الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخليل بن أحمد الفراهيدي إمام اللغة واضع علم العروض

الخليل بن أحمد الفراهيدي إمام اللغة واضع علم العروض
3 سبتمبر 2010 22:47
ترك الإمام الخليل بن أحمد الفراهيدي بصمات واضحة في التطور الحضاري للأمة العربية والإسلامية، فكانت له الريادة في تأسيس علم العروض ووضع أول معجم عربي، ويرجع إليه الفضل في تطوير بعض العلوم في عصره خاصة اللغة والنحو وعلم الموسيقى والرياضة. ويقول الدكتور أحمد فؤاد باشا - عضو مجمع اللغة العربية - ولد أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي الأزدي في سنة 100 هـ / 718م بعمان، والفراهيدي نسبة إلى فراهيد، وهي بطن من الأزد، سافر إلى البصرة طلباً للعلم فتتلمذ على مشاهير علمائها فأخذ على أيوب السختياني وعاصم الأحول فقه اللغة، ودرس الفقه والحديث والكلام والتفسير وغيرها من علوم الشريعة على العوام بن حوشب، وغالب القطان، وأبو عمرو بن العلا، وعثمان بن حاضر. وعرف بالصلاح وحسن الخلق ورجاحة العقل والذكاء والوقار والتواضع، وأكثر ما كان من صفاته بعد سيادته في العلم وانقطاعه له ما كان من زهده وورعه والتقلل من الدنيا والصبر على خشونة العيش وضيقه، وكان يقول: «إني لأغلق علي بابي فما يجاوزه همي»، وكثرت الروايات التي تؤكد إخلاصه للعبادة وزهده، فحكى عنه تلميذه النضر بن شميل، أنه أقام في خص من أخصاص البصرة لا يقدر على فلسين، وتلامذته يكسبون بعلمه الأموال. كما كان سليمان بن حبيب بن أبى صفرة والي فارس والأهواز يدفع له راتباً بسيطاً يعينه به، فبعث إليه سليمان يوما يدعوه إليه، فرفض وقدم للرسول خبزاً يابساً مما عنده قائلاً: ما دمت أجده فلا حاجة بي إلى سليمان، فقال الرسول: فما أبلغه عنك؟ فقال: أبلغ سليمان أني عنه في سعة، وفي غنى غير أني لست ذا مال. وحكى عنه أيوب بن المتوكل أنه: «كان إذا أفاد إنساناً شيئاً لم يره أنه أفاده، وإن استفاد من أحد شيئاً أراه بأنه استفاد منه»، وقال تلميذه النضر بن شميل: «ما رأيت أحداً يطلب إليه ما عنده أشد تواضعاً من الخليل». وعكف الفراهيدي على دراسة علوم اللغة العربية، ودفعه حبه وشغفه بلغة القرآن الكريم إلى العمل على وضع قواعد مضبوطة للغة، حتى عده العلماء الواضع الحقيقي لعلم النحو في صورته النهائية، التي نقلها عنه تلميذه سيبويه في كتابه المسمى «الكتاب» فذكره وروى آراءه في نحو ثلاثمئة وسبعين موضعاً معترفاً له بوافر علمه، وعظيم فضله. ويذكر أنه ذهب إلى الكعبة حاجاً، فتعلق بأستارها، ودعا الله أن يهب له علماً لم يسبقه أحد إليه، ثم عاد إلى وطنه، فاعتزل الناس في كوخ بسيط من خشب الأشجار، كان يقضي فيه الساعات الطويلة يقرأ كل ما جمعه من أشعار العرب، ويرتبها حسب أنغامها، ويضع كل مجموعة متشابهة في دفتر منفرد، وذات يوم مر الخليل بسوق النخاسين، فسمع طرقات مطرقة على طست من نحاس، فلمعت في ذهنه فكرة علم العروض، وهو ميزان الشعر أو موسيقى الشعر، الذي ميز به الشعر عن غيره من فنون الكلام، فكان للخليل بذلك فضل على العرب، إذ ضبط أوزان الشعر العربي، وحفظه من الاختلال والضياع، وقد اخترع هذا العلم وحصر فيه أوزان الشعر في خمسة عشر بحراً «وزناً». كما اهتم بضبط أحوال القافية، وهي الحرف الأخير في بيت الشعر، والتي يلتزم بها الشاعر طوال القصيدة فأخرج للناس هذين العلمين الجليلين كاملين مضبوطين مجهزين بالمصطلحات. ويعد الفراهيدي من أهم علماء المدرسة البصرية، وتتلمذ عليه الكثيرون منهم سيبويه النحوي البصري، وعبد الملك بن قريب الأصمعي، وحماد بن يزيد، وأيوب بن المتوكل البصري القارئ، وبدل بن المحبر، وداود بن المحبر، وعلي بن نصر الكبير، وعون بن عمارة، والسدوسي، وموسى بن أيوب، والنضر بن شميل، وهارون بن موسى النحوي الأعور، ووهب بن جرير بن حازم، ويزيد بن مرة. وأشاد به العلماء وأثنوا عليه وقال عنه سفيان بن عيينة: «من أحب أن ينظر إلى رجل خلق من الذهب والمسك فلينظر إلى الخليل بن أحمد»، وقال السيرافي: «كان الغاية في تصحيح القياس واستخراج مسائل النحو وتعليله»، وقال عنه ابن حبان: «كان من خيار عباد الله المتقشفين». مصنفات الفراهيدي خلف الفراهيدي الكثير من المصنفات منها كتاب «العروض»، و«الشواهد»، و«النقط والشكل»، و«النغم»، و«معاني الحروف»، و«العوامل»، و«النوادر»، و«الجمل». غير أن الذي طير اسمه وأذاع شهرته في الآفاق هو كتابه ومعجمه الفريد في مصنفات اللغة العربية كتاب «العين»، إذ يعتبر أول معجم جامع للألفاظ في اللغة العربية، هدف الخليل منه ضبط اللغة وحصرها، وقد كان منهجه فيه إلى أن بدأه بترتيب الحروف، ثم بتقسيم الأبنية، وأخيراً بتقليب اللفظة على أحد أوجهها، قال عنه أبو الطيب اللغوي: «أبدع الخليل معجمه حسب مخارج الحروف مع مراعاة أوائل الأصول»، وتوفي -رحمه الله- بالبصرة عام 170 هـ / 786 م، ويقال إن سبب وفاته هو استغراقه في التفكير في طريقة تيسر استخدام الحساب على العامة، فدخل إلى المسجد، وهو شاغل فكره في التفكير فاصطدم بسارية وهو غافل فكانت السبب في موته.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©