الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

القضاء على فقر الطاقة: فلنتحرك الآن بدلاً من الانتظار لعقود

القضاء على فقر الطاقة: فلنتحرك الآن بدلاً من الانتظار لعقود
19 يناير 2014 22:24
في أكتوبر من عام 2013، شاركت في «مؤتمر الطاقة العالمي» الذي استضافته مدينة دايجو في كوريا الجنوبية، حيث استقطب الحدث أكثر من 6000 متخصص في قطاع الطاقة، ومن بين هؤلاء مجموعة صغيرة تقف وراء تأمين 70% من إجمالي إمدادات الكهرباء في العالم. وفي كل مرة تقوم خلالها بتشغيل الضوء أو التلفاز أو الهاتف المتحرك أو الثلاجة أو أي جهاز آخر يعتمد على الكهرباء في منزلك أو مكتبك، لا بد من تذكر فضل من ساهموا في تمكينك من الوصول إلى الطاقة بسهولة. ومع ذلك، هناك حوالي 2,8 مليار شخص حول العالم يفتقرون إلى مثل هذه الخدمات التي يمثل الحصول عليها أمراً مضموناً بالنسبة لمعظمنا. ومن المؤسف أن عدم توفر طاقة كهربائية موثوقة وذات تكلفة معقولة يتسبب بما يصل إلى 4 ملايين حالة وفاة سنوياً بسبب تلوث هواء المنازل (حوالي ضعف عدد ضحايا فيروس نقص المناعة المكتسبة/الإيدز ومرض الملاريا، مجتمعين، وثاني أكبر مسبب لحالات الوفاة بين النساء). ويدعو تقرير «تحديات الطاقة الثلاثة» الذي أطلقه «مجلس الطاقة العالمي» جميع الدول (الفقيرة والغنية) للتعاون والسعي في وقت واحد لتحقيق أمن الطاقة وعدالة الطاقة والتنمية المستدامة. كما أظهر التقرير أنه بالنظر إلى وتيرة العمل الحالية للحكومات ومؤسسات القطاع الخاص، قد يستغرق القضاء على فقر الطاقة ما بين 60-70 سنة أخرى. وفي الوقت نفسه، بلغت الانبعاثات الكربونية العالمية أعلى مستوياتها خلال عام 2012، وذكرت «وكالة الطاقة الدولية» في يونيو من عام 2013 أن الوضع الحالي سيقود العالم نحو ارتفاع في درجات الحرارة بمقدار 5,3 درجات مئوية بحلول نهاية القرن. وبالتالي، هناك حاجة ماسة اليوم أكثر من أي وقت مضى للتحرك الجاد، ولا بد من انتقال سريع في قطاع الطاقة للمساهمة في دفع عجلة النمو الاقتصادي وتعزيز الرفاه والازدهار، مع إبقاء معدل ارتفاع درجة حرارة الأرض دون 2 درجة مئوية. وقد بدا أنه من الممكن تحقيق تحول إيجابي في مجال الطاقة، عندما رأينا حجم الاستثمارات الكبير في مشاريع الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة، والذي بلغ 300 مليار دولار تقريباً خلال عام 2011، وهو رقم قياسي في تاريخ القطاع (بالرغم من تداعيات الأزمة المالية العالمية). وبلغت قيمة الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة 245 مليار دولار خلال عام 2012، حيث استأثرت الدول النامية لا سيما مجموعة دول الباسيك التي تضم كلاً من البرازيل وجنوب أفريقيا والهند والصين، بأكثر من 50% من إجمالي هذه الاستثمارات، ولكن هذا لا يكفي. وأظهر تقرير «إطار التتبع العالمي لمبادرة الطاقة المستدامة للجميع» الصادر في مايو 2013 والذي أعده «البنك الدولي» و«وكالة الطاقة الدولية» و«منظمة الأمم المتحدة»، أن تحقيق الأهداف الثلاثة التي نصت عليها مبادرة «الطاقة المستدامة للجميع» يحتاج منا إلى استثمارات إضافية أكثر بمقدار 600-800 مليار دولار