الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مستقبل الكرة الآسيوية..«العسل الُمر»

مستقبل الكرة الآسيوية..«العسل الُمر»
15 يناير 2015 23:57
معتز الشامي (سيدني) لا خلاف على أن الإعداد للمستقبل يتطلب العمل بكل قوة على الأجيال التي ستعيش فيه وتعمره. وفي كرة القدم، ليس أفضل من وفرة القدرات البشرية والشباب والناشئين، خصوصاً في سن 8 سنوات وما فوقها، ولكن ذلك يحدث إذا توافرت برامج الإعداد الناجحة وصقل المواهب والعمل على إعداد اللاعبين بالصورة المطلوبة من عام لآخر حتى بلوغ مرحلة الفريق الأول والمنتخبات الوطنية. وبعد أن ألقينا الضوء على حال الدوريات المحترفة وتعاملات الأندية مع لاعبيها في القارة الصفراء، ومن قبلها واقع اللعبة على مستوى المنتخبات وتاريخ المشاركات في دوري الأبطال ومستويات القارة الفنية، كان لابد أن نتوقف في هذه الحلقة عند «مستقبل آسيا»، الذي لن يتحقق بالاعتماد على اللاعبين الكبار حالياً، والمرشحون لترك اللعبة خلال سنوات قليلة من الآن، ولا حتى على ما تقوم به أندية الدوريات الـ6 التي تطبق الاحتراف وتقود قاطرة اللعبة في قارة بحجم آسيا من حيث المساحة والسكان، تحتوي على ثلث سكان العالم في 47 دولة تمارس كرة القدم. لكن يبدو أن كثرة الطاقات البشرية، ووفرة الصغار في القارة المزدحمة تتأخر فيها كرة القدم عن باقي قارات العالم، حتى لو كانت أفقر، فتحولت «النعمة» إلى «نقمة»، أو بالأحرى «عسل مُر الطعم»، بسبب الظروف الصعبة لمعظم دولها، ولكن الإشكالية لا تكمن فقط في ضعف الإمكانيات وقلة الدعم، وغياب التخطيط، لكن في ظروف جسمانية وطبية، ولعبة لا تجد الانتشار الكافي والشغف بين طبقات المجتمع لدعمها، ولو كان الفقر وحده سبباً في قتل المواهب، لما قدمت قارة أفريقيا كل هؤلاء اللاعبين إلى العالم وأندية أوروبا. وحدد الاتحاد الآسيوي قبل إطلاق مشروعه الجديد لنشر اللعبة في القارة الصفراء الأسباب الأساسية، التي تسهم في عدم التطور الفعلي للمواهب والناشئين من مختلف الأعمار، حيث تهتم 11 دولة فقط بتطوير قدرات الناشئين وثقلهم في الأندية والمنتخبات أغلبها في غرب آسيا، وعلى رأسها قطر التي تمتلك مشروع اسباير لإعداد أجيال المستقبل من الموهوبين، بالإضافة إلى الإمارات التي لاقى اهتمامها بمشروع إعداد الناشئين وتطوير المواهب وإعداد المنتخبات بالمراحل السنية ومراكز تكوين الموهوبين، كما احتلت الإمارات مكانا مرموقا من حيث برامج نشر اللعبة في المدارس، بينما لا تزال السعودية بعيداً عن المأمول من حيث الاهتمام بتطوير الناشئين وفق طرق علمية وحديثة، وإن كانت قد بدأت بالفعل ولكن قبل عامين. أما واقع الحال في البحرين وعمان، فهو صعب للغاية في ظل غياب الدعم المادي وخطط التطوير اللازمة، وهو نفس ما يقال عن الأردن، وفلسطين، بينما يتراجع العمل في قطاع المواهب والناشئين بشكل كبير في اليمن والعراق. أما في شرق آسيا فلا خلاف على تطور وتفوق النموذج الياباني والكوري، لدرجة دفعت الصين إلى الاستفادة من قدرات الجارين، وأبرمت اتفاقيات لتطوير الواعدين، بخلاف اتفاقيات تتعلق بالإعاشة الكاملة لمدربين ولاعبين موهوبين في الصين داخل أندية وأكاديميات كوريا واليابان. وفي أستراليا لم يقل الاهتمام عن باقي الدول المتطورة في هذا المجال، حيث تطبق أستراليا نظاماً أوروبياً في تطوير قدرات المواهب والناشئين، وإذا كانت الدول المتطورة وصاحبة الإمكانيات التي تعمل بقوة مع النشء واللاعبين الصغار، هي التي تقود قاطرة التقدم بالنسبة للكرة الآسيوية، فالغالب الأعم بالنسبة لباقي دول آسيا لا يعمل وفق منظومة صحيحة في كيفية تطوير المواهب وثقلها واكتشافها وتقديمها للمنتخبات والأندية، ولعل انتشار المرض وسوء التغذية وفقر بعض المجتمعات في آسيا، والمشكلات التي تعاني منها دول مثل في وسط آسيا ومنطقة الآسيان التي تضم دولا كثيرة، كافية لأن ندرك حجم المأساة. وقد حدد الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» عدد مواهب مستقبل آسيا بما يدور في فلك الـ25 إلى 30 مليون لاعب في سن الـ8 وحتى 17 سنة، ويمكن العمل على إعدادهم خلال السنوات المقبلة ليكونوا لاعبين مميزين في كرة القدم، وتضم الصين العدد الأكبر منهم، بينما يضم قطاع الناشئين في أكثر من 2200 نادٍ آسيوي، بمختلف درجات الدوري ما يقرب من 3 ملايين لاعب فقط، وهو ما يعني وجود مواهب مدفونة في القارة الصفراء لم يهتم أحد بالبحث عنها. ومن هنا تحرك الاتحاد الآسيوي العام الماضي بإطلاق مشروع الواعدين في 23 دولة آسيوية، أبرزها الإمارات والسعودية والبجرين، أوزبكستان، فيرغيزستان، الأردن، تركمانستان، الهند، لبنان، هونج كونج، ميانمار، الصين، العراق، فلسطين، إندونيسيا، سنغافورة، بالإضافة إلى اليابان التي أطلقت المشروع من تلقاء نفسها لزيادة حجم الاهتمام بالناشئين والمواهب الصغيرة، رغم أنها بدأت هي وكوريا في الاهتمام بتطوير قطاعات الناشئين في مشاريع منفصلة قبل 10 سنوات مضت، فبات للمدرسة في اليابان وكوريا دوراً ضخماً في إعداد وصقل المواهب واكتشافها ومن ثم تحويلها إلى الأندية والمنتخبات. ويعاني اللاعبون الصغار في دوريات الخليج وغرب آسيا من غياب الاهتمام العلمي بتطوير قدراتهم في معظم الدوريات، بخلاف غياب الاهتمام بالتغذية السلبية، والتكوين الصحيح على أسس علمية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©