الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سياسة أوباما الاقتصادية... في محكمة التاريخ

سياسة أوباما الاقتصادية... في محكمة التاريخ
10 يونيو 2011 21:35
عندما ينظر المؤرخون إلى الطريقة التي خسر أو فاز بها الرئيس الأميركي باراك أوباما في انتخابات عام 2012 الرئاسية، فقط لأن الجمهوريين رشحوا مرشحاً ضعيفاً أو قوياً، فمما لا شك فيه أنهم سيركزون على أشهره القليلة الأولى في المنصب، وسيتساءلون: لماذا لم يبذل جهوداً أكبر من أجل وقف الركود الاقتصادي والانحدار الاجتماعي لأفراد الشعب الأميركي؟ وبطبيعة الحال فإن أوباما فعل الكثير قياساً بمعايير الركود الاقتصادي التقليدي ومعايير الحياة السياسية الأميركية التقليدية، حيث قام بإرسال حزمة بقيمة 800 مليار دولار لتنشيط الاقتصاد إلى الكونجرس، حيث واجه لحظات عصيبة بسبب الجمهوريين وبعض الديمقراطيين من يمين الوسط الذين يعتقدون أنها أكبر حجماً مما هو مطلوب. والواقع أنها كانت تبدو كبيرة بالفعل، على الرغم من أن المنتقدين كانوا يشيرون إلى أن خصائصها الرئيسية (خفض تدريجي للضريبة على الأجور، وتقديم المساعدة لحكومات الولايات، ورصد أموال لمشاريع البنى التحتية التي رأت النور ببطىء) قد توقف انزلاق الاقتصاد، لكنها لا تكفي لإبعاده عن منطقة الخطر. ومن خلال اختيارها تخفيضات ضريبية تكاد تكون غير ملموسة، والحفاظ على الخدمات العامة، وتدشين بارد لبعض مشاريع الأشغال العامة... قامت إدارة أوباما باجتراح مخطط يروم تنشيط الاقتصاد، كلْفته واضحة للجميع. لكن إنجازاته تكاد تكون غير مرئية. وبحلول منتصف 2011، بدا من الواضح أن أوباما لم يقم سوى بالقليل بخصوص علاج المشاكل الاقتصادية الأساسية التي ابتليت بها البلاد. فخلافاً لما كان عليه الحال خلال حالات انتعاش سابقة، كانت الشركات والبنوك الكبيرة في الولايات المتحدة تستثمر في الخارج بدلًا من أن تستثمر في الداخل. وكانت البطالة مازالت تتجاوز 9 في المئة. وذهب كل النمو الذي حققته البلاد منذ انحدار الاقتصاد إلى أدنى مستوى له في منتصف عام 2009 تقريباً إلى الأرباح، في حين عرفت الأجور خلال تلك الفترة انخفاضاً في الواقع. ونظراً لتقلص مداخيلهم وغرقهم في الديون، لم يكن الأميركيون يستطيعون شراء ما يكفي من المواد الاستهلاكية لتدوير عجلة الاقتصاد. والواقع أنه حتى في حال ازدياد مشترياتهم، فإن الكثير من أموالهم كانت ستتدفق على الدول التي قامت بصناعة السلع التي اشتروها فقط. وبالتالي، فمما لا شك فيه أن المؤرخين سيتساءلون: كيف لم يتوقع مساعدو أوباما الاقتصاديون والسياسيون حدوث هذه الأمور؟ الواقع أن بعضهم طبقت شهرته الآفاق، حيث كانوا أكفاء ومحنكين، وهنا يبرز بشكل خاص خبير الاقتصاد لاري سامرز يبرز. غير أنهم اجترحوا مخططاً قاصراً للخروج من أزمة الاقتصاد فشل في الأخذ في عين الاعتبار التغيرات الجذرية التي اجتاحت الاقتصاد الأميركي خلال العقد الماضي، رغم أن الدلائل على تلك التغيرات جلية على نحو متزايد. ومما لا شك فيه أن برنامج التعافي من الأزمة الاقتصادية الذي اقترحه أوباما وسنّه الكونجرس كان سينجح في أي ركود اقتصادي سابق في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، لكن ليس في اقتصاد عام 2009. ذلك أنه لما كانت الأسواق الآسيوية تشكل جزءاً متزايداً من عائد الشركات الأميركية، والعمالة الآسيوية تشكل جزءاً متزايداً من إنتاج الشركات الأميركية، فقد كان ينبغي أن يكون من الواضح أنه عندما تسترجع هذه الشركات عافيتها الاقتصادية، فإنها ستقوم بتوظيف أشخاص في الخارج وليس في الولايات المتحدة. وبالنظر إلى حقيقة أن 93 في المئة من القوة العاملة في القطاع الخاص غير ممثلين من قبل النقابات. وبالنظر إلى أن معدل البطالة مازال مرتفعاً، فإنه كان ينبغي أن يكون من الواضح أن الموظفين الأميركيين لا يملكون القوة لزيادة أجورهم أو الخروج من الديون التي راكموها نتيجة لركود مداخيلهم. وباختصار، فإن حلول الدائرة المفرغة التي كانت ناجحة خلال فترات ركود اقتصادي سابقة -مثل مخطط لتنشيط الاقتصاد أو معدلات فائدة منخفضة تؤدي إلى المزيد من التوظيف، والذي يؤدي إلى الزيادة في الرواتب التي تؤدي إلى مزيد من الشراء- لم تعد موجودة. فهذا الركود كان يتطلب -ومازال يتطلب في واقع الأمر- برنامجاً ضخماً للتوظيف العام من أجل سد الفراغ الذي خلّفه قطاعنا الخاص الذي يقوم بترحيل عمليات الإنتاج إلى بلدان أخرى والديون الضخمة المتراكمة على العائلات الأميركية. والواقع أن مثل هذا البرنامج كان سيتطلب من أوباما عملًا جباراً وذكياً لبيع الوظائف خلال بداية ولايته الرئاسية، غير أن مساعدي الرئيس السياسيين رفضوا هذا الخيار على الفور، وأن مساعديه الاقتصاديين فشلوا في التشديد عليه. وهكذا، سيلاحظ المؤرخون أنه بحلول عام 2011 لم يعد مثل ذلك العمل ممكناً: لأنه بحلول ذلك الوقت، كان من الواضح أن الجمهور يعتبر مخطط 2009 لتنشيط الاقتصاد إخفاقاً، ولا يرغب في التفكير في فكرة تكرير الأداء نفسه. غير أن استطلاعات الرأي (ومن ذلك استطلاع للرأي أجراه مؤخراً مستطلع الآراء الديمقراطي ستان جرينبرج) أظهرت أيضاً أن تفضيل خلق القطاع الخاص للوظائف في الداخل وتطوير التعليم والبنى التحتية في الولايات المتحدة، مازال يحظى بدعم مهم من قبل الأميركيين. والواقع أننا لا نعلم ماذا سيقوله المؤرخون عن هذه السياسات، لأننا لا نعلم ما إن كان أوباما سيحتضنها بشكل كاف أم سيحتضنها أصلًا (وبخاصة تلك المتعلقة بالتجارة)، غير أننا نعلم بالمقابل أنه إذا لم يفعل، فإن المؤرخين سيكونون على الأرجح بصدد حكي قصة موته السياسي! هارولد مايرسون محلل اقتصادي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©