الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

الثقافة الصحية «غائبة».. والأندية تتحمل المسؤولية!

الثقافة الصحية «غائبة».. والأندية تتحمل المسؤولية!
7 نوفمبر 2016 19:59
عبد الله القواسمة (أبوظبي) عشرات الندوات والمؤتمرات الطبية عقدت في شتى أنحاء الدولة على مدار الأعوام الماضية، هدفت بالدرجة الأولى إلى ضخ الثقافة الصحية والطبية في مفاصل الرياضة الإماراتية، إذ لا يمضي شهر خلال الموسم الرياضي دون أن نطالع عنواناً على صدر هذه الصحيفة أو تلك، يشير إلى قيام هذا المجلس الرياضي أو ذاك الاتحاد بتنظيم مؤتمر طبي، أو ندوة صحية، أو غيرها من المسميات بحضور أطباء ومعالجين، إلى جانب مدربين ولاعبين. لكن، ومع ذلك، فإن المعطيات كافة تشير إلى أن الرياضي الإماراتي لا يزال بعيداً عن الالتزام بالنواحي الصحية التي تزيد من عطائه، أو تطيل من عمره الرياضي، فهذه المعطيات تشير إلى أنه، أي الرياضي لا يعلم ماذا يأكل وكيف يأكل ومتى يأكل؟، كما أن الكثير من الرياضيين لا يحلو لهم النوم إلا بعد صلاة الفجر، هم بالمجمل لا يعون متطلبات أجسادهم، ولا يخفى على أحد أن أعداداً كبيرةً من لاعبي كرة القدم يمارسون التدخين، لكن وبالرغم من ذلك تراهم يتقاضون ملايين الدراهم مقابل اللعب في دوري الأضواء، فكيف الحال بالنسبة لبقية الرياضيين الذين يزاولون الألعاب الأخرى في الظل. في المحور الأخير من تحقيق «الطب الرياضي.. الصداع المزمن» نلقي الضوء على المشكلات التي تحول دون الوصول باللاعبين إلى درجة عالية من الوعي بأهمية اكتساب العادات الصحية الجيدة التي تسهم في تعزيز نشاطه البدني والارتقاء به، رغم المحاولات الدؤوبة التي تقوم بها المجالس الرياضية على الدوام لتعزيز الثقافة الصحية المطلوبة. في هذا السياق، أكد طلال الهاشمي مدير إدارة الشؤون الفنية بمجلس أبوظبي الرياضي أن المحاولات دائمة لتعزيز الثقافة الصحية التي يتمتع بها الرياضيون، لكن الكرة كانت ولا تزال وستبقى في ملعبهم من خلال الاستفادة من الجهود التي تبذلها المجالس الرياضية لترسيخ ثقافة صحية ناضجة. ويرى الهاشمي أن هناك تغييرات إيجابية على هذا الصعيد، حيث بدأ الجميع يلمس وجود تطور على المفاهيم الصحية للرياضيين، لكن الوصول إلى الحالة المثالية ما زال بحاجة إلى المزيد من الوقت، كما يتطلب تكاتف الجميع بلا استثناء، مشيراً إلى تركيز مجلس أبوظبي الرياضي على توعية الرياضيين الصغار في السن الذين يلعبون في الأكاديميات الرياضية، انطلاقاً من إيمان المجلس بأن هؤلاء الصغار متى ما اكتسبوا العادات الصحية السليمة، فإنها ستبقى ترافقهم طوال حياتهم الرياضية، حيث كان المجلس قد نظم قبل ما يزيد على الشهر ونصف الشهر ورش عمل لكافة الأكاديميات في أبوظبي، ولمس الجميع وجود تجاوب جيد من قبل المشاركين. وأضاف الهاشمي: «الكثير من اللاعبين، وعندما تقوم بسؤالهم عن كمية المياه التي يحتاجونها يومياً تجدهم لا يعلمون الإجابة، والحال ينسحب على عدد ساعات النوم المناسبة لهم وغيرها من المعلومات المهمة التي تقع في صميم الأداء الرياضي، لذلك، فإن مجلس أبوظبي الرياضي حريص على إكساب هؤلاء اللاعبين الثقافة العامة الخاصة بهذا الشأن». وأوضح الهاشمي: «لدينا برنامج خاص باللاعبين اسمه برنامج الرعاية الرياضية يشتمل على العديد من الجوانب المهمة، ويقع على عاتق هذا البرنامج مسؤولية تطوير أداء الرياضيين وتوعيتهم بالأضرار التي قد تعترض مسيرتهم. فحتى لو قام النادي بمراقبة اللاعب للحيلولة دون ارتكابه الأشياء المضرة، نجد أنه من الصعوبة القيام بذلك طالماً أنه لا يملك الوازع الذاتي للابتعاد عن العادات السلبية. دور المجالس الرياضية، توعوي بالدرجة الأولى، في حين الأندية يجب أن تقوم بدور أكبر في سبيل تطوير سلوك اللاعب من الناحية الفنية». ويؤكد الهاشمي، أن مجلس أبوظبي الرياضي كان سباقاً في