الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مواهب الصُم في بينالي الشارقة تعلن عن تميزها

مواهب الصُم في بينالي الشارقة تعلن عن تميزها
10 يونيو 2011 21:18
مايا أحمد ليست فتاة عادية، كونها ثمرة جميلة لأبوين من الصم، ولهذا السبب اختارتها مؤسسة الشارقة للفنون للعمل خصيصاً في ورشة فنية أقيمت مؤخراً في بينالي الشارقة العاشر، تحت عنوان «من أنا» لتدريب طلاب «مدرسة الأمل للصم» التابعة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، وما دعم اختيارها لهذا المشروع، كونها خريجة تربية فنية، إضافة إلى تمتعها بخبرة واسعة في التعامل مع فئة الطلاب الصم، والتواصل معهم بلغة الإشارة، كونها ابنة لوالدين من الصم، ووالدتها هي الفنانة اللبنانية الصماء ندى شهاب. عن تجربتها في هذه الورشة الفنية المميزة، وما دار فيها مع الطلبة الصم، قالت مايا أحمد «اشتملت الورشة على عدة مراحل محددة بأهداف أساسية كان من شأنها تعزيز وتنمية الأحاسيس الفنية، والطاقات الإبداعية، والمهارات الحركية والمجتمعية لدى الطلبة الصم، ففي اليوم الأول تم جمع الطلاب، وقمنا بتعريفهم بالفرق بين ماهية الفن التقليدي وطبيعة الفن الحديث، ومن ثم قمنا تقديم مفهوم البينالي لهم بطريقة سلسة ومبسطة قدر الإمكان، وذلك من أجل تحضيرهم لزيارة البينالي وتطبيق أفكارهم المميزة من خلال رؤيتهم كطلبة وأفراد صم للعالم من حولهم، في زمن تشوبه تعقيدات كثيرة، وتغلب عليه الصراعات والحروب على السلطة والمال في كل مكان». تفاعل مسرحي ثم تتحدث مايا عن القسم الثاني من هذه التجربة الفنية المميزة قائلة «تلت تجربة التأهيل التمهيدية تلك زيارة الطلبة الصم للبينالي، حيث اطلع الأطفال على طبيعة الأنشطة التي يتم تنظيمها في البينالي ومناقشة الأفكار التي بنى عليها الفنانون المشاركون أعمالهم، بالإضافة إلى شرح واف عن التقنيات والأدوات الفنية التي استخدمت في تنفيذ وإتمام تلك الأعمال، وقد أبدى الطلاب الصم تفاعلًا مسرحياً وحركياً كبيراً مع العمل الرابح للفنان الباكستاني عمران قرشي، حيث قاموا بالتمثيل في مشهد «تظاهروا فيه بالموت الجماعي» تماشياً مع عمله الفني الذي استوحاه من تفجير «إرهابي» وقع في قريته بإسلام أباد منذ عدة سنوات. وتضيف مايا حول أبرز مشاركات الطلبة الصم في الورشة قائلة «لاحظنا أيضاً تفاعل الطلاب الصم مع أحد الأعمال الساخرة لفنانين أطفال أحداث، وعمل آخر للفنانة «آنا بيجوجيان»، حيث استعمل الطلبة كاميراتهم الشخصية لتصوير أنفسهم وأصدقائهم بطرق مبتكرة من أجل إدماج تلك الصور في المراحل النهائية والأخيرة من العمل، ومع نهاية الورشة قام الطلبة الصم بتقديم عرض تطبيق على جهاز الكومبيوتر تمثل في عمل «باور بوينت» عن أعمالهم الفنية الشخصية التي استعملوا فيها القصاصات الورقية، وخامات لونية مختلفة مثل ألوان الأكريليك والألوان الخشبية، كما قاموا بمناقشة تجربة مشاركتهم في البينالي مع عدد من طلبة المدارس والجامعات، ومن بينها الجامعة الأميركية في الشارقة من خلال فعالية حملت عنوان «حوار8»، حيث قدمت الترجمة من لغة الإشارة وإليها، وقد كان تفاعل الحضور مع هذه التجربة إيجابياً جداً، مشكلاً لحظات لتجربة استثنائية لا تنسى. وتضيف مايا «لقد كانت سعادتنا بثمرة هذه الورشة، خاصة عندما وجدنا أحد الطلبة وهو طالب مدرسة الأمل للصم عبد السلام زغرب يقول لنا: إنه قبل تجربة البينالي لم يكن يهوى الفن ودراسته، أما بعد هذه التجربة الغنية، فقد تكونت لديه أفكار جديدة وإمكانية استخدام تقنيات وأدوات خارج النطاق التقليدي، وبالتالي، فإن الفن أصبح بالنسبة له أمراً ممتعاً، وسيعمل على تطويره باستمرار مستقبلا». فلسفة طفولية أما عن طبيعة التجاوب مع مجريات الورشة من قبل الطلبة الصم؟ وكيفية تعامل القائمين على الورشة معهم، فتؤكد مايا «يتمتع الطلبة الصم بمستوى عال من القدرات الإدراكية والحسية المميزة، كما نجد أن لديهم انتباهاً واهتماماً لا متناهياً بالأحداث والتفاصيل الصغيرة التي تدور من حولهم، فتجعل لكل عمل فني يقدمونه قيمة نوعية من خلال حضورهم، وهو الأمر الذي يساعدنا على أن نرى في تلك الأعمال رسالة واضحة، نذكر منها على سبيل المثال عمل «سمكة القرش» للطالب خالد حافظ من اليمن «15 عاما ـ الصف السادس» ومضمونه أن العالم من حوله كالبحر الواسع، وهو يرى نفسه كالسمكة الصغيرة في محيط كبير، يتغلب خلاله القوي على الضعيف، والكبير يأكل الصغير ليصبح أكبر وأقوى نفوذاً، وهو ما يعكس نظرات فلسفية تتجلى بصورة واضحة لدى شريحة أخرى من الطلاب الصم». أهداف محددة وتتحدث مايا عن أبرز الأهداف الفنية والاجتماعية لمثل هذه الورش، وسبل التواصل الأمثل مع هذه الشريحة الاجتماعية المهمة، فتقول «تتسم الورش التي نقيمها عادة بالتنوع والشمولية، وقد اشتملت هذه الورشة على عدة عناصر التي من شأنها أن تحقق جملة من الأهداف الفنية والتربوية، حيث كان هناك التركيز على مجموعة المجالات الحيوية والتفاعلية، مثل التأليف الفني وتوزيع الأشكال والألوان ومزج الخامات، واستعمال تقنيات حديثة كالتصوير الفوتوغرافي وإدراجه في العمل الفني، والتركيز على محاولة إدراك أهمية تدوير النفايات كالجرائد والمجلات القديمة، عبر إيصال رسالة عالية الأهمية فيما إذا استعملت بالشكل الصحيح، وتعريف الطلاب الصم بأنواع الفن المعاصر واتصاله بأفكار ورسائل معينة مبطنة وغير مباشرة، وكيفية محاكاة الأعمال مع الابتعاد عن النقل بكافة أنواعه، وتعزيز قوة الملاحظة والنقد الفني للأعمال، بالإضافة إلى التدريب المرتكز على الحس الحركي، وإدراك أهمية عملية التواصل من أجل الوصول إلى أهداف محددة تؤدي إلى النجاح». تقصير تجاه الصم أما بالنسبة لكمية ونوعية مثل الورش في مجتمعاتنا العربية بشكل عام، فترى مايا: «مثل هذه الورش المهمة أجد أنها للأسف غير كافية لاستدراج مكامن الإبداع، والعمل على صقل مهارات فئة الطلبة الصم، وأنا أرى أن التربية الفنية في البلاد العربية بشكل عام لم تأخذ حيزاً مهماً في الجداول التربوية، لذلك نحن نعمل بجهد مع مؤسسة الشارقة للفنون. لإيصال الفكرة وأهميتها في عملية الإبداع لأكبر شريحة ممكنة من الطلبة من كافة الفئات العمرية، فليست هنالك فئات عمرية محددة لمثل هذه الورش، لكننا في هذه الورشة بالذات ونظراً لاتصالها بمفاهيم عميقة عن الحروب والسياسات الاقتصادية والخيانات والدماء. ارتأينا أن الفئة العمرية الأنسب لها، هي فئة الحلقات الدراسية الثانية والثالثة، على أن نشرك الصغار من الصم في مشاريع وورش ذات مفاهيم مع أبعاد جمالية وحركية أخرى تناسب أعمارهم». نظرة المجتمع ترى مايا أن فئة الطلبة الصم قادرة على إقناع المجتمع وتغيير نظرته لها من خلال الإبداع الفني، وتؤكد «نحن لا نؤمن بوجود اختلافات أو فوارق بين الطفل العادي والطفل الأصم الذي نتعامل معه، كما نتعامل مع أي طالب أو فرد آخر، وقالت أرى أن هذا التفاعل هو من أبرز الأدلة على أن الصم يتمتعون بنسبة عالية من الإدراك الحسي والفني الذي يمكنهم من الاندماج بالنشاطات المجتمعية والفنية، مشيرة إلى أن الفائدة من هذه الورشة لم تقتصر على الطلبة وحسب، بل شملت حتى معلمي التربية الفنية، الذين استفادوا بدورهم عبر اطلاعهم على التجارب الجديدة في هذا المجال، وشددت على أن دور الوالدين والمجتمع في تشجيع الصم وتفادي تهميشهم في كافة النشاطات الحياتية، له أثره الواسع في رؤيتهم الإيجابية نحو إسعاد حياتهم الشخصية وتعميق تفاعلهم الاجتماعي مع من حولهم مستقبلاً».
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©