الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

قضاء الحوائج.. علامة صدق الإيمان وكماله

قضاء الحوائج.. علامة صدق الإيمان وكماله
15 يناير 2015 23:15
الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام وشرح صدورنا للإيمان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه أجمعين... وبعد: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ»، (أخرجه مسلم). التكافل الاجتماعي ديننا سبق ما أفضت إليه دراسات علم الاجتماع بقرون طويلة، التي سعت إلى استحداث نظم تضمن التكافل الاجتماعي بين البشر، حيث إن التكافل في الإسلام نظام كامل متكامل وشامل، يسعى إلى تحقيق العيش الكريم لكل فرد في المجتمع - سواء كان مسلماً أو غير مسلم-، وليس أدل على ذلك ممَّا ذكرته كتب السيرة، أن أمير المؤمنين - عمر بن الخطاب - رضي الله عنه، رأى شيخاً متوكئاً على عصاه وهو يسأل الناس، فسأل عنه، فقيل: إنه كتابي، وفي رواية - نصراني - فقال: «خذوا هذا وضرباءه إلى بيت المال، فوالله ما أنصفناه إن أكلنا شبيبته وتركناه عند شيبه»، (كتاب الخراج لأبي يوسف). فضل الإطعام أخرج الإمام الترمذي في سننه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَطْعَمَ مُؤْمِنًا عَلَى جُوعٍ أَطْعَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ، وَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ سَقَى مُؤْمِنًا عَلَى ظَمَأ سَقَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ، وَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ كَسَا مُؤْمِنًا عَلَى عُرْيٍ كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ خُضْرِ الْجَنَّةِ»، (الترمذي). وفي هذا الحديث الشريف يتبين فضل الله سبحانه وتعالى على المؤمن الذي يساعد محتاجاً ويعاون إنساناً ويُسدي معروفاً، ولا يختص ذلك بهؤلاء الثلاثة، فليست مساعدة المسلم مقصورة على إطعامه أو سقيه الماء أو كسوته، بل تكون في جميع شؤون حياته. كرب المكروبين أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «المُسْلمُ أَخُو المُسْلم، لا يَظلِمُه ولا يُسْلِمُهُ، ومَنْ كَانَ فِي حَاجةِ أَخِيهِ، كانَ اللَّهُ فِي حاجتِهِ، ومنْ فَرَّجَ عنْ مُسلمٍ كُرْبةً، فَرَّجَ اللَّهُ عنه كُرْبةً من كُرُبَاتِ يَوْمِ القيامةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلماً، سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ الْقِيامَةِ»، (أخرجه البخاري). في هذا الحديث الشريف تجتمع قواعد التكافل بين المسلمين، ففيه فضل قضاء حوائج المســــلمين ورعايتهم بالمال والعون والمساعدة، وفيه حرمة ظلم المســـلم لأخيه المسلم، ووجوب عدم تركـــــه مع مَنْ يؤذيه، بل وجبت عليه نصرته والدفاع عنه، ووجوب ستره من قبيح فعلٍ فلا يفضحه، بل يُسْدِي إليه النصح سراً. فضل الصدقات حث ديننا الإسلامي الحنيف على الإنفاق، حيث بين بأنه علامة على صدق الإيمان وكماله، كما قال - صلى الله عليه وسلم-: «وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ»، (أخرجه مسلم)، وعند دراستنا للأحاديث السابقة نتعرف على ما أعده الله سبحانه وتعالى من مثوبة وأجر كبير للمُنفقين، ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الأول: عندما سُئل أي الصدقة خير؟ قال: «أَنْ تَصَدَّقَ، وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ»، وقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الثاني: «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلا مَلَكَانِ يَنْزِلانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا»، وكذلك ما جاء في الحديث الثالث: من إظهارٍ لفضل عيادة المريض، وإطعام المحتاج، وسقي الماء، حيث إن ذلك كله من مكارم الأخلاق التي يدعو إليها الإسلام، ومن المعلوم أن الإنفاق حين يكون في حالة اليُسر أو في حالة السراء يكون أمراً طبيعياً، لكن حين يكون في حالة العسر أو في حالة الضراء، فإنه يحمل دلالة مثالية على مصداقية الإيمان والتكافل الاجتماعي بين المجتمع الإسلامي. ولو ألقينا نظرة على واقع مجتمعاتنا لرأينا أن أهل الصدقات والخيرات يبارك الله لهم في أهلهم وأموالهم، بينما نرى العكس عند مانعي الزكاة حيث الكساد التجاري والأمراض والأوبئة في أنفسهم وأموالهم، لذلك يجب على الأثرياء إخراج زكاة أموالهم والتصدق على المحتاجين، ومن أشكال الصدقات والبرّ خصوصاً في مثل هذه الأيام، مساعدة الفقراء والمعوزين، مساعدتهم بشراء الملابس الشتوية لهم، وبتجهيز بيوتهم وصيانتها من برد الشتاء. وخير مثال على ذلك، إطلاق دولة الإمارات الأسبوع الماضي حملة «تراحموا»، لإغاثة مليون لاجئ ومتضرر من العاصفة الثلجية وبرد الشتاء القارس من إخوانهم في بلاد الشام، ومن ضمنها أهلنا المتضررون في فلسطين، وإننا إذ نثمن هذه الخطوة المباركة لنتوجه لدولة الإمارات بجزيل الشكر وعظيم الامتنان على هذا العمل الخيري.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©