الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

آباء «غرباء في بيوتهم» لانشغالهم بإنجاز المهام الوظيفية

آباء «غرباء في بيوتهم» لانشغالهم بإنجاز المهام الوظيفية
17 يناير 2012
في الوقت الذي نجد فيه الكثير من الموظفين لا يبالون بإنجاز مهامهم الوظيفية أو بمواعيد الحضور للدوام أو عدد الساعات المطلوبة، نجد آخرين لا يكتفون بما أنجزوه من مهام، بل يتطوع عدد منهم، لحمل تلك المهام إلى المنزل لعدم وجود الوقت الكافي لإنجازها خلال دوامه. وهذا بالطبع يكون على حساب راحة الموظف الشخصية وأسرته، ويتسبب في الكثير من الإرباك لحياته، حين يأخذ ركنا في المنزل ويحاول أن ينجز تلك المعاملات، إما عن طريق الهاتف أو كتابة التقارير المطلوبة تسليمها في اليوم التالي. تتطلب بعض الوظائف من العامل بها أن ينجز بعض الأعمال الإضافية في بيته ويكون على تواصل دائم مع زملائه في العمل خارج ساعات الدوام، وهذا يكون بالطبع على حساب وقته وسعادته وسط أفراد أسرته التي تنتظره بفارغ الصبر، مما يؤثر كثيراً على البعض بحدوث انفعالات وتصرفات قد لا تعجب زوجته وأبنائه، نتيجه تلك الضغوط، لأنه بدلاً من أن يقضي ساعات المرح والترفية مع أسرته، نجده منكبا في زاوية من البيت ينجز ويتصل ويكتب، لإنجاز ما طلب منه من عمل. العزلة ويجد سالم اليماحي، مدرس من خلال مهنته التربوية والتي كثيراً ما يحمل معه دفاتر العلامات وأوراق الامتحانات لتصحيحها، أن العمل في البيت يسبب العزلة وعدم التجاوب مع الآخرين وعدم اكتساب المهارات الاجتماعية والارتباط بالآخرين ويقلل فرصة للتواصل الاجتماعي الذي يتم تنميته من خلال الاتصال والتواصل مع الآخر. وقال: الخروج للعمل صباحا في حد ذاته يقضي على الروتين والرتابة وبه نوع من التغيير المستمر الذي يعطي إحساسا بالأمل والتفاؤل، هذا غير أن احترام قيمة العمل يزداد مع وجود الشخص في مكان العمل أكثر من وجود الشخص في البيت، وعلى الرغم من أن العمل له إطار وقواعد وتقاليد يحتاج لملابس رسمية نوعا ما، وهو ما يعطي قيمة للعمل لما له من قدسية واحترام، فإن كل ذلك بالطبع لا يتوافر عندما يكون العمل من البيت، فقد يستطيع الشخص أن يعمل وهو بملابس النوم وغير مهذب الشعر والذقن، مشيراً إلى تأثير الدوام من المنزل على أسرته من خلال تجربته الشخصية، لأن عمله يتطلب منه بصفة مستمرة ساعات إضافية في البيت، مما زاد من حدة المشاكل الزوجية وأدى على عدم متابعتي لتربية أبنائي، كما زاد من ارتباكي وعصبيتي مع أفراد أسرتي وهذا ما يشعرني بتأنيب الضمير كثيرا حول أسرتي. المكان المناسب وفي الاتجاه نفسه ترى الدكتورة نهى عبد العال المتخصصة في أمراض النساء، أن المرأة التي تأخذ عملها للبيت تعلم جيداً أن منزلها مكان مناسب لإنجازه أو هي قادرة على تهيئته ليكون كذلك، كما هيأته للرجل من قبل، في حين الرجل الذي يحاول أن ينجز عمله من البيت، فإن الوضع يختلف عن ظروف المرأة في المنزل، فهي تقع على عاتقها مهام منزلية وارتباط بالأبناء ولا تقع غالباً على الرجل، لافتة إلى أنه يصعب على الرجل أن يهيئ للمرأة جو عمل، كالذي يمكنها هي أن تهيئه له، لذلك على المرأة من وجهة نظرها أن لا تحمل عملها إلى المنزل ولا تحمل أعباءها المنزلية للعمل، لأن هذا سيسبب قصوراً في كلا الجانبين يجعلها تشعر بضغوط الحياة بشكل أكبر، وهذا ما شعرت به فترة من الزمن أثناء عملها من المنزل، فقد أصبحت غير قادرة على التوفيق بين مسؤوليات الأسرة والعمل، لذلك اختارت أن تنجز كل أعمالها في فترة الدوام، حتى لو أدى ذلك إلى قضاء بعض من الوقت المتأخر في العمل. المسؤولية الأسرية طبيعة عمل زوجي غالبا ما تتطلب أن ينجز أعماله من البيت، وهذا الأمر كثيرا ما يرفع ضغطي ويزيد من مسؤولياتي الأسرية، هكذا بدأت سميرة شعبان حديثها، معبرة عن رافضها لزيادة