الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«الثقافة في الصين».. رحلة بانورامية خلف السور

«الثقافة في الصين».. رحلة بانورامية خلف السور
24 يوليو 2018 23:24
أبوظبي (الاتحاد) الصين حضارة ممتدة، في أعماق التاريخ وفي رحاب الجغرافيا. ساد انطباع، شبه راسخ لدى مختلف الشعوب، أنها حضارة معزولة أو منعزلة، خلف الأسوار التي افترضتها الطبيعة أو صنعها الإنسان، وتحصّنت بغموض اللغة الصعبة، والعادات والتقاليد والمفاهيم والاعتقادات التي صاغتها أجيال الصينيين منذ عهد أسرهم الأولى قبل الميلاد بآلاف السنين. لكن الصين، التي بدت عصية على الفهم، لم تترك لذلك الانطباع أن يصبح معياراً حاكماً في مسيرتها وعلاقاتها. فقد عالجته، بحكمة وصبر وجهد، لكي تقدم حقيقتها للعالم خالصة من الانغلاقات، ومتحررة من العقد. وبالنتيجة، أصبح الناس في أربع أرجاء الأرض يشاهدون «المعجزة الصينية» وهي تتحقق، بالاقتصاد والتجارة والعلوم والصناعات، وكذلك من خلال الفنون والآداب. كيف حققت الصين ذلك؟ إنه السؤال الذي يحاول أن يجيب عنه منذ عقود سياسيون واستراتيجيون وخبراء ومثقفون، من شتى أنحاء العالم. أما لماذا استطاعت الصين أن تحقق معجزتها، فهو السؤال الذي يحيل إلى محاولة فهم التجربة في أعماقها التاريخية والثقافية والفكرية والروحية. أي خلاصة التجربة الحضارية بشمولها، وهو ما يحاول أن يقدمه كتاب صدر عن مشروع كلمة (دائرة الثقافة والسياحة ـ أبوظبي) في عام 2014. الكتاب يحمل عنوان «لمحة عن الثقافة في الصين» للمؤلف تشنغ يوي تشن ونقله إلى العربية د. عبد العزيز حمدي عبد العزيز من مصر. وعنوان الكتاب يترجم مضمونه، فهو رحلة فكرية عظيمة، وجريئة، وواسعة الخيال، ومثيرة، تسبر أغوار الثقافة الصينية في عصورها السحيقة التي تتجذّر في أعماق الحضارة الصينية منذ ثلاث آلاف سنة ونيف، ولذا تتسم موضوعات الكتاب بالثراء والوفرة، بدءاً من مفهوم الثقافة في الصين إلى تسليط الأضواء الكاشفة على جوانب هذه الثقافة في شتى الموضوعات التاريخية والجغرافية والأدبية والفنية والإيديولوجية والسيكولوجية والدينية والفن المعماري والعادات والتقاليد، فضلاً عن منجزات الصين في التقدم البشري، وبذلك يشبع نهم القارئ العربي الشغوف لاستجلاء غموض الثقافة الصينية، وفلسفتها وتاريخها، ويسد فراغاً علمياً تعاني منه المكتبة العربية لأن معارفنا بالصين ما زالت غامضة وشاحبة. والصورة البانورامية التي يرسمها المؤلف، عن الصين قديماً وحديثاً، تنطلق من مفهوم الثقافة، التي صاغت المزاج العام للصينيين وحملت حضورهم إلى العالم، خصوصاً بعد افتتاح «طريق الحرير» في عهد أسرة هان. ويقرر الكتاب أن العديد من مدارس تعليم اللغة الصينية تنتشر حالياً في دول شتى، ويزداد معها عدد من يعرفون بـ«الصينولوجيا» (أي خبراء الشؤون الصينية)، كما يزدهر في الغرب ـ بحسب الكتاب ـ المذهب الكونفوشيوسي، وفلسفة لاوتسي، وتوانغ تسي. ويدرس طلاّب من أوروبا وأميركا الأوبرا الصينية ويقدموها باقتدار في مدنهم. ونتاجات المطبخ الصيني غزت موائد المطاعم الفاخرة في كل المدن الكبرى، فضلاً عن أنها أصبحت علامة من علامات طعام الشوارع في أرجاء الأرض. وأصبحت دراسة الروايات الكلاسيكية الصينية مثل «حلم المقصورة الحمراء» في العالم علماً بارزاً. كما أصبح كتاب «فن الحرب» بمثابة استراتيجية الإدارة لدى رجال الأعمال في الغرب. وشهدت السنوات القليلة الماضية اضطلاع فرنسا وأميركا وألمانيا ومنظمة اليونيسكو بتنظيم «مهرجان الثقافة الصينية». هذه الجولة العامة في طبيعة وحضور الثقافة الصينية، يفصّلها المؤلف تشنغ يوي تحت عناوين عديدة، تشكّل فصول الكتاب بعدد صفحاته الذي يربو على 800 صفحة. ومن العناوين، التي تسهّل على الدارس أو الباحث تتبعها: جغرافية الصين والتي تتميز بنهريها العظيمين الأصفر واليانجتسي، فضلاً عن تقسيماتها الإدارية وتسمياتها. ومن ثم تطور التاريخ في الصين، حيث يقدم المؤلف سرداً لمصادر الثقافة، وحكم الأباطرة والأسر وصولاً إلى التاريخ الحديث. ويقدم المؤلف ثلاثة فصول، يشرح فيها: الرموز الصينية (خصوصاً في تركيباتها اللغوية)، والفكر الأكاديمي الصيني انطلاقاً من مذهب كونفوشيوس ـ مينيشيوس، والمعتقدات والأديان، بما فيها البوذية والطاوية والإسلام والمسيحية. ويتضمن الكتاب فصولاً عن التعليم في العصر القديم، ونظام الفحوص الإمبراطورية، والكتب القديمة والسجلات التاريخية، وإنجازات علمية في الصين القديمة، والهندسة المعمارية التقليدية، والأدب الكلاسيكي، والعادات والتقاليد، والتبادل الثقافي بين الصين والبلدان الأجنبية. إن ما يميز كتاب «لمحة عن الثقافة في الصين»، أنه ليس كتاباً أكاديمياً للمختصّين، بل هو كتاب لكل من يريد أن أن يحصل على لمحة على كل جانب من جوانب الحضارة والثقافة في الصين. وبهذا المعنى، يشكل مفتاحاً ضرورياً لسبر أغوار مغاليق هذه الحضارة العظيمة. المؤلف ولد مؤلف الكتاب شنغ يوي تشن في محافظة تايقو بمقاطعة شانشي بجمهورية الصين الشعبية في عام 1939م. تخرج في جامعة بكين متخصصاً في الأدب الصيني. اختارته وزارة التعليم الصينية لدراسة اللغة الفرنسية في جامعة اللغات الأجنبية في بكين لمدة ثلاث سنوات لإعداده وتأهيله لتدريس اللغة الصينية في البلدان الأجنبية. قام بتدريس اللغة الصينية في مدرسة الصداقة بين الصين وجمهورية لاوس. اشتغل بالتدريس لعدة سنوات في جامعة بكين، وفي مجموعة التربية والعلوم التابعة لمجلس الدولة الصيني وفي وزارة التعليم الصينية. سافر إلى إيطاليا عام 1986 وعمل بالتدريس هناك في جامعة اللغات الشرقية لمدة سنتين. يشغل حالياً منصب عميد معهد التبادلات الدولية التابع لجامعة اللغات الأجنبية في بكين ومديراً لمركز الدراسات الصينية ـ الأجنبية، وكذلك المركز الدولي لمعلومات تدريس اللغة الصينية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©