الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مشاعر عربية متناقضة تجاه أردوغان

مشاعر عربية متناقضة تجاه أردوغان
8 يونيو 2013 22:49
جون ثورن تونس حتى وقت قريب، كان بمقدور رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان توقع ترحيب حار بشكل عام، فيما لو زار أي دولة من دول الحراك العربي. أما في هذه الأيام، وكما أظهرت زيارته الأخيرة لتونس، فيمكنه توقع بعض الاحتجاجات والانتقادات. وكان أردوغان يحظى بالثناء من قبل في كثير من البلاد العربية لدعمه الحملات التي أطاحت بزعماء دول الحراك العربي؛ كما نُظر إلى حزبه العدالة والتنمية باعتباره نموذجاً يحتذى في كيفية الفوز بالانتخابات، وتحقيق نمو اقتصادي وحقن الديمقراطية بجرعة من التدين. ولكن الصدامات التي وقعت بين قوات الأمن التركية والمحتجين الأسبوع الماضي، والتي بدأت في ميدان تقسيم الشهير في وسط إسطنبول قبل أن تمتد بعد ذلك لعشرات المدن التركية، ألحقت بالفعل ضرراً بنسب تأييد بعض العرب للزعيم التركي. «أنا ضد أي شخص يحاول وضع الحكومة فوق حقوق الشعب» كان هذا ما قاله «غيث الشيباني» المتخرج حديثاً من الجامعة والذي انضم لمظاهرة احتجاجية مصغرة ضد زيارة أردوغان لبلاده تونس. ومع أن الناس في تونس، ومصر، وليبيا، مشغولون تماماً بهموم بلادهم المحلية، إلى درجة لا تتيح لهم متابعة احتجاجات تركيا؛ إلا أنه بالنسبة لأولئك الذين يتابعون الاضطرابات التي تحدث في ذلك البلد في الوقت الراهن يلاحظ أن رؤيتهم لما يحدث تعكس خطوط انكسار إيديولوجية جديدة برزت في أوطانهم منذ سقوط الديكتاتوريات التي كانت قد جثمت على مقدرات أوطانهم عقوداً طويلة من الزمن. وعلى هذا يعلق «جيفري هاورد» المحلل المتخصص بشؤون شمال أفريقيا في مؤسسة «كونترول ريسكس» وهي مؤسسة بريطانية لتقييم المخاطر: «لقد سمعنا بالفعل بيانات وتصريحات من علمانيين عبر المنطقة مؤداها أن ما نشاهده في تركيا الآن يمثل فشلاً للإسلام السياسي». وكانت تركيا قد أيدت الانتفاضات التي وقعت في تونس، ومصر، وليبيا، وأسقطت أنظمتها، وتؤيد الآن أيضاً المعارضة السورية المسلحة لنظام الأسد. وقد أثبت مسح أجراه معهد «بيو» للأبحاث في ست دول عربية في يوليو 2012 أن شعوب تلك الدول كانت تنظر إلى تركيا على نطاق واسع على أنها دولة تعمل على ترويج الديمقراطية، وأن 71 في المئة من المصريين و74 في المئة من التونسيين، قد منحوا أردوغان تقديرات إيجابية. وخلال السنوات الأخيرة تحولت تركيا إلى لاعب دبلوماسي واقتصادي قوي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما دعا بعض الأحزاب الإسلامية في تونس ومصر لوصف حزب العدالة والتنمية التركي بأنه «مصدر إلهامها». ولكن الاحتجاجات التي وقعت في تركيا نفسها مؤخراً قوبلت بقمع من قوات الأمن التركية، وبالاستخدام المكثف لقنابل الغاز، وبموقف ازدرائي من قبل أردوغان الذي وصف المحتجين بأنهم «حفنة من المخربين». وتطورت الاحتجاجات وتفاقمت منذ ذلك الحين، فيما يبدو كأنه تعبير عن نقد لأسلوب أردوغان في الحكم، مع مطالبة بعض المتظاهرين بعدم المساس بالقيم الليبرالية العلمانية التي أرساها مؤسس تركيا الحديثة مصطفى أتاتورك. وفي القاهرة خاصة ينظر كثيرون إلى الاحتجاجات التركية من منظور تجربتهم مع الحكومة الإسلامية تحت قيادة «الإخوان المسلمين». ويقول أمجد فخري الموظف بأحد محال الأدوات الكهربائية وهو مؤيد للاحتجاجات التركية، عن المشروع الإسلامي «إنه مشروع فاشل... ديكتاتوري أكثر منه ديمقراطياً، ولم يحقق الحرية للشعب». أما أنصار «الإخوان» فيصفون المحتجين الأتراك بنفس الأوصاف التي يطلقونها على المحتجين على حكم نظامهم. ومن هؤلاء محمد حسين، الموظف على المعاش، الذي كان جالساً يقرأ صحيفة في أحد المقاهي في وسط القاهرة حيث قال: «نحن نعرف أن معظم الأتراك يؤيدون أردوغان». وفي ليبيا يقول خالد شتيتي، الموظف الإداري الليبي العامل بإحدى شركات الإنشاءات التركية في بلاده: «بدأ أردوغان يخلق حياة جديدة للأتراك، وعقد اتفاقيات مع العديد من البلدان مثل بلدنا على سبيل المثال بحيث باتت لدى الأتراك المقدرة على تنفيذ مشروعات جيدة في العديد من البلدان». ولا يوافق شتيتي على العنف الذي استخدمته قوات الأمن التركية ضد المحتجين، ولكنه يشعر أيضاً بأن أردوغان كان على حق عندما شجع على إحياء التاريخ العثماني والتراث الإسلامي. وفي تونس يعتبر هذا النوع من التفكير وقوداً لسجال مستمر حول الهوية الوطنية يقف فيه حزب النهضة الذي فاز في الانتخابات في أكتوبر 2011 في جانب، والأحزاب المعارضة المؤيدة لدولة علمانية قوية في جانب آخر. وفي حين يثني حزب النهضة على ديمقراطية تركيا ويأمل في تحسين علاقات تونس الاقتصادية بها، إلا أن زيارة أردوغان الأخيرة كانت أيضاً فرصة لبعض التونسيين للاحتجاج على هذه السياسة مستفيدين في ذلك من أجواء الاحتجاجات الواسعة النطاق في تركيا نفسها ضد أردوغان. وكان ضمن هؤلاء المحتجين رمزي بجاوي خريج كلية الإعلام، وهو عاطل عن العمل ومن أنصار حزب الجبهة الشعبية ذي الميول اليسارية الذي دعا للاحتجاج على زيارة أردوغان، وقد قال بجاوي: «إن أردوغان يعيش الأحلام الاستعمارية العثمانية وبلاده عبارة عن دولة دينية تستخدم العنف ضد العلمانيين». وخارج مدرسة للاتصالات والتسويق آخر الشارع كان هناك ثلاثة من الطلاب يراقبون مجموعة المحتجين المتجمعين بشيء من الاهتمام. وقد صرح واحد منهم يدعى أيمن عبيد: «ليس مهماً أن يقوم أردوغان بزيارة لتونس أو لا يزورها، المهم أن نجد وظيفة فالبطالة مرتفعة في تونس، وخصوصاً في أوساط الخريجين من أمثالي». وبجواره كان يقف صديقه أحمد بيوض الذي يقول إنه على حد علمه فإن الأتراك أفضل حالاً بكثير مقارنة بالتونسيين، وأكد عدم اهتمامه بالاحتجاجات ضد أردوغان، قائلاً: «على أي حال هذه هي تونس... هناك دائماً مظاهرات في مكان ما». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©