لا يمكن الحديث عن المنجز السيميائي عربيّاً دون الوقوف عند المشروع التأسيسي والمنزاح في آن للكاتب والسيميائي المغربي سعيد بنكراد، مشروع تتحقق فيه مواصفات الإبداعيّة والقوّة والفرادة والتعدّد والرّصانة، خاصة فيما يتعلق بالتحوّل النوعي لاشتغال هذا الكاتب على النصوص التخييلية وظواهر معترك الحياة اليومية بالاستناد إلى المعنى كمنطلق للقراءة والتأويل.
حاوره: إسماعيل غزالي
منعطفات تجربته السيميائية، ومزاوجته بين العمل الأكاديمي الصرف وانفتاحه على قراءة قضايا المعيش اليومي، عن علاقة السيميائيات بالفينومينولوجيا، والأفق الجديد الذي فتحته القراءة السيميائية للنص السردي العربي، فضلًا عن الصورة الإشهارية وكتابة الرواية... يدور هذا الحوار.
![]() |
|
![]() |
◆ ◆ أنحدر من تيار يعتبر المعنى حجر الزاوية في الوجود الإنساني، فنحن موجودون في المعنى ومن خلاله نحضر في تفاصيل المعيش. لقد جئت إلى السيميائيات عبر بوابة مدرسة باريس، وهي مدرسة تعتبر نفسها جزءا من الفينومينولوجيا القائمة على مبدأ القصدية الذي يكون الوعي الإنساني وفقه موجها دائما إلى فهم ما يأتيه من خارجه، وأن ما يحدد معنى الظاهرة ليس جوهرا مزعوما يمكن الوصول إليه، بل سلسلة من المحددات هي معنى الظاهرة، وبتلك الصفة تحضر في الذهن، كما تعتبر نفسها الوريث الشرعي للكلوسيماتيك الدانماركية ممثلة في هالمسليف، فقد بشر هذا اللساني بسيميائيات إيحائية تُبنى استنادا إلى عملية تدليلية تحول المعنى التقريري إلى معنى ثان هو المضافات الدلالية الاستعارية. إلا أن هذا التصور لم يتجاوز حدود رصد المعنى من خلال مجموعة من العلاقات الثنائية حيث تنتشر الكتلة الدلالية أمام الوعي في انفصال كلي عن القارئ الذي تقلص دوره واختُصر في التعرف على ما أودعه المؤلف في ثنايا نص لا يخفي حقيقته. وهناك في تصور هذه المدرسة عُدَّة نظرية جاهزة هي التي تمكن المحلل من وضع اليد على هذا الكم الدلالي المعلوم.
![]() |
|
![]() |