الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«القائد المؤسس».. فارس الرياضة ومنجزاته تخطت حدود الوطن للعالمية

«القائد المؤسس».. فارس الرياضة ومنجزاته تخطت حدود الوطن للعالمية
17 يوليو 2018 22:01
رضا سليم (دبي) «من ليس له ماض، ليس له حاضر ولا مستقبل»، مقولة كان يرددها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ،طيب الله ثراه، إلا أنها ليست مثل كل الكلمات ولا الأقوال، بل كانت نبراساً لكل الأجيال، حكيم العرب وحكيم الأمة والأب والمؤسس، وضع اللبنة للدولة وفتح الطريق ممهداً لكل الأجيال القادمة من أجل أن يسيروا على نفس النهج، ليكون النبض والرمز. وبعد 100 عام من مولده لازالت كلماته وأفعاله دستوراً لهذه الأمة التي خطت خطوات واسعة من التقدم والرقي، ويبقى «زايد» القلب النابض، وهو الموروث الذي لا ينضب. ومن أبرز السمات التي ميزت شخصية الشيخ زايد إنه كان حريصاً على أن تظل مفردات التراث حاضرة في المجتمع الإماراتي، خصوصاً تلك التي ترتبط بعادات وتقاليد وآداب متوارثة عن الآباء والأجداد مثل: رياضة الصيد بالصقور التي ارتبط بها، وكان خبيراً بأصولها وفنونها، ومرجعاً مهماً يشار إليه بالبنان في ذلك المجال. أما زايد الرياضي فكان ولايزال نبض الوطن، كان اهتمامه بالرياضة كبيراً بالمعنى المفهوم والشامل، وبصمات أيادي «زايد الخير» البيضاء واضحة على كل معلم رياضي في الدولة، فهو المؤسس الأول للمنشآت كافة التي تخص الرياضة، كما أنه الملهم الأول لكل من حققوا إنجازات لهذا الوطن الغالي، ليظل «زايد الخير» المثل الأعلى لكل أبناء هذا البلد في شتى المجالات، على رأسها الرياضة. الشيخ زايد هو الإرث الذي ننهل منه، مارس أكثر من 12 رياضة، وقلما نشاهد رؤساء دول يمتلكون هذه الملكة، لكنه حرص على ممارستها، باعتبار الرياضة أحد مظاهر الحياة الاجتماعية، وجعل منها وسيلة للتواصل مع الآخرين، وكانت له مشاهد حافلة في هذا الصدد في السبعينيات من القرن الماضي، تمثلت في ممارسته البولينج والسنوكر في نادي الضباط بأبوظبي. حظيت الحركة الرياضية والشبابية باهتمام بالغ من المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وانتشرت الأندية وتوسعت المنشآت الرياضية، وأصبح في كل إمارة أندية ومنشآت رياضية تجذب الشباب لمزاولة الألعاب الرياضية بمختلف أنواعها، واستفادت المنتخبات الوطنية من هذا التطور الكبير فبدأت المشاركات الخارجية على المستويين الخليجي والعربي أولًا، ومن ثم على المستويين الآسيوي والعالمي. ورسخ المغفور له الشيخ زايد العديد من القيم والمبادئ التي قامت وازدهرت على أساسها رياضة الوطن، حيث حافظ على رياضة تراث الأجداد، فقد كان الفقيد دائم الحرص على تنمية رياضة سباقات الهجن، وصيد الصقور وسباقات الخيول العربية الأصيلة التي اتخذت من أرض زايد طاقة نور تطل من خلالها على العالم أجمع، عندما استضافت العاصمة أبوظبي بطولة العالم للفروسية عام 1998 في واحدة من أهم الأحداث المرتبطة برياضات الخيول. وكان اهتمامه منقطع النظير برياضة صيد الصقور التي كانت إحدى أهم هواياته المفضلة، وكانت وجهة نظر الشيخ زايد تتلخص في ضرورة نشر هذه الرياضة بهدف استفادة أبناء الوطن من هذه الرياضة التي تعلم الشباب الصبر والمثابرة في الحياة بشكل عام. وشهدت الدولة العديد من الإنجازات الرياضية التي خرجت عن نطاق حدود الوطن للعالمية، في العديد من الرياضات الأخرى