الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«سليو والصياد» تبحث في ثقافة قبائل «الشيروكي» سكان أميركا الأصليين

«سليو والصياد» تبحث في ثقافة قبائل «الشيروكي» سكان أميركا الأصليين
2 سبتمبر 2010 21:55
تتناول المجموعة القصصية “سليو والصياد”، حكايات شعبية منتقاة من التراث الروحي لقبائل الشيروكي وهي إحدى أشهر قبائل سكان أميركا الشمالية الأصليين، ممن عرفوا من قبل المستعمرين البيض باسم “الهنود الحمر” وذلك استنتاجاً إلى ظن كريستوفر كولومبس الخاطئ حين وصل إلى بلادهم في أكتوبر 1493 من الميلاد. جايمس موني محقق هذه القصص وجامعها، من مواليد ريتشموند بولاية إنديانا عام 1861، ومن أحد أفراد الجيل الأول لباحثي الأنثروبولوجيا المحترفين في الولايات المتحدة الأميركية، وتمحور اهتمام موني في عمله البحثي بشكل خاص حول تاريخ شعب الشيروكي وثقافته، فقضى سنوات عديدة من حياته مختبراً العيش في أوساط القبيلة بولاية نورث كارولينا، متعلماً لغتها ومستقصيا عن عاداتها وتقاليدها ومسجلا قصصها التي سمعها من أفراد قبليين مسنين ومن أشخاص تربطهم بالشيروكي صلات قربي. ومن رواة آخرين كانوا سبقوه إلى تسجيل القصص ونقلها وتأويلها، وأشار موني في سياق الحكايات التي جمعها وفي حواشيها إلى الكثير من المصادر الأولى والثانية التي نقل عنها، مما يدعم مكانته وسمعته عند معظم المهتمين والباحثين بثقافة السكان الأصليين في أميركا، كمحقق المدونات الأكثر دقة في ثقافة الشيروكي وتاريخهم، وإليكم بعض القصص التي أوردها موني بين دفتي كتابه. الصبي الثعبان كان ثمة صبي يذهب في كل يوم لصيد الطيور، وكان يُعطي جميع الطيور التي يجلبها معه إلى البيت لجدته، التي كانت مولعة به كثيراً. وقد أثار الأمر حسد باقي أفراد العائلة الذين عاملوه على نحو جعله يخبر جدته أخيراً، في أحد الأيام، أنه سيغادرهم جميعاً، لكن ينبغي لها ألا تحزن من أجله. في الصباح التالي رفض تناول أي طعام للفطور، فغادر جائعاً إلى الغابة وغاب طوال النهار. وعاد في المساء، حاملاً معه زوجاً من قرون الغزال، وتوجه مباشرة إلى الدفيئة (أوسي)، حيث كانت جدته بانتظاره. أخبر المرأة المسنة بأن عليه أن يبقى بمفرده في تلك الليلة، فنهضت وذهبت إلى البيت حيث كان الآخرون. في مطلع الفجر التالي عادت الجدة ثانية إلى الدفيئة ونظرت إلى الداخل، فرأت هناك أوكتيناً عظيماً يملأ الدفيئة، وكان له قرنان على رأسه، لكنه امتلك قدمين بشريتين بدل ذيل الثعبان. وقد كان ذلك كل ما بقي من حفيدها. خاطبها الصبي قائلاً لها أن تتركه، فغادرت مجدداً وخرجت من الباب. حين طلعت الشمس وصارت في كبد السماء، بدأ الأوكتينا يدب ببطء، غير أن النهار كان قد انتصف قبل اكتمال خروج الثعبان من الدفيئة. حين خرج أطلق فحيحاً فظيعاً، فهرب منه جميع الناس. أخذ يدب عبر القرية، تاركاً أثراً لمساره العريض في الأرض خلفه، إلى أن بلغ منعطفاً عميقاً في النهر، حيث غطس فيه وغاب في جوف المياه. حزنت الجدة كثيراً من أجل حفيدها، إلى أن غضب الآخرون في العائلة وقالوا لها إنه بسبب تفكيرها الدائم به عليها الذهاب والإقامة معه. فتركتهم