عقد الورش الطبية للعاملين في قطاع الطب الرياضي بالأندية، مشيراً إلى أن المجلس لا يقف دوره على عقد هذه الورش، بل هنالك خطط عمل تطويرية تم وضعها بالتعاون مع الشركاء الاستراتيجيين خلال الفترة الماضية، فهنالك مجموعة من الاتفاقيات مع العديد من الأندية الأوروبية كناديي إنتر ميلان وفالنسيا، وكذلك مع الدوري الإسباني، وهو ما انعكس على طبيعة ورش العمل هذه التي تعرض عادة أفضل الممارسات الأوروبية الموجود على مستوى العالم. بدوره، أكد أمجد جرار أستاذ قسم الصحة والتغذية في جامعة الإمارات أنه من الصعب الحديث عن وجود نمط ثابت فيما يتعلق بموضوع ثقافة الرياضيين الإماراتيين الصحية والطبية، وقال: هناك لاعبون يملكون الرغبة الكبيرة في أن يكونوا مطلعين وبشكل دائم على كافة النواحي الصحية التي تثري أداءهم الرياضي، في حين أن البعض الآخر نرى أنهم لا يملكون أدنى مسؤولية أو اهتمام بهذا الموضوع. وأضاف جرار: «بعض اللاعبين متى ما سمع عن وجود مادة مدعمة ما، أو نوع خاص من البروتينات تناوله زميله تجده يقبل عليه كنوع من التقليد دون الوقوف على ما تحتويه هذه المادة، ومعرفة إن كانت ضارة أو عكس ذلك، وفي هذا خطورة كبيرة على جسد اللاعب، في المقابل تجد بعض اللاعبين لا يتناول أي مادة إلا بعد أن يفتح تحقيق خاص بشأنها كحال المحترفين العالميين». ويرى أمجد جرار أن المشهد العام لا يدعو إلى التفاؤل فيما يخص ثقافة الرياضي الإماراتي الذي يتأثر بالمحيط، سواء كان إيجابياً أو سلبياً دون وجود وعي أو تفرد بالقرارات التي يتخذها، مما يؤثر على أدائه وعطائه، فهو على سبيل المثال لا يملك الوعي الكافي بخطورة المواد المحظورة أو المنشطات، فوعي اللاعب ينحصر بمصطلح المواد المحظورة فقط دون معرفة أي من المواد التي يتناولها قد تكون ملوثة بالمنشطات، مضيفاً: «على سبيل المثال مادة أماينو أسيد يكثر استخدامها حيث تحظى بشهرة كبيرة في أوساط الرياضيين، وهي متوافرة، وبالإمكان شراؤها من الصيدلية أو المحال التي تعنى بالتغذية، كونها مرخصة، لكن الكثير من الرياضيين لا يعون كيفية تناول هذه المواد التي تقع تحت قائمة المدعمات والتي تعامل معاملة المنشطات، إذ يجب أن يثبت ضررها على الجسم قبل أن يتم حظرها، في المقابل نرى أن الدواء يتم فحصه قبل اعتماده أو نزوله إلى الأسواق». وأكد جرار أن الأندية تتحمل مسؤولية تثقيف الرياضيين، إذ يرى أن الأندية تلتزم بحضور الدورات التي تنظمها المجالس الرياضية فقط دون أن تبذل في الوقت نفس مجهوداً إضافياً كي تزيد من وعي اللاعبين بكافة المضار المحدقة بهم، مشيداً بدور المجالس الرياضية والخطوات التي تقوم بها في هذا الجانب، في حين أن الأندية وكذلك الاتحادات تعتبر الأقرب إلي اللاعبين والأكثر قدرة على معرفة خباياهم ومشكلاتهم التي يواجهونا، لذلك يجب على الأندية أن تتصدى لتعديل سلوكيات اللاعبين على الدوام ورصد هذه السلوكيات، مضيفاً في ذات السياق: «لو قمنا بمنع دخول المدعمات ووضع قوانين ثابتة، فإن اللاعب من المؤكد سيلتزم بالتعليمات. أما في ظل غياب الرقابة، فإن أروقة النادي ستكون مشرعة على العديد من التصرفات غير الصحية بالمطلق». «أخصائي التغذية».. «نقطة ضعف» في الأندية أبوظبي (الاتحاد) تفتقر الكثير من أندية الدولة إلى منصب أخصائي التغذية، الذي لا يقل دوره أهمية عن دور الطبيب أو أخصائي العلاج الطبيعي، فالكثير من إدارات الأندية تعتقد أن هذه الوظيفة يستطيع القيام بها المدير الفني، أو أي شخص من أعضاء الجهاز الطبي، وهو الأمر الذي يعزز من غياب الفهم الحقيقي لأهمية التغذية الصحيحة من قبل الرياضيين داخل الأندية وبشتى الألعاب. ويؤكد أمجد جرار أستاذ قسم الصحة والتغذية في جامعة الإمارات العربية، أن معظم الأندية الرياضية في الدولة تقوم بعمل برامج التغدية، إما عن طريق المدير الفني أو الطبيب الخاص بالنادي أو المعالج