الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مو يان.. غرائبية الواقع

مو يان.. غرائبية الواقع
18 يوليو 2018 20:01
يعتبر الكاتب الصيني مو يان (مواليد فبراير 1955) واسمه الحقيقي «جوان موي»، ثاني كاتب صيني يفوز بجائزة نوبل للأدب عام 2012، عن روايته الشهيرة «الذّرة الرفيعة الحمراء» الصادرة بالصينية عام 1987، وبالإنجليزية عام 1993، حيث حصل على هذه الجائزة قبله الكاتب غاو شينجيان عام 2000، فيما وصف النّقاد رواية الذرة الرفيعة الحمراء بـ«رواية الصين بامتياز»، حيث يسرد فيها الكاتب لمحات من تاريخ الصين في ظل الاستعمار الأجنبي في الغزو الياباني من عام 1937 إلى عام 1945، فيما جاء في حيثيات منحه الجائزة، أنّ مويان استخدام مزيجاً فريداً من الخيال والواقعية والجوانب التاريخية والاجتماعية، ليخلق عالما يذكر القارئ بكتابات وليام فوكنر و جابرييل غارسيا ماركيز، كما أنّه في الوقت ذاته مزيج من فوكنر وتشارلز ديكنز ورابليه، وجد نقطة انطلاق في الأدب الصيني وفي الفلكلور المحكي. «مو يان» هو اسم مستعار يعني «لا تتحدث»، يرجع الفضل إلى معاناته المبكّرة كمصدر للإلهام في أعماله التي تناولت الفساد والتفسخ في المجتمع الصيني وسياسة تنظيم الأسرة وحياة الريف في البلاد، وفي معظم كتاباته يرسم صورة حيّة عن تجاربه حينما كان شابّاً وعن الحياة في مقاطعته، وظهر ذلك جليا في روايته «الذرة الرفيعة الحمراء»، التي تحوّلت إلى فيلم سينمائي. ونشر مويان الذي حصل عام 2011 على جائزة مانهاي الصينية للأدب، أولى رواياته عام 1981، بعنوان «الفجلة البلورية»، فيما ترجمت معظم رواياته إلى لغات عالمية كثيرة، بصفته رائداً من رواد الأدب الصيني المعاصر، وقد ترجمت روايته الفائزة بنوبل للأدب إلى اللغة العربية، بوصفه كاتباً صينياً إشكالياً، وضع رواياته المعاصرة لزمننا في التأريخ لمسار التحوّلات المادية والروحية العميقة التي شهدتها أرض تعجّ بالمتناقضات والأساطير والتحديات مثل الصين. أصدر مو يان أكثر من 34 رواية أهمها: السورغوم الأحمر، مطر هاطل في ليلة ربيعية، الضفدع، جمهورية النبيذ، موت خشب الصندل، القطن الأبيض، الغابة الحمراء. ومن بين مجموعاته القصصية الشهيرة عالمياً: النهر والغلطة، أغنيات الثوم، لكن تظل روايته «الذرة الحمراء الرفيعة» الأكثر شهرة، وهي تتكون من 5 أجزاء: «نبيذ الذرة الصينية»، و«جنازة الذرة»، و«طريق الكلب»، و«الميت الغريب»، و«الذرة الحمراء»، وهي في الواقع أشبه بالملحمة التاريخية التي تدوّن تاريخ عشيرته المنسي، أو منطقته الريفية المتميزة والمهمّشة معاً، بحكاياتها الشيّقة وفلكلورها. إنه يقدّم في روايته تاريخ البشر البسطاء، المنسي، والمثير للتهكم والإعجاب معاً. تشترك رواية «الذرة الرفيعة الحمراء» التي صدرت بالعربية عن منشورات المركز القومي للترجمة في القاهرة، وترجمها الدكتور حسانين حسين، ورواية «الثور» لنفس الكاتب، في ملمح سردي بارز، باستخدام «الراوي»، فيما ترسم الروايتان لوحتين كبيرتين عن الحياة في الصين، مزدحمتين بالألوان والتفاصيل، كذلك ملامح بيئية مليئة بالشقاء من أجل لقمة العيش، وكذلك حافلة بالعادات والتقاليد والأساطير والحكيات الشعبية التي تدهش القارئ، خصوصاً أن مقتنص نوبل«مويان، نجح في تضفير كل ذلك ببراعة في حكاياته، بحيث بدت لنا تلك الأساطير جزءاً أصيلاً في رواياته، وليست مجرد تفاصيل تطرز السرد، أو حليات مضافة يمكن اختزالها من النسيج الروائي. وبحسب الناقد المصري الدكتور خيري دومه فإن هذه الرواية ترسم عالماً صينياً واقعياً، لكنه في الوقت نفسه يقترب من أن يكون غرائبياً، أهم ما يميزه ذلك الطابع البدائي المرعب القائم على القتل المجاني بسهولة، وذلك التمازج المهول الذي يصل حدّ التطابق بين البشر والحيوانات. واتفق باحثون صينيون على أنّ في مزاج مو يان والنوبلي نجيب محفوظ وأعمالهما عدد من التشابهات، إذ ينتمي كل منهما إلى حضارة الشرق العريقة، وفي هذا السياق صرّح تشونغ جي كون، الأستاذ في قسم اللغة والثقافة العربية بجامعة بكين (الحائز على جائزة الشيخ زايد للكتاب ـ شخصية العام الثقافية 2011، بقوله:»أرى أن الأديبين يتسمان بطيبة القلب والتواضع والاجتهاد، كما أنهما يهتمان بقدر كبير بمعاناة عامة الشعب، في أماكن مهمّشة، مع اللجوء إلى «الفن الماكر» للتعبير عن الاستنكار للظلم بدلا من التعبير العلني الصارخ، ولا يدخران جهداً في تقديم إبداع إنساني أصيل، لقد عارضا الظلم من خلال القلم، وكذلك العنف والتطرف بصورة حضارية». يقدّم مويان موضوعات أعماله في أسلوب يجمع بين المحافظة على الإيقاعات الفنية الأصيلة للأدب الصيني، والتأثر الواضح بالتيارات الأدبية الغربية، خاصة تيار الواقعية السحرية، ورائده الروائي ماركيز، وقد قارن البعض بين رواية»مئة عام من العزلة»ورواية «مو يان الموسومة بـ»الأثداء الكبيرة» التي صوّر فيها بدقة المشاهد الوحشية وجرائم الاستعمار الياباني على الشعب الصيني.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©