ومضت في إثر المسار الذي خلفه الأوكتينا إلى النهر وسارت في قلب المياه واختفت. وقد رآها رجل كان يصطاد السمك ذات مرة هناك، تجلس على صخرة كبيرة في النهر، وكانت تبدو بهيئتها المعهودة، لكن ما إن وقع نظرها عليه، حتى قفزت في المياه واختفت. الرَجُلُ الثعبان كان هناك صيادان، ذهبا معاً ولسبب يرتبط بتحريم لحم السنجاب والديك الرومي، إلى الغابة. عندما حل المساء وجدا موقعاً مناسباً للتخييم فأشعلا ناراً لإعداد عشائهما. خلال النهار كان أحدهما قد قتل سناجب عدة، وأخذ يستعد حينذاك لشوائها فوق النار. حذّره رفيقه من أن تجاوز التحريم وأكل لحم السنجاب سيحوله إلى ثعبان، غير أن الصياد ضحك وقال إن هذه ليست سوى قصة مشعوذ. مضى في استعداداته، وحين شُويت تلك السناجب تناول عشاءه منها ثم استلقى قرب النار لينام. في وقت متأخر من تلك الليلة استيقظ صاحبه على صوت أنين، وحين نظر حوله وجد الآخر ممداً على الأرض يتقلب ويتلوى ألماً، وكان القسم السفلي من جسده قد تحول إلى جسد وذيل ثعبان ماء كبير. كان الرجل ما زال قادراً على النطق فرفع صوته طالباً النجدة، لكن صاحبه لم يستطع القيام بشيء، سوى الجلوس بقربه محاولاً تهدئة روعه بينما يشاهد ضمور ذراعيه في داخل جسده وتحول بشرته إلى حراشف بلغت رقبته بالتدريج، حتى غدا رأسه أخيراً رأس ثعبان، وقد دَب ذلك الثعبان مبتعداً عن النار وانحدر عبر الضفة نازلاً في النهر. البحيرة المسحورة إلى الغرب من منابع نهر أوكونالوفتي، في الأعماق الأكثر وعورة لجبال الضباب العظيمة، والتي تشكل الحدود بين نورث كارولينا وتنيسي، تقع بحيرة أتاغا هي المسحورة، "مكان الغيظ". على الرغم من معرفتهم جميعاً بأنها تقع هناك، فلا أحد من الشيروكي سبق له أن رآها، وذلك لصعوبة الطريق المؤدية إليها، حيث الحيوانات وحدها تعرف كيف تبلغها. إن اقترب من المكان صياد تائه فإنه سوف يعرفه من خلال الأصوات التي تملأ الجو، أصوات آلاف البط البري الذي يطير فوق البحيرة، لكن ببلوغه المكان فإنه لن يجد سوى مسطح جاف، لا طير أو حيوان فيه ولا ورقة عشب، إلا إذا قام الصياد ذاك بشحذ بصيرته الروحية قبل ذلك، عبر الصلاة والصوم والتعبد طوال ليلة كاملة. ولأنها لا تُرى، يظن بعض الناس أن البحيرة جفت منذ زمن بعيد، غير أن هذا ليس صحيحاً. إذ أنها يمكن أن تظهر لامرئ تهجّد وصام طوال الليل، وتبدو له في وضح النهار كصفحة مياه أرجوانية واسعة ممتدة، لكن غير عميقة، تغذيها الينابيع المتدفقة من الشعاب العالية حولها. وفي مياهها ثمة أسماك وزواحف من جميع الأنواع، وعلى سطح المياه، أو فوقها، تعوم وتحلق أسراب عظيمة من البط والحمام، فيما تحيط بجميع الضفاف آثار الدببة الذاهبة في كل اتجاه. إنها بحيرة الدواء، بالنسبة للطيور والحيوانات، فإذا أصيب دب على يد الصيادين فإنه يسلك طريقه عبر الغابات نحو هذه البحيرة ويغطس في المياه، وعندما يخرج منها في الناحية المقابلة تكون جراحه قد برئت. لهذا السبب تُبقي الحيوانات البحيرة مخفية عن أعين الصيادين. العروس الجنوبية مضى الشمال مسافراً، وبعد ارتحاله بعيداً والتقائه قبائل مختلفة عديدة وقع أخيراً في غرام