى لا يقع في المحظور، وربما يقع المسلم دون أن يدري تحت الوعيد الشديد الوارد في قول النبي صلى الله عليه وسلم «من كذب عليَّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار». آداب الدعوة من جانبه، يقول الدكتور إسماعيل عبد الرحمن أستاذ الفقه بجامعة الأزهر: الدعوة مسؤولية كل مسلم، حيث يقول تعالى: «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة»، ويقول: «وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَي اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ»، وقوله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب، حين أرسله مع الراية يوم خيبر: «انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم»، وقال: «بلغوا عني ولو آية»، وقال صلى الله عليه وسلم: «ليبلغ الشاهد منكم الغائب»، وهذا يعني أن الأصل أن كل مسلم واجب عليه أن يبلغ دين الله، لكن ذلك الأمر له شروط، ولكن المصيبة أن البعض يبلغ بجهل والبعض الآخر يبلغ بعفوية ينقصها العلم فيضر الناس من حيث أراد النفع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©