الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«الحلم الصيني».. سلام واستقرار وتفاهم عالمي

«الحلم الصيني».. سلام واستقرار وتفاهم عالمي
18 يوليو 2018 23:33
وائل بدران (أبوظبي) على مدار عقود، جعل قادة الصين من التنمية الاقتصادية أولوية لهم، وتجنبوا أعباء الالتزامات الدولية والحروب. وفي محاولة لطمأنة الدول التي يساورها القلق من قوة الصين المتنامية، أكدت بكين طوال سنوات، على هدف «التنمية السلمية» للدولة. وانعكاساً لمتطلبات التغيير في الدولة الصينية كقوة كبرى، ناقش القادة الصينيون كيفية تعزيز قوة بلادهم، والتي يصفها الرئيس «شي» بـ«الحلم الصيني»، استناداً إلى قدرة بكين على المساهمة في بيئة عالمية مواتية، حسبما أشارت دراسة حديثة بعنوان، «الصين والنظام الدولي» صادرة عن «مؤسسة راند» الأميركية. وفي آخر خطاب له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال الرئيس الصيني: «لا يمكننا أن نحقق الحلم الصيني من دون بيئة عالمية مسالمة، ونظام دولي مستقر، وتفاهم ودعم ومساعدة من بقية دول العالم». وتشير الدراسة إلى أنه رغم الاقتصاد الصيني العملاق، فإنه كان يُنظر للدولة، حتى من قبل الصينيين أنفسهم، باعتبارها نامية، وليست متقدمة، وقد مكنها ذلك التعريف من الاستفادة من نمو اقتصادي واجتماعي مستقر، غير أن حسابات واستراتيجيات تحقيق ذلك النمو قد تغيرات مع قفزة الاقتصاد الصيني إلى المراتب العليا بين الاقتصادات العالمية. وركّز التقرير الذي قدمه الرئيس «شي» إلى المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني، في أكتوبر الماضي، على تعزيز النظام العالمي، لاسيما منظمة الأمم المتحدة، وزيادة المشاركة الصينية في هذا النظام، لافتاً إلى نية بكين الحفاظ على علاقات السلام والتعاون مع الدول الأخرى. وأوضح أن الصين تسعى إلى المشاركة بفاعلية في إصلاح وتطوير النظام العالمي، والمساهمة بالحكمة والنفوذ الصيني في سبيل تحقيق ذلك. ويشير التقرير إلى أن الصين تعتزم بناء شراكات مع مجموعة من الدول في أنحاء العالم، خصوصاً بين دول العالم النامي. شراكات لا تحالفات وأكد التقرير أن ما ترنو إليه الصين هو بناء «شراكات»، وليس إقامة تحالفات. ويصف خبراء صينيون الشراكات بأنها «علاقات ذات بعد أخلاقي سامٍ، تقدم من خلالها الصين الامتيازات المالية وغيرها، وفي المقابل تتوقع تعاوناً من قبل الدول المستفيدة، في إطار المصالح المشتركة مع هذه الدول». وبالطبع، تمثل هذه الشراكات أهمية خاصة للحكومة الصينية، إذ إن من شأنها تسهيل طموح بكين فيما يتعلق بمبادرة الحزام والطرق، التي اعتبرها مؤتمر الحزب الشيوعي أولوية خلال السنوات المقبل، بينما تسعى الصين إلى إقامة علاقات على الصعد السياسية والمالية والتجارية والبنية التحتية وكذلك على الصعيد الشعبي، بطريقة من شأنها أن تفضي إلى تعاون دولي يخلق محركات جديدة للتنمية المشتركة. ولفت الرئيس الصيني في خطابه إلى الإدراك المتسارع لصعود القوة الصينية، منوّهاً إلى أن بلاده دخلت إلى عصر جديد يمثل مرحلة جديدة من التنمية التاريخية. وقد تمكنت الصين من إجراء تحول هائل، فقد حققت نمواً، وأصبحت أكثر ثراء وقوة، بحسب «شي». ولا شك في أن المسار الصيني قدم نموذجاً وفرصة للدول الأخرى النامية، يختلف اجتماعياً واقتصادياً عن ذلك النموذج الذي حاولت دول الغرب بسطه في أنحاء العالم بعد الحرب العالمية الثانية. مساندة المنظمات الدولية وذكرت الدراسة الأميركية أن القادة في الصين يثمنون الشرعية المتجسدة في المنظمات الدولية المنصفة والقواعد العادلة، وكذلك مرونة النظام الذي يسمح لبكين بالاضطلاع بدورها، غير أن ما يقلقهم هو ما يعتبرون الامتيازات التي تحصل عليها الولايات المتحدة من تلك المؤسسات القائمة، وبالطبع يعارضون تلك القرارات والمبادئ والمؤسسات التي يعتبرونها محابية للدول الغربية ومهددة للسيادة الوطنية. وبصورة عامة، تشدد السلطات الصينية دوماً على أن بكين «تؤيد النظام العالمي»، مشيرة إلى مساهمة الصين الفاعلة في المنظمات والمؤسسات العريقة، مثل الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية، وكذلك مساندتها لكثير من القوانين والمعاهدات الدولية. وعلى رغم من ذلك، ينتقد القادة والمفكرون الصينيون المبادئ والقيم الليبرالية التي ترسخ فكرة أن «النظام العالمي هو أيديولوجية سياسية غربية»، بحسب الدراسة. واعتبر «نيو شينشون» الباحث لدى «المعهد الصيني للعلاقات الدولية المعاصرة»، التابع لوزارة «أمن الدولة»، أن الصين نجحت