الطبيعي وليس بوساطة أخصائي، مشيراً إلى أنه وبحكم خبرته كان يواجه العديد من الصعوبات مع المدربين قبل اللاعبين في عملية ترسيخ الثقافة الغذائية لدى الفريق الرياضي، فأحد المدربين كان يمنع اللاعبين من تناول مشروبات تعويض السوائل الـ «جاتوريد» بداعي أن فيها سكريات، رغم أن نسبتها أي السكريات لا تتجاوز 6%. ويضيف جرار: «بالنسبة للوجبات الغذائية التي من المفترض أن يتناولها الرياضي، كنا نلاحظ للأسف أن المدربين لا يملكون خبرة كافية على هذا الصعيد، سواء قبل التمرين أو بعده، في حين أن بعض الأندية تهتم بموضوع التغذية في يوم المعسكر فقط أو في يوم المباراة دون الاهتمام بأن يشمل ذلك كافة الأيام». أسامة اللالا: الرياضي لا يعي أن جسده هو رأس ماله ! أبوظبي (الاتحاد) أكد الدكتور أسامة اللالا، أخصائي الصحة واللياقة البدنية في وزارة التربية والتعليم، أن ثلاثة عوامل تسهم في تواضع الثقافة الصحية للرياضي يتقدمها العادات الغذائية السيئة داخل المنزل، إلى جانب عدم وجود أخصائيي تغذية داخل الأندية وغياب الثقافة الصحية عن المحيط الذي يعيش فيه الرياضي بشكل عام. ويضيف الدكتور اللالا، أن الرياضي يجب أن يعي ومنذ نعومة أظفاره أن جسده هو رأس ماله الرياضي، فإذا لم يحافظ عليه من خلال السلوكيات الصحية، فإن هذا الأمر من شأنه أن يقلص عمره الرياضي، مشيراً إلى أن ساعات النوم والاستيقاظ على سبيل المثال تعتبر أكثر خطورة من موضوع قلة التدريب، أو سوء التغذية، فمن المتعارف عليه أن قلة ساعات النوم وزيادة ساعات السهر تعتبر العامل المدمر لقدرات الرياضين، كما تؤدي إلى ضعف الانتباه والتركيز وصعوبة اتخاذ القرار المناسب داخل الملعب، وكذلك زيادة العصبية وتذبذب المستوى من مباراة لأخرى، علماً أن التخلص من التأكسد والفضلات التي يتسبب بها النشاط البدني لا يحدث إلا خلال النوم، والذي يفترض أن يبلغ تسع ساعات ليلية للرياضي. وأردف اللالا: «نرى أحد اللاعبين يقدم مردوداً فنياً كبيراً في إحدى المباريات، لكن مستواه سرعان ما يتراجع في المباراة التالية، وهذا يعود بالدرجة الأولى إلى قلة ساعات النوم، وبالدرجة الثانية إلى سوء التغذية، لذلك فإن مفتاح التفوق الرياضي والفوز والانتصار يتمثل في أخذ قسط جيد من الراحة، مع التأكيد على أن العمر البيولوجي للرياضي داخل الملعب يزداد إذا حافظ على ساعات النوم، لذلك فإن ضخ الثقافة الصحية وحث اللاعب على الالتزام بها يعتبر في الكثير من الأحيان أهم من التدريب، لأن الجميع يتدربون، لكن ما فائدة التدريب إذا لم يرافقه عادات غذائية صحية جيدة». وفيما يتعلق بالنواحي الغذائية، أكد الدكتور أسامة اللالا، أن تغذية اللاعب تخضع للعديد من المتغيرات التي يجب أن يشرف عليها أخصائيون محترفون، فطبيعة الغذاء الذي يتناوله اللاعب يختلف من وقت لآخر، سواء قبل المباراة أو بعدها أو أثنائها، وكذلك في وقت ذروة عطائه البدني، أو في حال الإصابة التي تفرض مثلاً على اللاعب زيادة كمية البروتينات التي يتناولها، فالتغذية مهمة للحفاظ على الكتلة العضلية لتحسين الإنجاز والحالة النفسية والوقاية من الإصابات وسرعة الاستشفاء بعد التمرين أو المباراة والاسترداد بعد الإصابة الرياضية. وأضاف اللالا: «سوء التغذية يؤثر على الحالة البدنية والنفسية للرياضيين الإماراتيين الذين يعتقدون أن وجبة الإفطار على سبيل المثال ليست ذات قيمة مشيراً إلى أن الأسباب الرئيسة في عدم تناول اللاعبين لوجبات الإفطار هو تأخرهم في الاستيقاظ من النوم، ومن هنا فهم سيضطرون إلى تناول «الجنك فود» كالشكولاتة وشرائح البطاطا، فإلى جانب عدم لحاقه بوجبة الإفطار، فهو لن يستطيع اللحاق بوجبة الغداء المفترض أن تكون في تمام الساعة الثانية عشرة ظهراً، وهذا يعني عدم تنظيم الوجبات واختلال الإيقاع الحيوي للاعب».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©