ابنة الجنوب وأراد الزواج منها. كانت الفتاة ترغب في ذلك، لكن أهلها رفضوا وقالوا للشمال: "منذ أن أتيت صار الطقس بارداً، وإن أقمت هنا فسنموت كلنا من الصقيع". ناشدهم الشمال بأسى، وقال إنه، إن وافقوا على منحه ابنتهم، سيأخذها معه إلى بلاده، وهكذا قبلوا في النهاية. عقدا قرانهما واصطحب عروسه إلى بلاده، وحين بلغا تلك البلاد وجدت أن جميع الناس يعيشون في بيوت من جليد. في اليوم التالي، حين طلعت الشمس، بدأت البيوت ترشح، وحين سرت الشمس صعوداً أخذت تلك البيوت تذوب، وازداد الدفء أكثر فأكثر، حتى أقبل الناس إلى الزوج الشاب وقالوا له إن عليه إعادة زوجته إلى بلادها، وإلا فإن الطقس سيغدو أكثر دفئاً وسوف تذوب القرى بأسرها. وقد جعله حبه لزوجته يعرض عنهم بقدر ما يستطيع، لكن ومع استمرار ارتفاع حرارة الشمس، غدا الناس أكثر إلحاحاً، وكان عليه في النهاية أن يعيدها إلى أهلها في بلادها. قال الناس إنها ولكونها ولدت في الجنوب وتغذت طوال حياتها من طعام ينبت في المناخ ذاته، فإن طبيعتها دافئة لا توافق الشمال. رَجُلُ الجليد ذات يوم عندما كان الناس يحرقون الغابات في الخريف أضرم اللهيبُ النارَ في شجرة حَوْر، فبقيت تشتعل حتى نزلت النار إلى الجذور وأوقدت حفرة كبيرة في الأرض. أخذت النار تشتعل وتشتعل، وراحت الحفرة تكبر على نحو مستمر، إلى أن أحس الناس بالذعر وخافوا من أن تُحرق العالم كله. حاولوا إخماد النار، لكنها كانت قد أوغلت عمقاً، فما عادوا يعرفون ما ينبغي فعله. أخيراً قال واحد منهم إن هناك رجلاً يعيش في منزل من جليد في أقصى الشمال بوسعه إخماد النار، قبُعت الرسل إليه، وبعد سفر مسافة طويلة بلغوا منزل الجليد ووجدوا رجل الجليد في البيت. كان رجل ضئيلاً شعره طويل يتدلى على الأرض بجديلتين. أبلغه المبعوثون رسالتهم وأجابهم في الحال "أجل، بوسعي مساعدتكم"، وشرع في حل جديلتيه. عندما حُل شعره كله رفعه بيده دفعة واحدة وضربه لمرة واحدة فوق يده الأخرى، وقد شعر الرسل بهبة ريح تلفح وجناتهم. عاد وضرب شعره على يده ثانية، فبدأ مطر خفيف بالهطول. عندما ضرب شعره للمرة الثالثة على يده المفتوحة، امتزج جَمَدُ المطر مع حبيباته، وحين ضرب الشعر للمرة الرابعة هطل على الأرض بَرَدٌ عظيمٌ كأنه خارج من أطراف شعره. قال لهم رجل الجليد: "ارجعوا الآن، وسوف أكون هناك غداً". فعاد الرسل إلى قومهم، ووجدوهم ما زالوا مجتمعين بلا حول قرب الحفرة الكبيرة المشتعلة. في اليوم التالي وبينما كانوا جميعاً قرب النار يراقبون جاءت ريح من الشمال، فانتابهم الخوف، إذ علموا أنها تأتي من رجل الجليد. لكن الريح لم تفعل سوى أن أججت سعير النار. حينها بدأ مطرٌ خفيف بالهطول، غير أن حبيبات المطر بدت تؤجج النار. ثم استحال المطر الخفيف غزيراً، مصحوباً بجَمَدِ المطر والبَرَد للذين أزهقا اللهب وكونا سحاباً من دخان وبخار ارتفع من الجمر الأحمر. هرع الناس للاختباء في بيوتهم، وصارت العاصفة زوبعة قادت المطر إلى كل صَدْع يشتعل وكومت بَرَداً عظيماً فوق الجمر، إلى أن خمدت النار وتوقف الدخان ذلك. أخيراً حين انتهى كل شيء رجع الناس فوجدوا بحيرة في الموضع