في الاندماج داخل النظام الاقتصادي العالمي، لكنها ترى أن الأيديولوجية السياسية التي تخلط بين النظام الدولي والغربي غير ملائمة لمتطلبات القوى الصاعدة. وسلّط «شينشون» الضوء على ما اعتبره «نزعة الغرب إلى (الهيمنة)، مقارنة بما يراه نزعة بين الدول غير الغربية نحو (توازن القوة)، و(توازن الرأسمالية مع الاشتراكية وكذلك النماذج الاقتصادية الأخرى). وانعكاساً لحالة الريبة واسعة النطاق المنتشرة في الكتابات الأكاديمية ووسائل الإعلام الصينية تجاه الغرب، اتهم «نيو» الولايات المتحدة بمحاولة «احتواء الصين وتقليم أظافرها»، من خلال أيديولوجيتها السياسية الغربية». انتقاد التدخلات العسكرية دأب المسؤولون الصينيون على انتقاد العمليات العسكرية التي لا تدعمها منظمة الأمم المتحدة، فانتقدوا تدخل الولايات المتحدة في العراق، والعمليات العسكرية في ليبيا بعد عام 2011، والتي أدت إلى نتائج خطيرة، من وجهة نظر بكين، بعد التدخل العسكري الذي تجاوز التفويض المبدئي للأمم المتحدة. القضايا المشتركة تتخذ الصين خطوات إيجابية فيما يتعلق بالقضايا ذات الاهتمام العالمي المشترك، مثل التغير المناخي وأمن المعلومات ومكافحة الإرهاب، فبذلت على سبيل المثال جهوداً حثيثة لتخفيف التغير المناخي، كما اضطلعت بدور قيادي في اتفاق باريس حول المناخ، وتعهدت بتقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030. وعلاوة على ذلك، ألغت الصين عشرات محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، واستثمرت زهاء 80 مليار دولار في مشاريع الطاقة المتجددة التكنولوجية، وأضحت في مرتبة متقدمة عالمياً بين الدول المستخدمة لطاقة الرياح والطاقة الشمسية. إصلاح النظام العالمي يرى المراقبون الغربيون، ومثلهم الصينيون، تراجعاً في فاعلية المؤسسات والمنظمات العالمية القائمة في خضم المشكلات السياسية والاقتصادية المزمنة، مثل تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، والتغير المناخي، وأزمات اللاجئين والإرهاب، وبسبب الاختلاف حول القيم والمثل والمبادئ، تجد الدول صعوبة في التوصل إلى إجماع، وهو ما يصل بها إلى طريق مسدود حول قضايا دولية مهمة. ونوّهت «راند» إلى أن بكين ترى أن إصلاح النظام العالمي، لا بد أن يحافظ على مصالحها وكذلك على توازن القوى، ومن ثم وجّه القادة الصينيون جهوداً لإصلاح الإجراءات والقواعد داخل المؤسسات الدولية لكي تمثل بصورة عادلة القوى النامية. وأطلقت الصين بالفعل عدداً من السياسات التي من شأنها أن تسفر عن تغييرات جوهرية في النظام العالمي خلال الأعوام العشرة المقبلة، إذ تروّج الصين لمجموعة من القيم والمبادئ التي تعتبرها ملائمة بدرجة أكبر لاحتياجات النظام العالمي والتوازن بين الدول الغربية وغيرها. وتتجسد هذه القيم والمبادئ في «المبادئ الخمسة للتعايش السلمي»، التي تركز على سيادة الدول والاستقرار وتعزيز حقوق الإنسان، إضافة إلى التسامح مع كافة أنماط الحكم. وفي هذه الأثناء، تعمل بكين على تعزيز دور المنظمات الإقليمية، وبناء تحالفات إقليمية تهدف إلى إصلاح المنظمات والمؤسسات القائمة. الصين والشرق الأوسط.. مشهد عالمي متغير لطالما تميزت العلاقات بين الصين ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالتعاون والدعم المتبادل، وغابت عنها الصراعات. فمن الناحية الاقتصادية، تُعتبر الصين ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على درجة عالية من التكامل، مما يفسِّر تنامي العلاقات التجارية الثنائية، رغم الصراعات الأخيرة التي تشهدها المنطقة. وهو ما أكده «يانج فو تشانغ» نائب وزير الخارجية الصينية الأسبق، في ورشة عمل نظمتها «أكاديمية شنغهاي للدراسات الاجتماعية» مؤخراً. وأشار «تشانغ» إلى أن مبادرة الحزام والطريق من شأنها تمتين هذه العلاقات الودية ودعمها. وأيَّد ليو تشونغ مين مدير معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة شنغهاي للدراسات الدولية، استمرار نهج عدم التدخل الذي تتبعه الصين في المنطقة، وحثَّها على المساعدة في زيادة القدرات الأمنية لمنطقة الشرق الأوسط في المنطقة لحماية الطرق التجارية، من أعمال القرصنة بشكلٍ خاص. من جانبه، حدَّد «يانغ غوانغ»، مدير مؤسسة «كيمز» الصينية للأبحاث، أربعة مجالات يمكن أن تكون فيها العلاقات الصينية مع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا واعدة، وهي البترول وإعادة التصنيع وتطوير البنية التحتية والتمويل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©