خطوة بخطوة

تسير الأمور في الحياة بتسلسل وتدرج منطقي، فمنها ما يأخذ ثوانٍي ومنها ما يأخذ ساعات ومنها ما يستغرق أياماً وسنين، وهذا يتوقف على طبيعة ونوعية الأمور والأشياء· فالطفل عندما يبدأ بتعلم المشي فإنه يبدأ مشواره بخطوة ثم يتبعها بالأخرى وهكذا ليصبح بعد مدة زمنية قادراً ليس على المشي فحسب، بل وعلى الركض في مضمار الحياة· فخطوة بخطوة منهجية للتغيير في الحياة، وللتميز في الأداء وللجودة في العمل وللإنتاجية، وللتطور وللبناء والعمران ولتحقيق الأهداف· ''خطوة بخطوة'' نقولها لكل من يرغب في تطوير ذاته، وننصحه بعدم الاندفاع مرة واحدة وإرغام النفس على التكيف الفجائي، لأننا نخشى عليه التعثر لأبسط المعوقات، وأهونها فيحبط أو ينكسر· عزيزي القارئ لا تشق على نفسك ولا تحملها ما لا تطيق، فالنفس تمل ولا تحب التقييد، فتسايس معها وعاملها باللين وعوِّدها، وخذ الأمور بروية وابدأ بخطوة وعش أهميتها ثم شجع النفس لإتيان الخطوة الثانية، فخطواتك متعلقة بأمور كثيرة خاصة بك مثل: الحالة الصحية والنفسية، وطبيعة التفكير، ونوعية المعتقدات، والمفاهيم، والظروف وغيرها، وتذكر أن الشجرة كانت بذرة· ''خطوة بخطوة'' مصطلح يقودك بتأن وتمهل دون عجلة، خشية ألا تكمل سيرك نحو ما ترغب به، فقد قال عليه الصلاة والسلام: ''فإن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى''· فكم هم الذين انطلقوا فرحين بما يريدون إنجازه وتحقيقه نحو التغيير والتطوير والبناء والعطاء، وما هي إلا أيام قلائل أو أسابيع معدودة ويعودون كما كانوا، بل أن بعضهم يعود أكثر سوءاً من السابق وذلك؛ لأن خطواتهم لم تكن محسوبة بشكل صحيح ولم تأخذ بقانون ''البناء بمراحل''، قال الله تعالى: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ)(الأعراف:54)· ''خطوة بخطوة'' مفهوم يساعدك على دراسة الأمور بروية ومعرفة معطياتها، ويمنحك فرصة للتفكير والتدبر والإدراك، والقدرة على التقييم والتحليل والتعديل والتطوير والاختيار بشكل أفضل، بعيداً عن الندم وضياع الفرص والوصول لنهايات دون أهداف محققة· فإذا أردت: العلم: فخذه ''خطوة بخطوة'' لكي لا تمل أو تفقد المعنى الحقيقي للمعلومات التي تتلقاها· التغيير: فقم به ''خطوة بخطوة'' لتتكيف على ما هو غير مألوف لديك، وتتأقلم معه فيصبح بعد مدة عادة· النقاش: فقم به ''خطوة بخطوة'' وخذ وقتك في الاستماع والتأمل والتدبر فيما يقال قبل أن تحكم وتندم ففي العجلة الندامة· والأمور يحكم عليها بكليتها وليس بأجزائها· الدكتور/ عبداللطيف العزعزي dralazazi@yahoo.com