الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

شرق حلب.. عودة خجولة للحياة وسط الركام

شرق حلب.. عودة خجولة للحياة وسط الركام
27 يناير 2017 01:36
حلب (أ ف ب) يكتفي عبدالحي بغرفة واحدة من أصل أربع في منزله المتضرر في شرق مدينة حلب وضع فيها بعضاً من الفرش وأشعل الحطب للتدفئة ولا يهمه سوى أن يهنأ بالأمان بعد حرب طويلة أنهكته. وكما غيره من سكان الأحياء الشرقية التي كانت تسيطر عليها الفصائل المعارضة طوال أربع سنوات، فضل عبدالحي العودة إلى بعض من الحياة الطبيعية في بيته في حي الشعار برغم الركام المحيط به من كل حدب وصوب. وفي غرفته الصغيرة، يقول عبدالحي، البالغ من العمر 38 عاماً: «إن الوضع بات آمناً، وهذا سبب كافٍ لعودتي مع عائلتي إلى منزلي مهما كان حاله». ويضيف: «كنا نعيش من دون مياه وكهرباء، وعدنا للعيش في الظروف ذاتها، ويمكن الاستغناء عن الخدمات المعيشية، لكن لا يمكن العيش بجوار الموت دائماً، في ظل الخطر الذي بقي مرافقاً لنا طيلة سنوات الحرب». وتضرر منزل عبدالحي مرات عدة جراء المعارك التي شهدتها المدينة طوال أربع سنوات، وبدلاً من النوافذ الزجاجية اعتاد وضع الألواح الخشبية وقطع القماش. ومثل عشرات الآلاف غيره من سكان الأحياء الشرقية، فرّ عبدالحي من منزله خلال المعارك الأخيرة التي تمكن إثرها نظام الأسد من استعادة كامل مدينة حلب في 22 ديسمبر. لكنه لم يستطع الانتظار كثيراً، وبمجرد أن فتحت بعض الطرقات المؤدية إليه، عاد إلى منزله ليجده وقد تحطم معظم أثاثه وانتشر الزجاج المكسر على أرضه. ويقول عبدالحي: «أخبرتنا المحافظة أنها ستقوم بتسجيل الأضرار من أجل الحصول على التعويضات لاحقاً»، مضيفاً: «علينا إحضار أوراق ثبوتية تثبت أننا أصحاب العقارات، وبعدها سننتظر دورنا من أجل قدوم لجنة تقييم الأضرار لتطلع على حالة المنزل». وبانتظار حصول ذلك، عمد عبدالحي إلى تنظيف جدران غرفة واحدة وضع فيها بعض الفرش والشراشف له ولزوجته وأولاده وعلق فيها حبل غسيل. ويقول: «سأجهّز الآن غرفة واحدة، وبعدها أعيد تجهيز البيت غرفة تلو الأخرى». وإن كان كثيرون من سكان شرق حلب بادروا إلى البدء بأعمال الإصلاحات في منازلهم للعيش فيها، فإن آخرين ممن تدمرت منازلهم بالكامل ليس أمامهم سوى الانتظار. ولم يترك أحمد الجاسم وزوجته وابنهما، البالغ من العمر 15 عاماً، حي الشعار طوال فترة المعارك. وتسكن العائلة الصغيرة اليوم في منزل جيرانهم الذي يقع على بعد أمتار عن بيتها المدمر تماماً. وتنهمر دموع أم عماد، الخمسينية، وهي تلقي نظرة من شرفة منزل جيرانها على أنقاض بيتها وأغراضها وثيابها المبعثرة بين الحجارة والقضبان الحديدية. وتقول: «منزلنا تدمر وجيراننا سمحوا لنا بالبقاء في منزلهم، كلما خرجت إلى الشرفة أبكي على المشهد». وتضيف: «أقول لنفسي إننا الآن في مكان لا مياه فيه ولا كهرباء ومنزلي مدمر، كيف سيعود كل شيء إلى حاله». وفي غرفة مظلمة وباردة وضعا فيها حبل غسيل، يلقي الجاسم، البالغ 60 عاماً، وإلى جانبه زوجته الألواح الخشبية في مدفأة حطب صغيرة تقيهما البرد القارس. ويقول الجاسم: «البرد هنا لا يُحتمل، ولا يوجد أي من مقومات الحياة، نستعيض عن الكهرباء بالبطاريات وعن المياه بشراء الغالونات»، مضيفاً: «يقوم ولدي بجمع الحطب طيلة الصباح من أجل أن نتدفأ في المساء». وبرغم غياب الحاجات الأساسية، يشير الجاسم إلى أن «الأمور اختلفت الآن وهناك أمان، ويمكنك الخروج في أي وقت دون خوف»، مضيفاً: «تحتاج ظروف المعيشة إلى بعض من الوقت لتتحسن تدريجياً». ويؤكد بحزن: «أنا راضٍ بالأمان لي ولولدي، ولا أريد خسارة المزيد». وتأمل أم عماد أن تتمكن من إرسال ابنها إلى المدرسة مجدداً بعدما حرم منها ثلاث سنوات. وتقول «كنتُ أخاف عليه كثيراً من الموت والقذائف، لكنّي اليوم مطمئنة، وحان الوقت كي يعود إلى مدرسته».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©