الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«فريدا كالو».. تحايلت على الحزن بالكوميديا السوداء

«فريدا كالو».. تحايلت على الحزن بالكوميديا السوداء
26 يوليو 2018 20:38
محمد عريقات (عمّان) دائما ما يفاجئك عالم المبدعين بغرائبيته، وتناقضاته إلى الحد الذي يشتبك به الواقعي بالفانتازي، ومن هؤلاء الفنانة المكسيكية فريدا كالو (1907- 1954) التي استغلت كل لحظة هدوء منحتها إياها المسكنات بعيدًا عن الألم في الرسمِ، والحب، والكتابة لعشّاقها في محاولة لمقاومة المرض بالفن والمغامرة. ولعلّ تلك المرآة الكبيرة التي وضعتها أمها لها على سقف غرفتها حينَ أصيبت بشلل الأطفال وهي بالسادسة من عمرها، كانت تعكس لها طوال الوقت وجهها الشاحب، وجسدها الهزيل، وساقها المعطوبة، بواقعية صارمة فأرادت كالو أن تحوِّل ما تعكسه مرآتها إلى فن فبدأت برسم نفسها كأداة تعبير عن آلامها على حد قولها: «سعيدة بكوني على قيد الحياة طالما أنا قادرة على الرسم» فكان ما يزيد على نصف عدد لوحاتها مجرد لوحات ذاتية تظهرُها كفتاة تتزين بألوان صارخة وأقراط وأساور حجرية. وكما أن المرض في طفولتها كان الحافز لأن تصبح فنانة، كذلك هو الحادث الذي تعرضت له في شبابها كان الحافز وراء استمرارها بالفن، الحب، والحياة. وإلى الجانب المرضي في حياة كالو هنالك جانب كبير ولا يقل أهمية، حيث كانت عاشقة كبيرة، هذا ما كشفته رسائلها الغرامية للعديد من مبدعي عصرها، أبرزهم: «دييغوا ريفيرا» الذي أصبح زوجها لاحقاً، جمعت تلك الرسائل بعد وفاتها «مارثا زامورا» في كتاب تحت عنوان «رسائل فريدا كالو» نقلته مؤخراً إلى العربية المترجمة السورية سيزار كبيبو، وصدر عن دار نينوى للنشر، ليقدم الكتاب معلومات تساعد النقاد والقراء في حل لغز فريدا كالو. وفي حديث لـ«لاتحاد» مع المترجمة سيزار كبيبو حول فريدا كالو الفنانة والكاتبة، لفتت المترجمة إلى أن كالو لم ترسم أحلامها وإنما رسمت الواقع الذي عاشته وشعرت به، ومن هنا لا تعتبر نفسها منتمية إلى المدرسة السوريالية في الرسم على الرغم من أن كثيرين يدرجونها ضمن أشهر وأهم الرسامين السرياليين في العالم، وذلك لأنها صورت من خلال أعمالها عالمها الداخلي الذي يضج بالألم والمآسي. وعلى الرغم من المرارة والألم تبدو لوحاتها انعكاساً لرؤيتها المتحدية والمصرّة على الحياة، والمصممة على أن تعيشها كما تهوى برغم الحوادث الأليمة التي واجهتها، فعلاقتها مع زوجها الرسام المكسيكي المعروف دييغو ريفيرا سببت لها آلاماً تفوق بأشواط ما سببه لها حادث الحافلة، وهذا حسب وصفها هي. ومن هنا تبدو فريدا مصدر إلهام لكثيرين، وأيقونة لانتصار إرادة الحياة على الخيبات والقبح وحتى الموت. وعن أهم ما يميز مراسلات كالو لعشاقها أكدت المترجمة أن رسائل كالو ميزتها الصدق، فقد كانت فريدا تقول ما يجول بخاطرها دون قيود أو حواجز، وعبرت عن مشاعرها بفطرية واضحة، وكتبت لمن تحبهم لتعرب لهم عن حبها لهم دون خوف أو تردد. وتفيض رسائلها بالحب، الحب لمن تراسلهم والحب للحياة وللفن وفوق هذا وذاك، حبها للمكسيك، بلدها. وتكشف الرسائل جوانب لم تكن معروفة من قبل عنها وعن ريفيرا، وذلك لأنها تضمنت قدرا كبيرا من البوح والمكاشفة، بوح لا يخلو من سخرية لاذعة وكوميديا سوداء تحايلت من خلالها على الحزن الشديد والسأم اللذين رافقاها طوال حياتها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©