غير التراث الوطني، فكان الإنجاز التاريخي الذي تحقق بصعود المنتخب الوطني لنهائيات كأس العالم لكرة القدم عام 1990 التي استضافتها إيطاليا في سابقة تاريخية لم تتكرر، ومثل منتخبنا الوطني الكرة الآسيوية والعربية في هذا المحفل العالمي الكبير في ظهور للإمارات على الساحة العالمية الكروية في عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. ولم يكن إنجاز صعود منتخبنا الوطني لنهائيات كأس العالم هو الوحيد الذي تحقق في عهد المغفور له الشيخ زايد، فعلى صعيد كرة القدم حصل المنتخب الوطني على وصافة كأس آسيا التي استضافتها العاصمة أبوظبي عام 1996. وبعيداً عن كرة القدم فقد كانت هناك العديد من الإنجازات الرياضية المختلفة، على رأسها فوز محمد خليفة القبيسي ببطولة العالم للبولينج عام 1988 للمرة الأولى في تاريخ الرياضة الإماراتية على مستوى الألعاب الفردية. وكانت وجهة نظر المغفور له الشيخ زايد ثاقبة في تحديد الرؤية المستقبلية لرياضة هذا الوطن، عندما أمر بإنشاء مدينة زايد الرياضية هذا الصرح العظيم الذي جمع بين جدرانه العديد من المنشآت الرياضية العالمية، على رأسها استاد كرة القدم الذي يتسع لأكثر من 60 ألف متفرج، فضلاً عن وجود العديد من المنشآت الأخرى، من بينها مجمع البولينج العالمي الذي يستضيف العديد من البطولات الكبرى على المستويات القارية والدولية كافة منذ أن تم إنشاؤه، إضافة إلى مجمع كرة المضرب الذي أصبح وجهة للعديد من البطولات، فضلاً عن ملاعب هوكي الجليد التي تعتبر فريدة من نوعها على مستوى المنطقة. واستضافت مدينة زايد الرياضية العديد من البطولات العالمية الكبرى سواء في عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان،طيب الله ثراه، أو بعد رحيله، حيث كانت ولا زالت معلماً تاريخياً ساهمت في إسناد بطولات كبرى للعاصمة أبوظبي، على رأسها بطولة العالم للأندية التي استضافتها أبوظبي، والاستضافة الكبرى لكأس العالم للشباب عام 2003 التي أثبتت إمارات زايد من خلالها أنها قادرة على تنظيم كبرى البطولات العالمية، ومنها توالت البطولات العالمية على أرض «زايد الخير». يعود الفضل للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في تشجيع تربية الخيول بمفهومها الحديث، فبادر بتأسيس إسطبلاته الخاصة لتربية ورعاية الخيول في وقت مبكر رغبة منه في الحفاظ على السلالة الفريدة للخيول العربية، فاهتم به محلياً وعربياً وعالمياً وشجع على ملكيتها وتحسين سلالتها وقدراتها. وتضم الإسطبلات مجموعات من أفضل وأندر أنواع سلالات الخيول العربية الأصيلة من جميع أنحاء العالم، وفر «طيب الله ثراه» لها جميع مقومات الحياة فالبيئة مثالية ذات مرافق وخدمات متكاملة ومهاجع مكيفة لإيواء الخيول، وبها مساحات شاسعة من المراعي والمسطحات الخضراء بالنسبة لأفراس التوليد، حيث تجد مواليدها العشب الأخضر متوافراً طبيعياً وبكميات وفيرة. العقل السليم في الجسم السليم حرص المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ،طيب الله ثراه، على بناء الإنسان بصورة متكاملة، فلم يقتصر حرصه على الجانب التعليمي أو التثقيفي وإنما شمل الجانبين الجسدي والصحي أيضاً، فكان -طيب الله ثراه- يؤمن بأن العقل السليم لا يكون إلا في الجسم السليم. ويتضح ذلك منذ تأسيس الدولة وقيام الاتحاد، حيث تضمن التشكيل الوزاري الأول وزارة للشباب والرياضة، وكانت الدولة سباقة في هذا المجال