حيث كانت الحفرة المشتعلة، ومن أعماق المياه طلع صوتٌ كصوتِ جمر ما زال يطقطق. سيلو والصياد كمن صياد في الجبال طوال يوم كامل من دون أن يعثر على أي طريدة، وحين غابت الشمس أضرم النار في جذع أجوف، وتناول مقداراً قليلاً من ثريد الذرة واستلقى للنوم، مُنهكاً يلفه الإحباط. وزهاء منتصف الليل تراءى له في نومه أنه يسمع صوت غناء عذب، استمر حتى مطلع الفجر ثم بدا يتلاشى في الهواء العُلوي. ظلّ الحظ العاثر يتلبسه طوال اليوم التالي، وفي الليل، مرة أخرى أقام معسكره المتوحد في الغابة. نام وعاوده الحلم الغريب من جديد، لكن على نحو شديد الوضوح حتى بدا له أن ذلك يحصل بالفعل. وحين نهض قبل طلوع الشمس، كان ما زال يسمع الأغنية، وقد تأكد حينذاك ما يسمعه حقيقي، وذهب في اتجاه الصوت فوجد أنه يصدر من إحدى شتلات الذرة الخضراء (سيلو). خاطبته النبتة وقالت له أن يقطع بعضاً من جذورها ويحمله معه إلى بيته في القرية، ويقوم في الصباح التالي بمضغه وأن "يذهب إلى المياه" قبل أن يستيقظ أحد غيره، ثم يذهب مجدداً إلى الغابة حيث سيقتل غزلاناً كثيرة وسيغدو منذ ذلك الحين موفقاً في الصيد على الدوام. مضت نبتة الذرة في كلامها، ملقنة إياه أسرار الصيد موصية إياه أن يكون كريماً تجاه الطرائد التي يحصل عليها، إلى أن حلت الظهيرة وارتفعت الشمس فاتخذت فجأة هيئة امرأة وصعدت في الهواء بجلال وغابت عن الأنظار، تاركة الصياد وحده في الغابة. عاد إلى البيت وروى قصته، وقد عرف الناس جميعاً أنه التقى سيلو، زوجة كاناتي. نفذ الصياد كل التوجيهات التي زودته الروح بها، وقد اعتبر منذ ذلك الحين الصياد الأكثر نجاحاً بين جميع صيادي القرية. قبيلة الشيروكي حسب الإحصاء الرسمي لتعداد السكان في الولايات المتحدة الصادر قبل سنوات، تُعد قبيلة الشيروكي أكبر قبيلة هندية بين القبائل الخمسمائة والاثنين والستين المعترف بها فدرالياً في الولايات المتحدة اليوم. وكانت القبيلة المذكورة اعتبرت منذ القرن التاسع عشر، من قبل المستعمرين البيض، إحدى “القبائل المتحضرة الخمس” نظراً لكثرة تفاعلها معهم في الثقافة والزواج وأساليب الحياة. الأمر الذي قد يفسر اهتمام “مكتب الدراسات العرقية الأميركي” في واشنطن بقبيلة الشيروكي في أواخر القرن التاسع عشر. جنس الأفاعي يطلق الشيروكي على جنس الأفاعي اسم إندادو. وجميع الأفاعي تعد أنيدا ويهي، أي “خارقة للطبيعة”، وهي ترتبط بوثاق حميم مع آلهة المطر والرعد، ولديها تأثير لا ريب فيه على باقي الحيوانات وعلى قبائل النبات. وتتصرف الأفاعي والغزلان ونبات الجنسنج كمثل حلفاء، كما يقال، فإن أصيب أحدهما تنتقم جميعها من أجله. وتثير الأفاعي إحساساً هو مزيج من الخوف والتبجيل، ويحرص كل الحرص على تجنب قتل إحداها أو مضايقته، خصوصاً الأفعوان المُجَلجَل. فذاك الذي يقتل أفعى، سرعان ما يواجه الأفاعي الأخرى، وإن قتل أفعى ثانية، فإن الكثير من الأفاعي ستحيط به من كل جانب وسيصاب حينذاك بالذهول من منظر أعينها المتلألئة وألسنتها السهمية وسيتوه كرجل مجنون عاجز عن تلمس طريقه للخروج من الغابة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©