سنوياً مقارنة بحجم الاستثمارات المسجل في عام 2010. وتتلخص الأهداف الثلاثة لمبادرة «الطاقة المستدامة للجميع» في تيسير حصول الجميع على الطاقة، ومضاعفة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة العالمي؛ ومضاعفة معدل تحسين كفاءة استخدام الطاقة. وتنسجم هذه الأهداف مع ما حدده تقرير تحديات الطاقة الثلاثة. ولا يزال هناك اليوم 1,3 مليار شخص يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الكهرباء، كما أن هناك 4 ملايين حالة وفاة سنوياً بسبب تلوث الهواء المنزلي جراء استخدام الحطب والفحم وروث البقر وغيرها من الملوثات. وبالطبع، يجب أن لا نسمح بحدوث ذلك. فنحن نمتلك الإمكانات اللازمة لتحسين الوصول إلى الطاقة في العالم، وانتشال ملايين الناس من مستنقع الفقر، مع الحد في الوقت نفسه من تداعيات تغير المناخ عبر استخدام مصادر طاقة أنظف، بما في ذلك الطاقة المتجددة وتقنيات الوقود الأحفوري منخفضة الانبعاثات الكربونية. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت تسمية الفترة 2014-2024 «عقد الطاقة المستدامة للجميع». حيث تعهدت حكومات الدول حول العالم، بما فيها الدول الجزرية الصغيرة النامية، والدول الأفريقية، ودول الاتحاد الأوروبي، بتقديم الدعم لمبادرة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. ولا تنطوي مهمة هذه الحكومات فقط على ضمان تحقيق الأهداف الثلاثة المترابطة للمبادرة، بل ستعمل أيضاً على وضع أهداف وطنية وتنفيذ سياسات محلية واضحة ودعم المقاربات التصاعدية اللازمة لإحداث تحول حقيقي في نظام الطاقة العالمي. وفي بداية هذا العقد، نعكف على إطلاق مبادرة حول «الطاقة وصحة المرأة»، تركز على الدور الذي يمكن أن يلعبه توفر الكهرباء في إنقاذ الأرواح في العيادات الطبية. ويعد مجال الرعاية الصحية الأكثر تأثراً بمسألة فقر الطاقة، لاسيما على مستوى حالات الولادة، حيث يصبح الظلام مرادفاً للموت، والنور مرادفاً للحياة. وهناك أكثر من ربع مليون منشأة صحية في العالم تفتقر إلى الكهرباء في الليل، حيث يكافح العاملون فيها يومياً من أجل توفير خدمات الرعاية الصحية باستخدام الشموع والكشافات الكهربائية. ومنذ السنة الأولى من بداية هذا العقد، ونحن نتعاون مع شركائنا لتسليط الضوء على دور تعزيز الوصول إلى الطاقة في تحسين صحة الأم والطفل، بالإضافة إلى التوعية بأهمية الحد من تلوث الهواء المنزلي من خلال حلول الطبخ والإضاءة النظيفة. وتعد الطاقة داعماً رئيسياً لتوفير خدمات رعاية صحية أولية، كما نحتاج إلى الكهرباء الموثوقة في كل شيء نقوم به بدءاً من توفير الإضاءة مروراً بتعقيم الأجهزة وتشغيل المعدات الطبية الضرورية لأغراض التشخيص والعلاج، وصولاً إلى تخزين اللقاحات. وندعوكم للانضمام إلينا في هذه المبادرة الجديرة بالاهتمام والدعم والتقدير، ولتكن مسألة القضاء على فقر الطاقة أحد أهدافكم الرئيسية خلال عام 2014. * وكيل الأمين العام للأمم المتحدة، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة والرئيس التنفيذي لمبادرة الطاقة المستدامة للجميع
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©