محمد أحمد (القاهرة)
العنكبوت.. مكية، من المثاني، آياتها 69، ترتيبها التاسعة والعشرون، نزلت بعد سورة «الروم»، بدأت بأحد حروف الهجاء «الم»، واختصت بذكر العنكبوت دون غيرها من سور القرآن. سميت «سورة العنكبوت» لأن الله تعالى ضرب العنكبوت فيها مثلاً لاتخاذ المشركين أولياء من دون الله، وهي الأصنام والآلهة المزعومة قال تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)، «الآية 41».
اشتهرت السورة بهذا الاسم في المصاحف وكتب التفسير والحديث، ولا يعرف لها اسم غيره، وعرفت به من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، روى عكرمة أن المشركين إذا سمعوا تسمية سورة البقرة وسورة العنكبوت يستهزئون بهما، فنزل قول الله تعالى: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)، «سورة الحجر: الآية 95»، ووردت التسمية في كلام بعض الصحابة، قالت عائشة رضي الله عنها إن رسول الله كان يصلي في كسوف الشمس والفجر أربع ركعات وأربع سجدات، يقرأ في الركعة الأولى بالعنكبوت أو الروم وفي الثانية بيس»، وقال ابن عباس وابن الزبير، نزلت سورة العنكبوت بمكة. قال الإمام المهايمي لاشتمالها على الآية «مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء....»، وتشير إلى أن من اعتمد على قوة الأصنام، كالعنكبوت اعتمدت على قوة بيتها التي لا تحتمل حتى أدنى الحشرات والرياح، وحفظها عن الحر والبرد.
ومن المناسبة أيضاً ما أشارت إليه الآيات في خاتمة «القصص» بما يفيد هلاك جميع المخلوقات ورجوعها إلى الله فكان من الجميل أن تبدأ «العنكبوت» بعدها بتوجيه المؤمنين إلى الصبر على الأذى، وما يفتنون به من بلاء المشركين ليكون لهم جزاء الصابرين وعقبى المتقين.
أما موضوع السورة، فيتناول العقيدة في أصولها الكبرى، الوحدانية والرسالة والبعث والجزاء ومحورها يدور حول حقيقة الإيمان، وسنة الابتلاء، والفتنة ومصير المؤمنين والكافرين لأن المسلمين في مكة كانوا في أقسى أنواع المحنة والشدة.
عدد اليوم
