السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

إيران والعالم فوق يورانيوم ساخن

18 ابريل 2006

محمد صفر:
اليوم يعقد في موسكو اجتماع لممثلي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن والمانيا لبحث الملف النووي الإيراني، على هامش اجتماعات المدراء السياسيين لدول مجموعة الثماني، التي ستتمحور كذلك حول الملف الإيراني والعقوبات التي يمكن أن تفرض على طهران إذا واصلت برنامجها النووي رغم التحذيرات الدولية· ومن المفترض أن تمهد هذه اللقاءات لخطوات دبلوماسية جديدة، أو لتحرك ملموس من جانب مجلس الأمن الدولي في أواخر أبريل الحالي لتشديد الضغوط على إيران، لاسيما وأن الولايات المتحدة تلح على حلفائها باتجاه فرض تدابير قاسية على طهران، انطلاقا من الرغبة في صياغة رد دبلوماسي قوي على التحدي الإيراني، الذي تمثل في إعلان طهران تخصيب اليورانيوم، وهو ما يشكل مبررا لتحريك التهديد العسكري ضدها من وجهة نظر واشنطن، بالرغم من اعتراف مسؤولين وخبراء أميركيين بأن درجة التخصيب المعلن عنها- 3,5% - ضعيفة جدا·
ولما كانت الولايات المتحدة تعتبر تخصيب اليورانيوم 'خطا أحمر' يجب على إيران ألا تتجاوزه، بغض النظر عن درجة التخصيب، فإنها تعتمد في الواقع على لهجة التحدي المتزايدة لدى طهران، وبخاصة تصريحات الرئيس نجاد، لكي تتغلب على تحفظات دول مثل روسيا والصين إزاء استصدار قرار من مجلس الأمن يستند إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة·
والإعلان الصادر عن طهران بخصوص نجاحها في تخصيب اليورانيوم يمثل منعطفا جديدا ولا شك في المواجهة الدبلوماسية بين إيران التي تؤكد أنها تقوم بتخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية، ودول الغرب التي تشتبه في أنها تسعى إلى تصنيع القنبلة الذرية· كما يعطي الإعلان مزيدا من الثقل للمجتمع الدولي لكي يتحرك بطريقة منسقة، بعد أن يقدم مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي في نهاية الشهر الجاري تقريرا بشأن تجاوب إيران مع مطالب مجلس الأمن· ومن تعقيدات هذا الملف أن الوكالة لم تتمكن حتى الآن، بعد عمليات تفتيش استغرقت ثلاث سنوات، من القول إن كانت طموحات إيران النووية سلمية ·· أم لا·
الخيارات المتاحة
ومع كل تقدم تكنولوجي تحرزه إيران في هذا المضمار تقترب أكثر فأكثر من إنتاج سلاح نووي إذا أرادت، في حين تضيق الخيارات أمام الولايات المتحدة وحلفائها، وتزداد حسابات المكسب والخسارة تعقيدا· ويقول خبراء إن تصنيع قنبلة نووية إيرانية يحتاج فترة تتراوح بين خمسة إلى عشرة أعوام، على خلاف ما أعلنه ستيفن ريدميكر مساعد وزيرة الخارجية الأميركية الذي نسب إليه القول إن ايران 'قادرة على إنتاج قنبلة نووية في غضون 15 شهرا'·
والخيارات المتاحة أمام الغرب لا تخرج عن : مزيد من المفاوضات والضغوط السياسية والعقوبات والضربات العسكرية،
ولكل منها تداعياته وتعقيداته، التي تجعل البحث عن تسوية للأزمة تقوم على الحلول الوسط أمرا يكاد يكون حتميا· على العموم حتى اليوم ليست هناك إشارة تحمل بوادر إمكانية لقبول الإدارة الأمريكية بحوار مع إيران يتجاوز المحادثات المقترحة بشأن العراق التي لم تعقد بعد، بل إن الولايات المتحدة تدرس العقوبات التي يمكن أن تفرضها الأمم المتحدة على إيران بسبب مواصلة تخصيب اليورانيوم، وهذه العقوبات يمكن أن تشمل تجميد الودائع الايرانية وفرض قيود على سفر بعض الشخصيات الايرانية· وبالرغم من عدم وجود خطط لتقديم موعد الاجتماع المقرر لمجلس الأمن نهاية الشهر بشأن إيران، فمن المحتمل تكثيف الجهود الرامية إلى التعجيل بفرض عقوبات· لكن العقوبات ليست مؤكدة حتى بعد الإعلان الإيراني عن تخصيب اليورانيوم·· فما زال العضوان الدائمان في مجلس الأمن روسيا والصين اللذان يملكان حق النقض (الفيتو) لديهما تحفظات، وإن كان المسؤولون الامريكيون يأملون في موافقتهما إذا ما طرح المجلس المسألة للتصويت·
