الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الإسلام الذي أعرف

الإسلام الذي أعرف
7 فبراير 2016 10:42
في لقاء جمعني بأحد أهم الدعاة المسلمين الأميركيين، إنسان يجمع بين الجد والهزل، استثمر تلك الموهبة في الدعوة إلى الله فأسلم على يديه خلق كثر، إنه أميركي أبيض من تكساس، درس الكثير من الديانات، حتى قاده بحثه العلمي واحتكاكه بالمسلمين إلى الإسلام، ومن بعدها أضحى مبشراً بهذا الدين. سألته في هذا اللقاء كيف يترجم إلى الشعب الأميركي ما يقوم به الإرهابيون باسم الإسلام من جرائم وحشية، حتى بات بعضهم لا يميز بين الإسلام والإرهاب؟ استوقفتني كلمة رددها كثيراً، قال لي عندما يسألني الأميركيون من الرسميين، أو حتى من عامة الناس عن ما يقوم به هؤلاء النفر من قتل وذبح ونسف وترويع للأبرياء، يكون ردي أن الإسلام الذي أعرف لا يجيز قتل الناس! وما أعظمها من كلمة «الإسلام الذي أعرف». هذا الرجل درس الإسلام من مصادره الأساسية، وفهم من الإسلام أموراً لم يفقهها بعض المسلمين، فعندما ترجع إلى أصول هذا الدين تجده، يجمع ولا يفرق قال تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا»، بل أنكر الله تعالى على من كان قبلنا التحزب ونهانا عن ذلك فقال تعالى: «مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ». الإسلام الذي أعرف يحفظ النفس البشرية ويصونها ولا يوجد وعيد في ديننا أكبر من التهديد الوارد في التهجم على النفس البشرية قال تعالى: «مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا» وقال عليه الصلاة والسلام: (لايزال المسلم في فسحة من دينه ما لم يُصِبْ نفساً حراماً) أخرجه البخاري. وإن أردت أن ألخص الحلول الجذرية لمجريات الأمور في منطقتنا كمسلمين في كلمة لن أجد أفضل من المعرفة، الجهل الذي مر بمنطقتنا اختلط بعاطفتنا الدينية، وأصبح الشباب العربي والمسلم فريسة سهلة لجماعات وأحزاب تغنت باسم الدين، وحولت الشباب إلى متطرفين، لا يَرَوْن لغيرهم نصيباً من الحياة، التطرف هو عدو الإسلام القائم، فحصون المسلمين لن تُدك بمعول أخطر منه، إن أردنا البحث في جذور التطرف لن نجد عاملاً مؤثراً فيه أكبر من الجهل، يرتاح البعض بالبحث في أسباب أخرى مثل الظلم المنتشر، غياب الديمقراطية، العدالة الاجتماعية، وأخطر من ذلك لعب دور الضحية بتغليب نظرية المؤامرات الدولية، هذا اللحن الذي تفنن العرب في عزفه من عقود، مثل هذه العوامل لن ينكر أحد تأثيرها، لكن بيئة الجهل في تصوري ضاعفت من خطورة المِحنة التي نمر بها، ولأن الشباب العربي يبحث عن هويته الدينية وجد ضالته في الأحزاب والجماعات الدينية المنتشرة في المنطقة على اختلاف مشاربها، لأن بعض الدول قصّرت في إتاحة فرص العلم الحقيقي للباحثين عنه، بل إن بعضها منعت قنوات المعرفة الدينية الصحيحة، فلم يبق للشباب العربي إلا هذه الجماعات بشتى أطيافها. وهذه الجماعات في حقيقتها مسيسة ولها أجنداتها السرية، تلقى الشباب علمهم من الكتب وليس من صدور العلماء، مما عقد عملية خلق الوعي المعرفي لدى هؤلاء الشباب. إن غياب مصادر المعرفة الحقيقية للشباب المتحمس أسهم في ظاهرة الغلو، وعقّد معادلة التطرف في منطقتنا، والعلاج يبدأ من نفس المنطقة، من اقتنع أن الجهل عاملاً أساسياً في هذه الظاهرة، يعرف عندها من أين يبدأ. إن الشباب العربي بحاجة إلى حراك تنويري، فلا علاج للجهل إلا بالعلم، ولن يتحقق العلم إلا بالعلماء، الذين عرفوا حقيقة الإسلام ورفعوا شعار «الإسلام الذي أعرف يحارب التحزب والتطرف». د خليفة علي السويدي أكاديمي إماراتي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©