الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ماء الوجه وجمرة العلاقة

ماء الوجه وجمرة العلاقة
10 يونيو 2011 21:02
تحت بشرة الإنسان كمية اعتبارية أو افتراضية من الماء عليه أن يحافظ عليها لتبقى بشرته نضرة وحيوية، ولا يجف وجهه ويصبح مثل اللوح. وفي الوقت نفسه، فإن العلاقات بين البشر يمكن تشبيهها بالجمرة، كلما زاد توقدها وارتفعت حرارتها صارت العلاقة أكثر دفئاً ومودة. والذي يحصل أن أحدهم يهرق ماء وجهه مع قريب أو صديق، ولا يدري أن قطرات الماء التي تخرج من بين أعضاء وجهه ستسقط على جمرة العلاقة بينهما، فتخفض حرارتها ثم تطفئ توقدها، فإذا زادت القطرات تبخّر الماء وارتفع بخاره وضرب في رأسيهما، وتحولت الجمرة إلى حجر بارد ضخم، يرغب كل واحد منهما قذفه على رأس الآخر. ماء الوجه تشبيه رائع للحياء، وبذله أو إراقته كناية عن الالحاح في الطلب والسؤال، ورغم أن ما بين الأقرباء والأصدقاء أكبر من أن يتلاشى بسبب طلب العون وقضاء الحاجة، إلا أن كثرة الطلب والإلحاح، أضعف من أن يقاومه شيء، فالمسؤول يضيق بكثرة الطلبات التي لا يمكنه الوفاء بها، وينظر إلى صاحبه بأنه قريب أو صديق مصلحة. والسائل يضيق لأنه يلاحظ أن صاحبه بدأ يتهرّب ويتعنّت ويسأل ألف سؤال قبل أن يقضي ما كان يقضيه بالأمس بلا إبطاء أو تردد، ويقول عنه إنه استعلى وطغى منذ أن استغنى وترقى. إذا اقتنعت بما سبق، أو لم تقتنع، فعليك من الآن وصاعداً أن تبقي ولو قطرات من ماء وجهك، ولا تبرّد علاقتك بالآخرين، وذلك بأن تحتفظ بماء وجهك لنفسك ولا تريقه لطرف ثالث، فيكفي ما ستطلبه لنفسك، فمن كان يعرف مسؤولاً في السجن مثلاً، فلا داعي أن يطلب منه واسطة لزيارة سجين في غير الأيام المخصّصة للزيارات، لأنه قد يدخل هو بنفسه إلى السجن، ويكون في حاجة لتخصيص يوم آخر لزيارته هو، فيكون الرد من المسؤول: كفى، ذبحتني بكثرة طلباتك. وإن كان لا بد من الإراقة لطرف ثالث، فلتكن لقضية خطيرة وأمر مصيري. ويمكن أن تريق بعض القطرات في الأمور التي لا حلّ لها إلا بتدخل من قريب أو صديق، فإذا كانت نتائج امتحانات ابنك ستظهر يوم الأحد، فلماذا تلحّ على صديقك الذي يعمل في قطاع التعليم ليعطيك النتيجة يوم الخميس؟ وتذكّر أن هذا الصديق نفسه، قد تحتاجه يوماً ما في أمر مستعصٍ، مثل شكوك ابنك أو حفيدك في نتائج الامتحانات، ومطالبته بإعادة تصحيح ورقته. وتذكر أيضاً بأن صاحبك لديه أصحاب غيرك، وأهل، وأشخاص يحتاجون ويطلبون ويسألون، مثلك بالضبط، وأكثر. وعليك أن تتحمل الضيق بين الحين والآخر، فإذا كنت تتوقع أن تكون لديك خمس حاجات لدى شخص ما، فاطلب منه المساعدة في حاجتين واسعى بنفسك في الباقيات. ويفضّل أن ترمي الكرة في ملعبه، فإذا كان صاحبك يعمل شرطياً، وأخذت تتكلم ثلاث ساعات متواصلة عن مشكلة واجهتك في المرور، ولم يكلّف نفسه أن يقول لك: كل هذا يحدث لك وأنا في المرور، والله وبالله وتالله لن أبرح مكاني غداً إلا بعد أن أنهي مشكلتك. إذا لم يقل هذا الكلام حرفياً، فهو ببساطة لا يرغب في مساعدتك، فاحفظ ماء وجهك، واحفظها له، وادعو الله أن يمرّ بمشكلة ويكون الحل بيدك، فتقعد تستمع لمشكلته وأنت تتثاءب ثم تنام أمامه وتشخر. أحمد أميري me@ahmedamiri.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©