ساعات الدوام وانتقالها إلى المنزل. وقالت: كلما حاولت أن أناقش زوجي بموضوع يتعلق بمسؤوليات البيت ومشاكل الأطفال غالبا ما تكون إجابته «أنا مشغول، وليس لدي وقت لمناقشة الموضوع»، هذا الرد يجعلني أشعر بالضيق والقهر. وتتابع: حتى يوم الجمعة الذي يعتبر مخصص للراحة وقضاء أجمل الأوقات مع الأبناء أجده منشغلاً بإنهاء معاملات الدوام، مما تحول البيت خلال هذه الفترة إلى معسكر إجباري علينا أن نتقبل هذا الوضع، ولو كان على حساب الأسرة وسعادتها، موضحة أنها عاشت خلال الأشهر الثلاثة الماضية، في جحيم لا يطاق حيث زادت حدة المشاكل بينها وبين زوجها، وأصبحت عصبية، مما زادت مسؤولياتها أكثر وأكثر وأصبحت لا تطيق تصرفاته، حين كان منشغلا بعمله من البيت، حتى طلبت منه أن ينتقل لقسم أخر أقل جهداً ومعاناة، وبالفعل بعد أن وصل الحال بها إلى مفترق الطريق وطلبت الطلاق مراراً، قرر زوجها ترك القسم الذي يعمل به ويتجه إلى قسم آخر، وذلك خوفا على الأسرة من التفكك بسبب هذا العمل الذي أخذ جزءا كبيرا من وقته وراحته وأعصاب الزوجة التي كادت أن تنهار. المكالمات الهاتفية تلو الأخرى التي تصله بعد انتهاء الدوام لاستدعائه لحدوث أمر طارئ يتطلب وجوده كثيرا ما توقعه في حيره الذهاب إلى العمل على حساب أسرته، حيث قال غيث محمود إن طبيعة عمله في الشركة التي يعمل بها تتطلب أحيانا كثيرا الرد على المكالمات التي تردني من الشركة وفي حالة التقصير أو عدم الرد سيتخذ بحقي إجراءات قاسية، لكن من أجل إلا يحدث ذلك اضطر كثيرا العودة إلى العمل لأنهى المهمة المطلوبة. ويضيف: النسبة الغالبة من المؤسسات والشركات لا ترحم موظفيها، فمنها ما يلزمهم العمل في أيام الإجازة الأسبوعية والرسمية، فيضطر الموظف إلى الذهاب إلى العمل، ما يدفعه وأسرته إلى التذمر وتقبل واقعهم مرغمين. واجب إنساني بينما يقول الدكتور مصطفي غنام، طبيب عام يعمل في قسم الطوارئ بعيادة خاصة، إن طبيعة عمله تتطلب منه التواجد في المستشفي حتى لو كانت لديه إجازة أسبوعية، وذلك لمساعدة المرضي وتقديم الواجب المهني الذي يحتم عليه القيام بأداء واجبه بشكل جيد، وهو إنقاذ الكثير من الحالات الإسعافية التي تتطلب وجودي في المستشفي حتى لو كان ذلك في منتصف الليل. ويتابع: تفهم زوجتي لطبيعة عمله للحالات الإنسانية التي يستقبلها كل يوم قلل من حده المشاكل، حيث أصبحت أكثر تفهما ووعيا بالرسالة الإنسانية التي يقدمها للمرضي وفي حالة انشغاله بالعمل، تحاول أن تتحمل المسؤولية قدر استطاعتها، لكن يبقى الإحساس بالتقصير اتجاه أبنائه يلازمه كلما مررت بموقف من هذا القبيل نتيجة الألم الذي أقرأه في عيون الأطفال وهو يفارقهم. دراسة وقال الدكتور عطية شعبان طبيب الأمراض النفسية: مع شعور الموظف بعدم الراحة وملاحقة العمل إلى البيت قد يؤثر ذلك على نفسيته وطريقة تعامله مع أسرته، فالغضب الزائد عن الحد وعدم قدرته على ضبط نفسه لأتفه الأمور تجعله يتحول إلى قنبلة قابلة للانفجار تحت تأثير أي ضغط خارجي بسيط. ولفت إلى دراسة حديثة أجراها باحثون بريطانيون بجامعة أكسفورد حول هذا الشأن، أكدت أن العمل من داخل المنزل أكثر إرهاقا ومشقة من العمل في أماكن ومكاتب خارجية مثل الشركات الخاصة والمستشفيات، والذي غالبا ما يلجأ إليه الأشخاص الطامحون في الموازنة بين الحياة العائلية السليمة والتركيز على العمل في آن واحد. وقال الباحثون إن نتائج تلك المخاطرة بالعمل من داخل المنزل كانت عكسية، حيث وقع ضغط مضاعف على الأشخاص الذين يتابعون أعمالهم بصورة يومية من المنزل، فوقعت عليهم أعباء إضافية متعلقة بشؤون المنزل والأطفال وإعداد الطعام والتزامات عائلية أخرى جعلت من الصعب التركيز على المهام المراد تنفيذها مما يعطل عجلة الإنتاج والإنجاز.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©