والعنصر الأكثر أهمية في هذا الصدد هو الاتحاد الأوروبي الذي يعد أهم شريك تجاري لإيران، وبمقدوره إحداث تأثير بالغ إذا أقدم - سواء مع بقية أعضاء مجلس الأمن أو بصورة منفردة - على فرض مجموعة من العقوبات تتضمن فرض حظر على سفر الإيرانيين المشاركين في البرنامج النووي وفرض قيود على تصدير معدات صناعية أو نقل أسلحة لإيران· وهذا التأثير سيؤتي ثماره في حال مشاركة كافة الدول الاوروبية فيه، لكن ليس من الواضح بعد عدد الدول التي قد تشارك في اتخاذ مثل هذه الخطوة غير فرنسا وبريطانيا والمانيا 'الترويكا'·
سيناريو الحرب
ويخيم على الجدل الدبلوماسي حول العقوبات شبح التركيز على توجيه ضربات عسكرية·· ومع أن الرئيس الأمريكي جورج بوش نفى تقارير إعلامية تشير إلى خطط لتوجيه ضربة عسكرية لإيران واصفا إياها بانها 'تكهنات جامحة'، فإن مسؤولين أمريكيين وخبراء ذكروا أن التخطيط جار وبعناية في ظل وصف بوش لإيران بأنها تمثل تهديدا رئيسيا، على الرغم من عدم تقبل الأمريكيين أو الأوروبيين لفكرة شن حرب جديدة·
وقال بعض الخبراء إن مثل هذه التقارير قد تساعد في إقناع إيران بخفض وتيرة برنامجها النووي، أو تقنع روسيا والصين بالموافقة على فرض عقوبات، ولكن آخرين توقعوا أن تزيد التقارير من مخاوف كل من يعتقد فعلا أن واشنطن تسعى للحرب، بعد ما دعت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس مجلس الأمن، الذي أمهل طهران حتى 28 أبريل لوقف نشاطات تخصيب اليورانيوم، إلى اعتماد قرار بشأن إيران بموجب الفصل السابع لميثاق الامم المتحدة الذي يتضمن بندا يجيز استخدام القوة·
وكثيرة هي التقارير التي تتحدث عن ضربات جوية للمنشآت النووية الإيرانية، أو إمكانية قصف تلك المنشآت بقنابل نووية تكتيكية، إلا أن الحديث المتزايد عن تدمير البرنامج النووي الإيراني من الجو سطحي جدا، لأن أجهزة الطرد المركزي صغيرة للغاية ويمكن بناؤها من جديد بسرعة، وبوسع إيران أن تخزن سادس فلوريد اليورانيوم - اللازم للتخصيب - في مرآب بمكان ما، بحيث يستحيل العثور عليه، وكذلك من الصعب محو المعرفة التكنولوجية التي بلغها الإيرانيون· وخلال الأسبوع الماضي أعلنت إيران أن محطة اصفهان بها 110 أطنان من غاز سادس فلوريد اليورانيوم بزيادة 25 طنا عما أبلغته إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فبراير الماضي· وذكر محللون أن هذه الكمية الأكبر كافية لانتاج 12 قنبلة ذرية لو اتقنت إيران تكنولوجيا التخصيب باستخدام آلاف من أجهزة الطرد المركزي وهي خطوة يمكن ان تحتاج من 3 إلى 10 أعوام لاجتيازها·
ونظراً لأن الحرب لاتتضمن تدمير البرنامج النووي الإيراني تدميراً كاملاً فإن تداعياتها الخطيرة على الجانبين وعلى العالم ،إضافة إلى تعقيدات حسابات المكاسب والخسائر على مدى زمني طويل ،تفرض على كل أطراف الأزمة البحث عن تسوية سياسية تقوم على الحلول الوسط·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©