وهو الأمر الذي يؤكد المكانة التي كانت تحتلها الرياضة في فكر الشيخ زايد وإدراكه أهميتها في تنمية شباب الوطن. وخلال فترة حكمه كان الشيخ زايد ،طيب الله ثراه، حريصاً على تشييد وإقامة المنشآت الرياضية الحديثة، ومن أهم المباني الحديثة مدينة زايد الرياضية التي شيدت في بداية الثمانينيات، وبتكلفة مالية تجاوزت نصف مليار درهم في ذلك الوقت، وهذا يدل على حجم المشروع وروعته، حيث تضمن المشروع أول ملعب كرة قدم في المنطقة يتسع لـ60 ألف متفرج. كان زايد ، طيب الله ثراه، رجلاً رياضياً من الطراز الأول، وحرص على التنويع في ممارسة هواياته الرياضية، فقد جمع الفقيد بين الحداثة والأصالة، فكان يمارس لعبة الكرة الطائرة والبولنيج والبلياردو، وعلى الجانب الآخر كان حريصاً على ممارسة الصيد بالصقور والقنص وركوب الخيل وغيرها من الرياضات التراثية، وهذا ما جعله قدوة لكل الشباب لممارسة مثل هذا النوع من الرياضات. وفي الصورة المغفور له الشيخ زايد خلال تسليمه كأس بطولة الخليج العربي السادسة لكرة القدم للمنتخب الكويتي الفائز بالبطولة، وذلك في 5 أبريل 1982م. الرياضات التراثية كان للتراث مكانة خاصة في نفس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فاهتم به وبمختلف أنواعه، خاصة الرياضات التراثية مثل الصيد بالصقور، والرياضات البحرية، والفروسية، وركوب الخيل، وتعد رياضة الصيد بالصقور من أحب الهوايات إلى قلب الشيخ زايد، حيث كان يحرص على ممارسة هذه الرياضة رغم زحام مسؤوليات الحكم ومهام الدولة، مؤمناً بأن هذه الرياضة جزء أصيل من التراث الشعبي العربي، ويجب المحافظة عليها، والعناية بها، وتشجيع الأبناء على ممارستها، وكان خبيراً بفنونها وأصولها، ومرجعاً مهماً في تاريخها وما يتعلق بها من معلومات، نظراً لأنه بدأ ممارستها من عمر 12 عاماً، وهذه الخبرة وضعها الشيخ زايد في كتابه «رياضة الصيد بالصقور» الصادر عام 1976، والذي يعد مرجعاً في هذه الرياضة. الهجن تخلد رجل التاريخ حرص القائد المؤسس، طيب الله ثراه، في مجال سباقات الهجن، على الحفاظ على الإبل لأهميتها القصوى في حياة المواطنين في السابق كأهم وسيلة نقل، ومصدر للغذاء، وكانت تمثل الارتباط بالماضي في رعاية المهرجانات والسباقات التي تقام كل عام حفاظاً على الإبل، واستمراراً لهذه الرياضة التراثية الهامة لشعب الإمارات، انتشرت ميادين السباق وزاد الإقبال على ممارسة الرياضة من الآباء والأجداد والشباب. وكانت سباقات الهجن تجرى في الماضي لإحياء مناسبات اجتماعية هامّة مثل مراسم الزواج أو المهرجانات الشعبية، وأصبحت سباقات الهجن اليوم رياضة تقليدية تمتاز بتنظيم جيد تجتذب عدداً كبيراً من الملاك والمضمرين ليس فقط داخل الدولة بل في كل دول «التعاون الخليجي». وهناك العديد من المهرجانات والجوائز التي تخلد رجل التاريخ، منها مهرجان الهجن التراثي الذي امتد إلى خارج الدولة، وهناك مهرجانات عديدة للهجن تحمل اسم فقيد الوطن تخليداً لذكراه واعترافاً بجهوده في الحفاظ على التراث ورياضة الآباء والأجداد ومن ضمنها سباقات الهجن. كما أن جائزة زايد الكبرى التي تستضيفها الوثبة تمثل تعبيراً صادقاً عن مكانة التراث في حياة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي كان يرعى سباقات الهجن ويهتم بها اهتماماً متواصلاً باعتبارها تراثاً عزيزاً على قلوب الجميع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©